محليات

بين قوسين عافية الضريبة

لا يمكن إنكار أن للمؤسّسات والأجهزة الحكومية انتصاراتها التي تشهد عليها معارك التشغيل والإنتاج وتقديم الخدمة، فالتحدي الذي سطّرته مواقع العمل بكافة قطاعاتها كانت كفيلة بتقديم نموذج “ممانع” من الشركات والمديريات التصنيعية والإدارية والخدمية، حاربت في سبيل الإبقاء على القطاع العام والخاص بما يضمن بقاء وديمومة “الدولة وموارد المواطن”.
الصفحة الجديدة التي كشفت عنها أوجه الاستمرار والنشاط المكتنز بالجدوى والريعية كانت بالإنجاز الذي نسبته وزارة المالية لمديرياتها، ولاسيما تلك المتخصّصة بتحصيل الإيرادات والضرائب لتعلن بعض المؤشرات التي تشي بأن عافية بدأت تستعيدها المديريات المالية عبر إنتاج الإيرادات بنسب وعوائد تعاظمت أكثر بكثير من الأعوام الماضية من عمر الأزمة، وهذا مالا يمكن تمريره مرور الكرام في معرض التعاطي الإعلامي مع الأحداث، ولاسيما أن رهانات كبيرة وكثيرة عقدت بحق إمكانية انتصار المؤسسة الحكومية “المدنية” تحديداً لتكشف الأيام والتجارب أن قدم الأخيرة جنباً إلى جنب مع قدم المؤسسة العسكرية صاحبة الكلمة في الميادين!.
ولأن محاولات جمّة استهدفت قطاع التحصيل لم توفر سلاحاً تقليدياً أو فتاكاً من التحريض على مقاطعة السداد ودفع الفواتير وإدارة الظهر لدوائر الضريبة والتكليف تهرباً وتملصاً ومعاداة وكلها فشلت وأخفقت، فإن الخبر غير العادي الذي يستلزم الاشتغال بحسّ عالٍ من المسؤولية المهنية لتسويقه ونشره يتجلى بعودة الثقة والأمان والاستقرار للإيرادات الضريبية التي تحسّنت وسجلت مبالغ أكبر تصل لمئات المليارات، كما تؤكد مصادر لها صلة بدهاليز العمل المالي في الحكومة، وفي التفاصيل فإن المفاجأة كانت بارتفاع تحصيلات حلب بأرقام ليست بالهينة، وكذلك الحال على مستوى دمشق عبر حصول روافد مهمة لخزينة الدولة والإيرادات العامة، في وقت استطاعت مالية حمص الانتعاش وبقوة.
ومع أن ثمّة محافظات هادئة لم تقم بتسجيل واقعات تحصيل بالقدر المأمول كاللاذقية وطرطوس والسويداء، إلا أن مصادر مطلعة تقول إن موارد هذه المحافظات بالأصل كانت محدودة ولا تقارن بالرافعتين الرئيسيتين للخزينة صناعة وتجارة وسياحة واستثماراً “دمشق وحلب” اللتين يعوّل عليهما الكثير في ضخ الموارد للخزينة، مع لفت النظر إلى أن جلّ مديريات المال في المحافظات كافة ناشطة وتعمل وإن بنسب متفاوتة، إلا أن المديرية الوحيدة المتوقفة تماماً هي الرقة والتي تفيد المعلومات أنها تعمل ولكن لا تحول أموالاً.
في معترك الحديث عن صمود الإيراد لا يمكن إغفال عنصر الوعي والإدراك الذي بدأ يتعاظم عند جموع المكلفين بأن ثمة واجباً دينياً وأخلاقياً ووطنياً يفرض الالتزام بالضريبة لأنها مال مدوّر وعائد لمصالح وخير المواطن والبلد وليس لغير ذلك، وبالتالي من المعيب أن يرتكب البعض هذا “الإثم” وهنا مربط فرس استعادة عافية الضريبة.
علي بلال قاسم