ثقافة

الدراما السورية في غرفة العناية الفائقة.. وورشة عمل إنقاذية برعاية الحكومة السورية والمؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني

“مستقبل الدراما السورية– الاستحقاقات والاحتياجات على ضفتي الاستجابة”.. عنوان ورشة العمل التي أقامتها المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، برعاية رسمية من وزارة الإعلام، ودعت إليها صُناع الدراما السورية من مخرجين وممثلين وكتاب وموسيقيين وإعلاميين من مختلف التوجهات والمشارب الفكرية والفنية، لمناقشة الحال المتردي الذي وصلت إليه الدراما السورية، والعمل على إيجاد صيغ وحلول إسعافية تحاول على المدى القريب إخراج الدراما التلفزيونية من المستنقع الآسن الذي تتخبط في وحوله، تمهيداً لوضع خطط مستقبلية مختلفة في الشكل والمضمون عن سابقاتها، لضمان عدم انتكاسة حال الدراما السورية مرة أخرى، في حال عادت لها العافية.

الدراما السورية تشخيص ورؤى
ما كان يُقال بالأمس بشيء من المواربة عن الواقع المزري والمخزي للدراما التلفزيونية المحلية، أعلنته جهاراً “ديانا جبور” المدير العام للمؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، في كلمتها الافتتاحية لأعمال الورشة: “الدراما السورية ليست بخير” الأمر الذي بات المشاهد السوري والعربي على حد سواء يدركه، فبعد أن دخلت الأعمال التلفزيونية السورية كل بيت من المحيط إلى الخليج، وقدمت خطاباً فكرياً وثقافياً واجتماعياً رفيعاً جعلها تكسب لعقود خلت ودّ المتفرجين بمختلف شرائحهم العمرية، صارت ضيفاً مشكوكاً بنواياه الأخلاقية: “لا أستطيع أن أترك أولادي يتابعون المسلسلات السورية” هذا ما قالته سيدة رأت في العديد من هذه المسلسلات ما  هو غير مقبول أخلاقياً، عدا عن العديد من المقالات النقدية التي نشرت في صحف محلية وعربية، تناولت التدهور الأخلاقي الخطير الذي أصاب دراما عريقة كالدراما السورية.
أما ما أجمع عليه صناع الدراما التلفزيونية في الورشة فهو أن درامانا دخلت غرفة العناية المشددة، إنها تَحتضر بعد أن اطمأنت زمناً طويلاً لنبضات قلبها المعافاة، وما كان السوريون يعتبرونه حتى الأمس القريب صناعتهم الثقيلة التي صدروها إلى العالم العربي ونافست بل سبقت بأشواط عديدة أعرق الدرامات العربية كالدراما المصرية، صارت اليوم في أفضل حالاتها خليطاً مشوهاً بلا سمات وملامح تبين هويتها.

