ثقافة

الفن للجميع.. بعيداً عن قيد المكان وصالات العرض

ناصر نبعة: سورية الشمس ستستمر
وبي: عملنا هدية لبلدنا
قبل عدة أشهر كان جدار مدرسة نهلة زيدان في منطقة المزة شأنه شأن أي جدار عادي لايلفت النظر، لكن من يمر الآن في المكان يراه مختلفاً فلابد لكل إنسان أن يتوقف ويتأمله بعد أن تحول إلى لوحة فنية عملاقة كانت ثمرة عمل فريق مخلص يتألف الفريق من عدة فنانين من مدرسي الفنون تحت إشراف وزارة التربية وهم رجاء وصفاء وبي وعلي سليمان وجوزيف عطري وناصر نبعة يتقدمهم الفنان موفق مخول. ويتابع هذا الفريق عمله في تزيين الجدار الداخلي لمدرسة نهلة زيدان بعد أن أنهى الجدار الخارجي الذي أصبح يمثل لوحة فنية دخل الفريق على إثرها موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وفي زيارتنا للمكان التقينا كلاً من الفنانين ناصر نبعة ورجاء وبي أثناء عملهما، حيث حدثنا الفنان نبعة عن اللوحة الأولى التي أنجزها الفريق في منطقة التجارة، مؤكداً أنها بمساحة 1200 متر، وقد تم إنجازها بشكل كامل بالاعتماد على مواد بيئية صناعية من حديد وسيراميك وحجارة وصحون وفناجين وزجاج. وأضاف نبعة: أعدنا ترتيب هذه المواد لنشكل منها تشكيلاً فنياً وقمنا بإنشاء المركز التربوي للفنون التشكيلية بجوار مدرسة بسام حمشو في منطقة التجارة لإقامة دورات مجانية في الرسم والنحت والخط والمنظور والدورات موجهة لطلاب كليتي العمارة والفنون ولكل من يرغب من عمر أربع سنوات حتى السبعين حتى، وإن لم يمتلك الموهبة، وقد كان الإقبال على الدورات كبيراً والهدف الذي نسعى إليه هو نقل المعرفة وعندما يصبح الطالب في موقع المسؤولية يوماً ما سينقل تلك المعرفة بدوره لآخرين وهكذا.
والعمل الثاني الذي حدثنا عنه نبعة لوحة على جدار مدرسة نهلة زيدان بمساحة 1100 متر تقريباً مع الكراسي والجدران وسور المدرسة، وهنا أكد نبعة أن الفريق جهد ليربط بين اللوحة وجبل قاسيون، فمن يقف في مفرق الإسكان وينظر بالعين المجردة إلى قمة اللوحة يرى قمة جبل قاسيون الشامخ.

التجهيز لإقامة دورات
ويجهز الفريق في هذه الفترة كما أخبرنا نبعة لإقامة دورات مجانية في الرسم والنحت والخط في مدرسة نهلة زيدان وهي مكان قريب من معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية ومعهد الفنون النسوية والمدارس الثانوية المتواجدة في منطقة المزة.
وبالعودة إلى اللوحات التي تم إنجازها والتي أدخلت إحداها الفريق كتاب غينس قال نبعة: تم التعاون بين الفريق ووزارة التربية وقد قدم لنا وزير التربية د. هزوان الوز كل التسهيلات.
وهناك جانب مهم ذكره نبعة وهو مشاركة الأهالي والطلاب في تقديم المواد فقد أحضروا الزجاجات والصحون والأكواب التالفة من منازلهم ليشاركونا وأصبح سكان المنطقة بدل أن يرموا زجاجات العصير أو الكولا في الشارع يتركونها لنا بجانب الجدار لنستخدمها في عملنا من هنا يمكن أن نقول إننا قدمنا رسالة إنسانية مهمة لأبناء وطننا.
وعن الصعوبات التي تعترض سبيل العمل قال نبعة: لم يكن هدفنا من العمل دخول كتاب غينيس بل أردنا تقديم لوحة لكل الناس فعملنا وشاءت الأقدار أن ندخل غينيس في شباط 2014 لكننا لم نحصل على أي تقدير أو مكافأة لامادية ولا معنوية، وتمويلنا تمدنا به وزارة التربية فقط التي رعت العمل، ولم نلق أي تشجيع من أي شخصية سورية، ولم يزرنا أي مسؤول فقط د. هزوان الوز راعي المشروع، ونحن الآن بحاجة للمواد الأولية.
ويتابع نبعة: قدمنا عبر عملنا الفن لعامة الناس لأن المعارض تقام في صالات العرض وبتوقيت محدد، لكن هنا الفن للناس في الشارع وكل من يمر في المكان يتوقف ليتفرج أو ليلتقط الصور التذكارية، وهذا دافع لنا لنستمر كفريق عمل يكمل بعضه، حتى وإن لم نلق التشجيع من أحد. وعن مشاركاته في معرض الخريف حدثنا نبعة عن مشاركتين سابقتين وبأنه يشتغل العجمي اللوحات الزخرفية التي تعتمد على التكرار والتناظر والتقابل في الألوان والأشكال وهو يشجع الطلاب على الحرية في تشكيل العمل الفني.
وعن الفترة التي سيستمر فيها الفريق بعمله أجاب نبعة: سنستمر لأن سورية هي الشمس التي لايمكن أن تغيب ونحن عناصر فريق الشمس ولن نتوقف مهما كانت الظروف ولن نتوقف عن العطاء لبلدنا الذي أعطانا الكثير، وما نقدمه له هو جزء من رد الجميل.

عملنا طوعي وهدية لبلدنا
وفي وقفة مع الفنانة رجاء وبي من الفريق حدثتنا عن “الجدارية” مؤكدة أن سر اللوحة التي أدخلت الفريق غينس أنها من نفايات البيئة وعبارة عن مود تالفة ماتت وعادت للحياة بطريقة فنية تجريدية. وأضافت: حاولنا أن ندخل كل شيء أي نفايات بيئية صلبة من معدن وزجاج وسيراميك وابتعدنا قدر الإمكان عن البلاستيك كونه يضر البيئة ويمكن أن تبقى اللوحة أكثر من 70 عاماً لأنها لا تتأثر بعوامل الجو بسبب طبيعة المواد المستخدمة. وعن رسالة العمل قالت وبي: يتضمن العمل مجموعة رسائل للناس في مقدمتها التربوية من خلال تعليم الناس كيفية الاستفادة من نفايات البيئة، أيضاً هناك تأكيد على العمل الجماعي وأهمية التعاون بين الطلاب الذين شاركوا في جمع المواد والعمل، والأجمل أن اللوحة حركت كل الشارع ولم تقتصر على المثقفين، فقد أصبحت بمثابة معرض دائم ومعلم سياحي، وهي أولاً وأخيراً كانت ثمرة عمل تطوعي وهدية لوطننا.
جلال نديم صالح