ثقافة

المسرح العمالي العائد بعد غياب

لا تختلف المسيرة التاريخية لحركة المسرح العمالي كثيراً عن نظيرتها في المسرحين الشبيبي والجامعي، إذ ثمة عوامل مشتركة تجمع بين هذه المسارح الثلاثة من حيث كونها شهدت فترات تألق وازدهار وفترات تراجع لأسباب غالباً ما كانت موضوعية كفترة الانقطاع الأخيرة المستمرة منذ العام 2011 والتي امتدت حتى الثامن والعشرين من أيلول الماضي عندما تمّ الإعلان عن عودة المسرح العمالي إلى جمهوره وجمهور المسرح عامةً من خلال مسرحية “الطوفان” التي أخرجها الفنان سهيل عقلة في ثاني تجاربه الإخراجية لفرقة المسرح العمالي بدمشق بعد مسرحية “نور العيون” التي قدمها منذ أكثر من خمس سنوات والتي عُرِضت في دمشق وحلب.
والواقع أن عودة المسرح العمالي إلى الحياة من جديد لا تعني فقط عودة لنشاط ثقافي-فني في منظمة شعبية بل تعني أيضاً إصراراً من كل العاملين بالشأن الثقافي العمالي على عودة الروح إلى مرفق هام من مرافق النشاط العمالي، وبالتحديد مكتب الثقافة والإعلام في اتحاد عمال دمشق بإدارة السيدة إنعام المصري، هذا المكتب الذي أخذ على عاتقه هذه المبادرة ونقلها من حيز الحلم إلى حيز الفعل، وهو تحرك يستحق عليه اتحاد نقابات العمال عموماً التحية لأنه أتى في ظروف يعتقد فيها كثيرون أنه لا مجال اليوم للتفكير بالعمل الثقافي وأن هناك أولويات تفرض ذاتها على طبيعة عمل المنظمات الشعبية، وهذا –كما أرى- تفكير محدود لأن الثقافة كانت دائماً هي المتراس الأول في الدفاع عن الأوطان ضد كل التحديات التي تتعرض لها، فكيف الأمر ووطننا اليوم يتعرض لأبشع حملة إرهابية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً؟
من هنا تبرز أهمية إعادة تأهيل خشبة مسرح العمال الكائنة في اتحاد نقابات العمال لتستوعب عروض المسرح العمالي تمهيداً لإعادة الحياة إلى مهرجان المسرح العمالي الذي عقد آخر دوراته في العام 2010 والذي وإن حالت ظروف ما دون إقامته على مدى السنوات الأخيرة إلا أن عودته اليوم إلى الحياة تبدو أكثر من ضرورية كي نثبت للجميع أننا شعب مثقف وحضاريّ ولا يمكن أن نستغني عن مظاهر مدنيتنا وحضارتنا مهما فعلوا.
ولاتفوتنا الإشارة إلى الدور المتميز الذي لعبته مديرية المسارح والموسيقا في إتاحتها المجال أمام فرقة المسرح العمالي لتقديم أعمالها على مسارح المديرية وهو الأمر الذي تكرر في السنوات الأخيرة أكثر من مرة، كان آخرها في مسرحية “الطوفان” التي اختتمت عروضها على مسرح الحمراء بدمشق قبل أيام قليلة.. هذا التعاون يؤكد أن مديرية المسارح لا تدخر جهداً في سبيل توفير كل ما من شأنه النهوض بالحركة المسرحية السورية بكافة مساراتها وأقانيمها.
أمينة عباس