الصفحة الاولىمن الاولى

"التحالف الأمريكي" يستهدف مقرات لـ "داعش" و"جبهة النصرة" و"خراسان" الخارجية: مع أي جهد دولي يصب في محاربة الإرهاب مهما كانت مسمياته موسكو: من ينفذ سيناريوهات عسكرية من جانب واحد سيتحمّل العواقب طهران: مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تشكّل أساساً لانتهاك سيادة الدول

بعد تأكيد سورية مراراً، وفي مناسبات عدة، استعدادها للتعاون في مكافحة الإرهاب، في إطار الاحترام الكامل لسيادتها الوطنية، وبعد أن وقفت مع سورية دول عدة تؤكد على ضرورة احترام ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشدد على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، تمّ الاثنين إبلاغ مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بأن الولايات المتحدة وبعض حلفائها ستقوم باستهداف تنظيم “داعش” الإرهابي في مناطق تواجده في سورية، وذلك قبل بدء الغارات بساعات، وبعد ذلك تلقى وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم رسالة من نظيره الأميركي جون كيري عبر وزير خارجية العراق يبلغه فيها أن أمريكا ستستهدف قواعد تنظيم “داعش” الإرهابي، وبعضها موجود في سورية.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان: “إن الجمهورية العربية السورية، إذ تؤكد أنها كانت وما زالت تحارب هذا التنظيم في الرقة ودير الزور وغيرهما من المناطق، فإنها لم ولن تتوقف عن محاربته، وذلك بالتعاون مع الدول المتضررة منه بشكل مباشر، وعلى رأسها العراق الشقيق، وتشدد في هذا الإطار على أن التنسيق بين البلدين مستمر، وعلى أعلى المستويات لضرب الإرهاب، كون البلدان في خندق واحد في مواجهة هذا التنظيم، تنفيذاً للقرار الدولي2170، والذي صدر بالإجماع من مجلس الأمن”.
واختتمت بيانها بالقول: إن الجمهورية العربية السورية، إذ تعلن مرة أخرى أنها مع أي جهد دولي يصب في محاربة ومكافحة الإرهاب مهما كانت مسمياته، من “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرهما، تشدد أن ذلك يجب أن يتم مع الحفاظ الكامل على حياة المدنيين الأبرياء، وتحت السيادة الوطنية ووفقاً للمواثيق الدولية.
وفي موسكو، دعت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة الأمريكية إلى ضرورة الحصول على موافقة الحكومة السورية، وليس فقط إبلاغها من جانب واحد، قبل توجيه ضربات إلى مواقع في سورية، أو اتخاذ قرار دولي بهذا الشأن.
وجاء في بيان للخارجية الروسية: “يذكّر الجانب الروسي، وفي سياق العمليات التي بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى التي تستهدف مواقع تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية، بأنه لا يمكن تنفيذ مثل هذه الخطوات إلّا في إطار القانون الدولي، ما يتطلب الحصول على موافقة من الحكومة السورية على ذلك، أو اتخاذ قرار بهذا الشأن في إطار مجلس الأمن الدولي.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال اتصال هاتفي الليلة قبل الماضية رفضه شن غارات جوية ضد إرهابيي “داعش” في سورية دون موافقة حكومتها.
وحذّر بيان الخارجية الروسية من مغبة تنفيذ سيناريوهات عسكرية أحادية الجانب، وقال: إن موسكو حذّرت مراراً من أن المبادرين لتنفيذ سيناريوهات عسكرية من جانب واحد سيتحمّلون المسؤولية الكاملة أمام القانون الدولي عن العواقب الناجمة عن تلك السيناريوهات”، وشدد على أن محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتطلب تنسيق جهود المجتمع الدولي برمته بقيادة منظمة الأمم المتحدة، محذّراً من أن “محاولات الولايات المتحدة تحقيق أهداف جيوسياسية خاصة بها عبر خرق سيادة دول المنطقة لن يؤدي إلّا للمزيد من تفاقم التوتر وزعزعة استقرار الوضع فيها”.
يُذكر أن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف دعا أمس الأول خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي جون كيري إلى ضرورة احترام سيادة سورية في الحرب ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي طهران، جددت الخارجية الإيرانية دعوتها إلى ضرورة التصدي المسؤول والشفاف والصادق للإرهاب من قبل دول العالم كافة واحترام القوانين والمبادئ المعترف بها دولياً وحقوق الشعوب في هذا المجال، مشيرة إلى أنها تتابع بحساسية ودقة بالغة الضربات الجوية الأمريكية على مناطق تواجد الإرهابيين في سورية.
وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان في تصريح له: إن إيران ستواصل مشاوراتها مع سورية وكل الأطراف الإقليمية والدولية، ومن بينها الأمم المتحدة، لبحث تداعيات الضربات الأمريكية، مجدداً الموقف الإيراني الرافض لأي عمل عسكري ضمن الأراضي السورية دون طلب الحكومة السورية والالتزام بالقوانين الدولية، لأن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تشكل أساساً لانتهاك السيادة الوطنية لدول العالم، واعتبر أن السبيل لمكافحة الإرهاب ليس في “المغامرات الهوليوودية”، لأن اعتماد الولايات المتحدة على خياراتها التدخلية السابقة هو من عوامل انتشار ظاهرة الإرهاب الحالية.