الخطاب الحكومي وأزمة الدراما
الواقع المزري لحال الدراما السورية، ليس بالغائب عن بال الحكومة السورية المنهمكة،  بفعل الحرب الدائرة أوارها على بعد كيلو مترات قليلة من مكان انعقاد الورشة، بالكثير من المعضلات اليومية العويصة، والتي تبدو أمامها مناقشة مشكلة أزمة الدراما السورية ترفاً ما بعده ترف.
إذ جاءت الحكومة لتقدم دعمها لأعمال الورشة ولتعرض وجهة نظرها متمثلة بوزير الإعلام “عمران الزعبي” الذي أكد أنه مكلّف شخصياً من قبل القيادة السورية بمتابعة هذا الملف، وأن القيادة السورية تنتظر من المجتمعين أن يخلصوا إلى تحديد الأولويات الضرورية التي بإمكانها تحسين واقع الدراما والعمل على الارتقاء بمضامينها الفكرية والاجتماعية والثقافية.
الزعبي  قال في كلمته الترحيبية بالمجتمعين، بعد أن أزاح بلغته المرحة عبئاً ثقيلاً عن كاهل بعض من حضر من ممثلين وفنانين قرروا السفر خارج البلاد والعمل تحت مظلات إنتاجية لها ما لها من أجندات سياسية، عملت منذ بدء الأزمة السورية على زيادة الفرقة والانقسام السوري، وذلك بإنتاجها للعديد من الأعمال الدرامية السورية الشكل، إن كان من جهة الإخراج والتمثيل وحتى السيناريو، والمفارقة بالمضمون والرسالة لطبيعة الدراما السورية ومنظومتها الأخلاقية والتربوية والوطنية: “الحكومة تعرف جيداً جزءاً من هموم الدراما وليس كل همومها” متمنياً على المجتمعين أن يخرجوا ببرنامج كامل تُحدد فيه بدقة مكامن ضعف الدراما السورية والتوصيات والاقتراحات التي ستقدم للحكومة ليبنى عليها: “يجب ألّا نخرج من هذه الورشة خاليي الوفاض وما تأمله الحكومة أن تخرج هذه الورشة بتوصيات واضحة ومعقولة وقابلة للتنفيذ”.
كما لم يفت “الزعبي” أن يؤكد على الطبيعة الشديدة العدائية التي تنتهجها تلك الشركات الممولة تبعاً لمصدر التمويل وسياسته التي ينتهجها حيال الأزمة السورية: “بعض الاخوة العرب الذين تعاملوا مع الدراما السورية لم يكن تعاملهم أخلاقياً بل مادياً وتجارياً مع فارق واضح في الهدف والهوية الوطنية والقومية، حيث تم استدراج الدراما السورية إلى أماكن ومواقع في الإنتاج والتسويق والنص والسيناريو كان يجب ألا تذهب إليها وهي أماكن لا تتوافق مع هويتنا وقضايانا الاجتماعية والسياسية”.
هذا التفصيل الذي طرحه “الزعبي” في كلمته الافتتاحية لورشة العمل، سيكون واحداً من أخطر المشاكل والأسباب التي تسببت في الزهايمر الشديد البأس الذي أصاب درامانا المحلية، إلا أن خطوطاً بينة ومحسومة طرحها وزير الإعلام في رؤية الحكومة لما ينبغي على صُناع الدراما أن يلتزموا به، فالبلد الذي يحاربه العالم في هويته الفكرية والثقافية أيضاً منذ أربع سنوات دون أن يقدم تنازلاً واحداً، لن يقبل إلا بأن تكون الثوابت الوطنية السورية هي الخط الذي لا يحق لأحد أن يتجاوزه “نحن موجودون بمنطق ثقل الحياة، وهذا منطق رجال ونساء وأطفال سورية وأنتم خير من يعرف ذلك”.

