محليات

بين قوسين الوزير يطالب..!!

لعلّ المواطن يتساءل بغرابة لا تخلو من الدهشة: إذا كان الوزير يطالب بكذا وكذا..  فإلى من نلجأ لتحقيق مطالبنا؟!..
وفعلاً من يتابع تصريحات الوزراء الإعلامية وكلامهم في الاجتماعات الرسمية يكتشف بسهولة أنهم يستخدمون كثيراً الفعل “طالب”!!.
ويميل الكثير من الوزراء إلى تفضيل الفعل “دعا”،  وأحياناً الفعل “أكد” أو “شدد” في تصريحاتهم واجتماعاتهم مع مرؤوسيهم أو حواراتهم مع وسائل الإعلام!.
ومهما كانت الأفعال التي يكثر الوزراء من استعمالها، فإنها لا تخرج عن الفعل “طالب” دون أن نعرف الجهة أو الجهات التي يوجهون إليها طلباتهم!!.
وإليكم بعض الأمثلة: وزير النفط يطالب بآليات لضبط توزيع المشتقات النفطية.. طالبت وزارة العمل الجهات العامة تسديد ما يترتب عليها من اشتراكات للتأمينات الاجتماعية.. طالبت وزارة التجارة الداخلية بضبط الأسعار..  طالبت وزارة الاقتصاد التجار بعدم احتكار السلع التموينية..  أكد وزير الموارد المائية ضرورة تأمين احتياجات المواطنين من المياه.. دعا وزير الكهرباء كل العاملين بدءاً من الوزير وانتهاء بأصغر عامل ليكون الجميع استثنائيين في عملهم.. الخ!.
أما العبارة الدارجة هذه الأيام على لسان جميع الوزراء فهي: طالب الوزير..  باجتثاث الفساد!.
وبما أن الوزراء “يطالبون “..  فمن الطبيعي أن يقتدي بهم مرؤوسيهم من مرتبة مدير عام..  فيكثرون بدورهم من استخدام فعل “طالب”!!
وهكذا يجد المواطن نفسه أمام فريق حكومي من “المطالبين”، فلا يعرف الجهة المكلفة بتنفيذ مطالبه!، وكل ذلك يهون أمام ما يكشفه الوزراء عن معاناتهم مع الوزارات الأخرى وهم يوحون في تصريحاتهم وكأنّ خططهم لا تنفذ بفعل العرقلة وعدم تجاوب وتعاون الوزارات الأخرى!!.
وبالكاد نجد وزيراً لا يشكو من انعدام التنسيق مع الوزارات الأخرى إلى درجة نكاد نتوهم فيها أن الوزراء لا يحضرون الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء،  أو أن هذا المجلس لا ينعقد إلا.. إعلامياً!
السؤال هنا: إذا كان مجلس الوزراء لا يناقش المواضيع المتشابكة بين عدة وزارات ويحلّها أو يصدر قرارات ملزمة للوزراء المعنيين بها.. فماذا يفعل مجلس الوزراء؟.
ولعلّ السؤال الأهم: إذا كان الوزير حريصاً على العمل بروح الفريق الواحد ضمن وزارته، وإذا كان مجلس الوزراء يعمل أيضاً بالروحية نفسها..  فبماذا نفسّر أو نبرّر ميل الوزراء للإكثار من استخدام الفعل “طالب” أو الشكوى من انعدام التنسيق مع الوزارات الأخرى؟!.

علي عبود