وكان عبد اللهيان أكد، في وقت سابق، عزم وتصميم بلاده على مكافحة الإرهاب، وأنها لن تنتظر قرارات التحالف الدولي الذي شكّلته الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي في هذا الشأن.
وكان طيران الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها شن غارات جوية على مقرات تنظيم “داعش” الإرهابي في محافظة الرقة، وذكر عدد من الأهالي أنه تمّ تدمير مقرات يتمركز فيها إرهابيو التنظيم في مبنى المحافظة وسط المدينة ومعسكر الطلائع وقرب المشفى الوطني وحاجز للإرهابيين عند دوار الفروسية، بالإضافة إلى مقرات وتجمعات لهم في مدينة الطبقة، وفي مدينة معدان بريف الرقة الشرقي.
كما شنت الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها عدة غارات على مقرات وتجمعات التنظيم في مدينة البوكمال وقرية السويعية في ريف دير الزور الشرقي وبلدة التبني في الريف الغربي، وذكر مصدر أهلي من مدينة البوكمال أن الغارات الجوية أدت إلى مقتل أعداد من إرهابيي التنظيم، الذين كانوا يتمركزون في الثانوية الزراعية بالمدينة وصوامع الحبوب، إضافة إلى مقتل أعداد منهم في قرية السويعية وتدمير سياراتهم.
وفي بلدة التبني لفت عدد من الأهالي إلى أن الغارات الجوية أدت إلى مقتل أعداد من إرهابيي التنظيم وتدمير آلياتهم.
وفي ريف إدلب قالت مصادر أهلية من بلدة كفردريان: إن طائرات أمريكا وشركائها استهدفت مواقع تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي، وأضافت: إن الغارات أسفرت عن إلحاق دمار كبير بالمواقع المستهدفة.
وتقع قرية كفردريان إلى الشمال من مدينة إدلب بنحو 60 كم وهي قريبة من الحدود التركية وتتبع إدارياً لمنطقة حارم.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” أن الجيش الأميركي و”شركاء” شنوا للمرة الأولى غارات على مواقع لتنظيم “داعش” الإرهابي في الرقة، بواسطة مقاتلات وقاذفات وصواريخ عابرة للقارات توماهوك، وأشار بيان المتحدث باسم البنتاغون إلى أن “قرار شن هذه الضربات اتخذ من قبل قيادة المنطقة العسكرية الوسطى بموجب إذن من الرئيس باراك أوباما.
إلى ذلك، أعلن الجيش الأمريكي أنه قصف مواقع تابعة لـ “شبكة خراسان” التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي في سورية، وأضاف في بيان: إن الولايات المتحدة تحرّكت لإجهاض هجوم كان قيد الإعداد ضد مصالحها والمصالح الغربية عبر شبكة مرتبطة بتنظيم القاعدة، تُسمى في بعض الأحيان “شبكة خراسان”، وتابع: إن الشبكة كانت تعمل على “اختبار عبوات ناسفة ومتفجرات وتطوير خطط لهجمات خارجية”، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة نفذت بمفردها العملية ضد الشبكة، التي أكد البيان أن واشنطن استهدفتها بثماني ضربات عسكرية شملت معسكرات تدريب تابعة لها ومراكز للقيادة والسيطرة وصنع المتفجرات والذخائر.
وقال بيان الجيش الأمريكي: “إن الغارات الأخرى أدت إلى إلحاق أضرار كبيرة بمواقع تنظيم “داعش” في الرقة ودير الزور والبوكمال، غير أن الأهم كان استهداف “شبكة خراسان”.
يُشار إلى أن الحديث عن “شبكة خراسان” بدأ قبل أيام فقط من خلال تصريح مدير جهاز الأمن القومي الأمريكي جيمس كلابر، الذي أشار إلى أن الشبكة العاملة في سورية والعراق قد تمثل تهديداً إضافياً للأمن الأمريكي، وذلك في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لقادة الاستخبارات.
وتشعر المصادر الأمريكية بالقلق حيال إمكانية أن يكون بعض عناصر “شبكة خراسان” قد تلقوا تدريبات على يد إبراهيم العسيري العقل المدبر لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي كاد أن يسقط لمرتين طائرات غربية باستخدام متفجرات غير اعتيادية صممها بنفسه.
وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي مايك روجرز: إن “شبكة خراسان” هي مجموعة متقدّمة من ناشطي القاعدة في الجزيرة العربية قصدت سورية من أجل التحضير لعمليات تتضمن إسقاط طائرات مدنية.
إلى ذلك أكد الأردن مشاركة طائراته في الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وشركاؤها، وقال محمد المومني وزير الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية: “هذه المشاركة تأتي كجزء من القضاء على الإرهاب”.