ورشة الإنقاذ.. مثلث بأضلاع غائبة
ورشة العمل الإنقاذية هذه غابت عنها في يومها الأول بشكل غير مبرر وغير مفهوم نقابة الفنانين، رغم وجود كرسي شاغر حمل اسم نقيبة الفنانين فقط “فادية خطاب”، الأمر الذي غمز من قناته في اليوم الأول من الورشة، باستغراب وتعجب الفنان زهير رمضان، إحدى الشخصيات المشاركة في مناقشة واقع وحال الدراما السورية اليوم، ليرد عليه المخرج أسعد عيد في اليوم الثاني من أعمال الورشة، بأن النقابة لم تتم دعوتها، الأمر الذي نفته “ديانا جبور” المدير العام لمؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني.
وبغض النظر عن حقيقة السجال الذي دار بين “عيد” ممثل النقابة في الورشة وبين العديد من الحضور، فإنه يدل فيما يدل على الهوة السحيقة التي تفصل بين الفنانين السوريين ونقابتهم، ويبين طبيعة الآلية التي تفكر بها عقول تلك المؤسسات، إنها تتنافس لا على الجودة بل على الخراب.
إلا أن غياب نقابة الفنانين لم يكن الهنة الوحيدة التي عانت منها ورشة العمل الدرامي هذه، فغياب وزارة الثقافة بشكل رسمي عن أعمال الندوة يشير إلى حقيقة خطيرة، وهي أننا ما نزال نتعامل مع الدراما كشأن غير ثقافي، وفي الواقع أن أعراض المرض الخطير الذي ابتليت به الدراما السورية، بدأت بالظهور عليها مذ تخلى صُناعها عن القيمة الثقافية والفكرية التي كان لها كبير الأثر في متابعة ملايين المشاهدين لها، فالجمهور الذي عشق “أخوة التراب” مثلاً بمضامينه الوطنية والفكرية والإنسانية التي حملها، لن يرضيه بالتأكيد “صرخة روح” مثلاً أيضاً بما قدمه من سفاح قربى وخيانات زوجية شنيعة، ليكون هجر درامانا المحلية  لدورها التنويري وتخليها عن قيمها تحت ضغط المال النفطي ورغبته برؤية الممثلات السوريات شبه عاريات على شاشاته، هو واحد من أهم الأسباب التي أوصلت واقع الدراما السورية إلى ما هو عليه الآن. كما أن غياب مناقشة السينما والمسرح وواقع حالهما المزري عن ورشة العمل، يشي بأن صناع الدراما السورية بأنواعها “مسرح، تلفزيون، سينما” لا يعتبرون بأن السينما والمسرح هما دراما أيضاً، ولا يعون أن لا نهضة لهذا المثلث “تلفزيون –مسرح- سينما” طالما أن المسرح شبه ميت والسينما تعيش بأوهام عميقة وخاصة.
محاور الورشة
أربعة محاور طرحتها الورشة الإنقاذية لتكون بمثابة خطة طريق مبدئية، يتم من خلالها رصد مكامن الخلل فيما تعانيه الدراما السورية اليوم، ومعرفة أسبابه البعيدة والقريبة للعمل على الخروج بمجموعة من التوصيات والاقتراحات التي قد تساعد في إعادة ضخ الدم الصحي في جسم تلك السيدة الستينية التي جنت هرموناتها واحتشدت التجاعيد على جبهتها ووجهها بما لا تنفع معه بأي حال من الأحوال حقن البوتكس أو النفخ السيلكوني.
أما المحاور فقد توزعت على يومي الورشة، حيث حمل اليوم الأول منها العناوين التالية: العقبات التي اعترضت الدراما السورية وأعاقت تقدمها وتكاملها، والسلبيات التي وسمت المنتج الدرامي في الفترة الأخيرة الرسائل، القيم التي يفترض ويمكن للدراما السورية أن تروج لها، وحمل اليوم الثاني من أعمال الورشة: الاقتراحات الكفيلة بدعم الدراما السورية لتصبح أوسع حضوراً وأعمق تأثيراً. وسنمر على المحور الأول والمحور الأخير لأهميتهما.

العقبات التي اعترضت الدراما السورية
نقاشات متنوعة تضمنها هذا المحور، فالحديث عن العقبات التي اعترضت الدراما السورية وأعاقت تقدمها وتكاملها، تشعبت محاوره بين من يرى بأن الاستسهال والخفة في التعامل مع الطروحات الدرامية كانا من أهم العقبات التي سببت انتكاسة هذا المنتج، وبين من يرى بأن واقع الحال السوري اليوم قد أرخى بظلاله العميقة على الخيارات الدرامية التي ذهب أصحابها نحو إرضاء المال المنتج دون العناية بالقيم الأخلاقية والفكرية والاجتماعية التي حكمت لعقود تطور الدراما ونظمت إيقاعها، ومن يرى بأن وجود دخلاء على هذه المهنة بمختلف اختصاصاتها  جعلها مكشوفة بلا رحمة وعرضة للانتهاك من قبل كل من هب ودب، فغياب الضوابط والتشريعات التي تنظم عمل المشتغلين بها من منتجين وممثلين وفنيين، أدى إلى فتح الباب على مصراعيه لكل من يملك رأس مال ليتاجر بالدراما السورية وفق منطق إنتاجي تجاري بحت غير معني بالنوع بقدر ما يعنيه الكم، وهذا ما أكد عليه السيناريست السوري “حسن م يوسف” في مداخلته “عندما تفرض التجارة قوانينها، فمن الطبيعي أن تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة”.

