اقتصاد

نقطة ساخنة ضرائب في ميزان العدالة؟!

هناك الكثير من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومة وتكون بديلاً عن زيادة الأجور والرواتب لتحسين القدرة الشرائية للمواطن، وفي الوقت ذاته لا تشكّل عبئاً على الخزينة العامة، وقد يكون أهمها وعلى الإطلاق إعادة النظر في النظام الضريبي، وإن صح التعبير، “الترشيد الضريبي” لصالح الطبقة الأكثر اتساعاً في المجتمع، أصحاب الدخول المحدودة.
بالإمكان، في ظل الظروف القاسية ونتيجة تدني المستوى المعيشي، إعفاء هؤلاء من 50% من ضريبة الدخل -على سبيل المثال- بذلك يزداد أجر العامل بين 3 إلى 5 آلاف ليرة سورية شهرياً، بالتوازي مع إصدار قرارات تلزم المستثمرين بدفع ما يترتب عليهم من ضرائب للحدّ من تهربهم الضريبي المدعوم بإعفاءات سنوية أخذت صفة الديمومة والمشجعة لهم على التمادي في التهرب من الدفع.
إنها أبرز علامات الاختلال في نظام ضريبي لا تُراعى في تطبيقه ارتفاعات الأسعار وما تؤدي إليه من تآكل القدرة الشرائية، حتى بات الإعفاء (في ظل الأزمة) قناة نازفة للإيرادات من بوابة التبرير واستجلاب الأعذار لأصحاب رؤوس أموال ضخمة لا تأكلها النيران.
إعفاءات متتالية موروثة منذ عقد من الزمن، مازالت سبباً رئيسياً في إجبار الحكومات المتعاقبة على الأخذ بسياسة التعويض -عما يستنزف “قانونياً”- من خلال بوابة أجور ورواتب أصحاب الدخول المعدومة الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع الضرائب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ألم يحن الوقت لفرض ضرائب تصاعدية؟ من حقيقة أن الأثرياء يستفيدون أكثر بصورة مباشرة وغير مباشرة من كل أشكال الإنفاق العام، وبالتالي عليهم المساهمة في تمويله بنسبة أعلى من غيرهم، بينما تُقتطع الضرائب من المنبع من العمال والمهنيين قبل أن يتسلموا رواتبهم، كما يدفعون، ومعهم الفلاحون، الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات.
وبعيداً عن تداعيات الأزمة ومتطلباتها، نرى أن النظام الضريبي المعمول به أصبح غير مواكب للتطورات والتغيرات الاقتصادية، ويفتقد التعدّد المطلوب للشرائح، والتصاعد في معدل الضريبة، ويتّسم بانعدام العدل وبالتحيّز للطبقة الرأسمالية الكبيرة وبالذات لشرائحها الطفيلية (أي التي تحصل على مكاسبها دون عمل) المعفاة من الضرائب كلياً -في البورصة، على سبيل المثال لا توجد ضرائب على الأرباح الناجمة عن تداول الأسهم، وكذلك آلاف المعامل والشركات الصغيرة تعمل تحت الظل لا أحد يسألها عن أرباحها؟- وهو ما يضع أمام الحكومة مهمّة كبرى لوضع نظام ضريبي جديد متعدّد الشرائح وتصاعدي وشامل لكل الأوعية التي تستحق فرض الضرائب عليها، على غرار ما هو موجود فعلياً في جميع دول العالم.
إجراءات وتعديلات طفيفة في النظام الضريبي كفيلة برفع -ولو بشكل نسبي- المستوى المعيشي للمواطن من جانب، وزيادة الإيرادات من جانب آخر.. وهي خطوة أولى ومهمة في إصلاح النظام الضريبي، وهذا الإصلاح الشامل لابد أن يمتد، ويُراعى أن يكون هناك إعفاء للفقراء ومحدودي الدخل من أداء الضريبة على الدخل لمن يقلّ دخلهم عن 12 ألف ليرة، على سبيل المثال لا الحصر.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com