الاقتراحات الكفيلة بدعم الدراما السورية
خُصص اليوم الثاني من أعمال الورشة للاقتراحات الكفيلة بدعم الدراما السورية لتصبح أوسع حضوراً وأعمق تأثيراً، إضافة إلى وضع الصيغة النهائية لخلاصة الورشة. وجاءت التوصيات على الشكل التالي:
الجانب الفكري والرسائل المتوخاة
أشير في هذا الجانب إلى ضرورة تقديم أعمال تترجم الثقافة السورية بكل سماتها وخصائصها وفي مقدمتها الاعتدال بعيداً عن التطرف والتعصب، والاقتراب من الشارع السوري أكثر، وملامسة قضاياه الملحة بشكل جدي. إضافة إلى جذب جمهور الأطفال ليشاهد ما يجري حولنا من وجهة نظر مختلفة عما يراها في الخارج.
أيضاً تم التأكيد على تشكيل لجنة دائمة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من خريجي علم الاجتماع والتربية وعلم النفس وأحد المختصين الدراميين كالمخرجين مهمتها مراجعة المسلسلات وتحديد الفئة العمرية التي ينصح بأن تتابع كل عمل بحيث لا يسمح بعرض أي عمل دون أن يكون في زاوية الشاشة العمر الذي ينصح به، وإعادة إعمار الإنسان السوري بإعادة ترميم التصدع الذي أصاب النفوس والعلاقات الاجتماعية والعيش الواحد والدراما السورية هي من أهم الوسائل السلسة للتأثير على المشاهد السوري فيجب توظيفها بالمرحلة الحالية لهذا الهدف النبيل.

الجانب الاجتماعي
أقر في هذا الجانب ضرورة إنشاء ملتقى للدراميين السوريين يقدم نشاطات متعددة من معارض أو لقاءات وورشات عمل مصغرة دائماً.

الجانب الإعلامي
وتضمن هذا الجانب تشجيع الفضائيات الخاصة لتستقطب المسلسلات الدرامية على أن يكون منتجها وبرامجها درامية صرفة وليس مجرد مسلسلات ودبلجة، وتشجيع فضائيات خاصة محلية تفرض التنافس وتستقطب منتجات درامية. إضافة إلى إنشاء موقع إلكتروني (ومطبوعة إن كان ذلك ممكناً) تناقش الأعمال الدرامية نصاً ومشهداً وأخباراً تتجاوز المحاباة وتذهب نحو التفكيك الحقيقي للعمل الدرامي يكون بعيداً عن الصحف الرسمية ويكتب فيها متخصصون ونقاد. وكذلك إنشاء “قاعدة بيانات” كاملة لكل الأعضاء تتم تغذيتها بشكل دائم من أرشيف وصور وأعمال ومقاطع للأعمال الفنية تكون مرجعاً ومادة للصحافة كافة.

الجانب الرقابي
في هذا الجانب اتفق على إنشاء لجنة عليا -تتبدل-  للتقييم الفكري والفني والهندسي في القطاع الخاص والعام مهامها بالدرجة الأولى وضع خطة مستقبلية بما يتوافق مع سياسة الدولة وتطور المجتمع، وإعادة هيكلة آلية الرقابة بحيث تحتكم لفكر رقابي مؤسساتي وليس لمزاجية الرقيب، كما تتولى لجنة التقييم الفكري ذاتها مشاهدة الأعمال المنتجة وتقدير قيمتها الفنية، عبر إيجاد آلية موحدة جديدة للتقييم بحيث يتمكن الكاتب من مناقشة اللجنة في مرحلة تقييم النص والمخرج في مرحلة تقييم المشاهدة.

الجانب التنظيمي
تضمن هذا الجانب فكرة إنشاء مجلس أعلى للدراما تشارك فيه شخصيات مستقلة وكل الجهات الفاعلة بما فيها مؤسسة الإنتاج، لجنة صناعة السينما والتلفزيون، ونقابة الفنانين،  مهمته وضع نظام داخلي لعملية الإنتاج الدرامي يضمن وجود خبراء يضبطون عمل شركات القطاع الخاص، كما ينسق بين مشاريع الإنتاج لضمان السوية وعدم التكرار. وتأسيس مرجعية توزيع من لجنة صناعة السينما والتلفزيون وبعض شركات الإنتاج المحلية ذات الخبرة في المجال بالإضافة إلى شركة توزيع عربية تتميز بتعاملها مع المحطات العربية. أيضاً التأمين على حياة وصحة أي من العاملين في العمل الفني. وإقرار جوائز دولة تشجيعية لصناع الدراما كخطوة أولى تسبق المهرجان التلفزيوني السنوي. مع الاعتبار لحماية حقوق الفنانين والفنيين من خلال فرض صيغة العقد المعتمد في نقابة الفنانين على كافة جهات الإنتاج ويكون لهذا العقد ثلاث نسخ واحدة مع الفنان أو الفني والثانية مع شركة الإنتاج والثالثة مع نقابة الفنانين. وإيجاد صيغة لتفعيل دور خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بما فيها قسم التقنيات لرفد الوسط الفني بتقنيين وفنيين أكاديميين. وتوحيد صيغة عقود التنازل والشراء لكافة الشركات الخاصة من أجل حماية حقوق المؤلف. وإنشاء اتحاد للمنتجين والموزعين يضع آليات إنتاج وضوابط توزيع ضمن معايير الربح وعدم المضاربة، ومركز استطلاعات الرأي حول الدراما لرسم ملامح وتوجهات الرأي العام السوري والعربي إن أمكن. إضافة لتطوير مهام نقابة الفنانين ونظام عضويتها أو إنشاء نقابة المهن الدرامية.

الجانب التمويلي
ولعل هذا الجانب هو الأبرز والأهم حيث تقرر إنشاء صندوق دعم تابع للمجلس الأعلى يقدم إنتاج دراما نوعية ومتميزة. ودعم الكتاب وتأمين  إمكانية التفرغ من خلال استكتابهم حول موضوعات معينة مما يمكن المجلس من التدخل إيجابياً في توجيه الإنتاج. وإحداث هيئة من المنتجين والاقتصاديين المتميزين ومديري المؤسسات الفنية مهمتها البحث في مصادر التمويل. والعمل على تشجيع وترويج الإنتاج الدرامي خارج الموسم الرمضاني والطلب إلى وزارة الإعلام إعفاء شركات الإعلان التي تروج داخلياً وخارجياً للمنتج الدرامي السوري المنتج داخل سورية من رسوم المؤسسة العربية للإعلان. ودعم المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي مادياً ورفع موازنتها بما يتناسب مع زيادة عملية الإنتاج. مع تطوير القاعدة التقنية الفنية من خلال شراء كاميرات حديثة وجزر مونتاج وبرامج غرافيك بما يتناسب مع تطوير الصورة البصرية لتنافس مع ما يعرض على شاشات المحطات العربية الأخرى.

الجانب الأكاديمي
وانطلاقاً من أهمية هذا الجانب تقررت إضافة مادة كتابة السيناريو التلفزيوني ومادة الكتابة السينمائية إلى مواد المعهد العالي للفنون المسرحية. وإقامة ورشات عمل خاصة تخص كل جهة معنية بالدراما (منتجون، ممثلون، فنيون، كتاب، هندسة ديكور….) والاهتمام بثقافة الاستبيان الأكاديمي لتقييم الأعمال في مواجهة اللقاءات التلفزيونية التي تختار أشخاصاً بشكل عشوائي. مع إقامة دورات مرة كل ثلاثة أشهر لكتاب السيناريو الجدد لتأهيل دفعة جديدة من الجيل الجديد من الكتاب يشرف على الدورة مجموعة من الكتاب المكرسين في المشهد الدرامي إضافة إلى نقاد لهم حضورهم وأهميتهم وترعى هذه الدورة وزارة الإعلام وتشرف عليها مؤسسة الإنتاج التلفزيوني إلى جانب شراكة مع من تجده كفؤاً من أساتذة النقد والأدب. والعمل على افتتاح مراكز تدريب وتأهيل خاصة بالمهن الدرامية.

أزمة الدراما السورية تسويقية
وعلى هامش أعمال الورشة كان للبعث وقفة مع بعض الفنانين والكتاب للوقوف على رأيهم بإمكانية أن تقدم هذه الورشة حلولاً عملية لازمة الدراما السورية. والبداية كانت مع الكاتب محمود عبد الكريم الذي عبّر عن رأيه في ورشة العمل وقدرتها على إيجاد حل منجز وفعال لأزمة الدراما السورية بقوله:
أعتقد أن الأزمة الحقيقية للدراما السورية هي أزمة تسويق، وهذه الأزمة كما صار معروفاً سببها سياسي، والأزمات السياسية قد تطول وقد تقصر، لهذا لا يمكننا الانتظار لنهاية الأزمة التي تمر بها البلاد لتعالج المشاكل الجمة التي تعاني منها درامانا ومنها المشكلة التسويقية. وآلية تسويق الأعمال الدرامية التي كنا ننتجها سابقاً، هو أمر مستحيل وفق معايير هذه الأيام، يجب علينا الآن أن نسوق ثقافتنا، بغض النظر عن من يعرضها أو لا، وبرأيي أهم ما يجب علينا القيام به الآن في أعمالنا الدرامية، هو فضح وتعرية وشرح الإرهاب الديني المتطرف الذي نعاني من ويلاته الآن ومن أسف لم نر عملاً واحداً يقوم بهذه المهمة.

لست متفائلاًً
وعبر الفنان عارف الطويل عن عدم تفاؤله إذ قال: بداية أنا كسوري يؤلمني جداً ما يحدث في بلدي، وكدرامي أيضاً يحز في نفسي ما يحدث بالدراما السورية التي عرفت بتألقها على مستوى كل الدراما العربية قبل سنوات / لكن أن يتم شراء بعض الأعمال السورية واستجرارها إلى الخارج لتصوير أعمال باللهجة السورية، لكنها تحمل رسائل سياسية تدخل في الحرب على سورية، والجهة التي تحارب سورية استثمرت هذا النجاح للدراما السورية، ليكون سلاحاً مضاداً للمجتمع السوري للأسف، بالمقابل الدراما السورية المحلية الصنع، ضعفت بشكل كبير حتى أننا صرنا نشاهد الدراما الخليجية والمصرية أقوى منها، لذا من الواجب أن نبحث في أسباب هذا التسيب، هل هو من الجهات الرقابية، التي أجازت هذه الأعمال لعرضها على شاشتنا الوطنية، كما يجب إعادة النظر بالإدارة التي تدير مفاصل صناعة الدراما في القطاع العام الرقابية وغير الرقابية، يجب تغييرها أو تصويبها، والعمل على وضع قانون ملزم ينظم آلية العملية الإنتاجية، بحيث لا يحق لأي مخرج أن يتصدى لأي عمل ما لم يكن مخرجاً بمعنى الكلمة، ولا يحق لأي نص أن يتحول إلى عمل تلفزيوني ما لم يكن هذا النص جديراً بسمعة الدراما السورية، التي هي الآن بوضع لا يحتمل المجاملة، فالعمل السيئ والمسيء إلى أخلاقنا ومبادئنا الوطنية والأخلاقية لا يجوز أن يعرض على شاشتنا الوطنية مهما كانت الظروف.
وعن رأيه بالورشة إن كانت قادرة على الخروج بنتائج تعيد التألق  للدراما التلفزيونية السورية قال “الطويل”: دعني أبقى متفائلاً حتى نرى ما ستتمخض عنه هذه الورشة، التي يجب أن تخرج بتوصيات واضحة، ودعنا نرى مدى التزام الجهات المعنية بهذه التوصيات، عندها يمكننا الحكم، ولكن بصراحة لست متفائلاً كفاية إذا لم يحدث تغييراً جذرياً في مفاصل الدراما السورية وهيكلية القيمين عليها.

تمام علي بركات