ثقافة

“التخت الشرقي النسائي السوري “..أداء رائع يستلهم التراث الأصيل

ليس بغريب أن تبدع المرأة السورية في زمن الحرب لتكون صورة مثلى للعطاء اللامحدود، والأمسية التي قدمتها “فرقة التخت الشرقي النسائي السوري” على خشبة مسرح الحمراء أنموذج لإبداع العازفات السوريات الأكاديميات ولإحياء صورة التخت الشرقي الذي لازم تاريخنا العربي الموسيقي ،وقد تميّزت الأمسية بالإحساس الأنثوي الطاغي بجمالية المفردة المعبّرة عن زاخرات العشق ورقة اللحن في تجديد واضح بإضافة ثلاث آلات وترية غربية تمّ تطويعها لعزف موسيقانا الشرقية وهي (الكونترباص والتشيللو والفيلولا) لتنضم إلى الآلات الأساسية للتخت الشرقي ،وبقي الحضور الأكبر لصولو آلة القانون الذي قدمته العازفة المبدعة ديمة موازيني ،وكذلك للصولو الذي قدمته عازفة العود رحاب عازر وأعادت من خلاله صورة العازفة السورية التي شغلت مكاناً في التراث الموسيقي الدمشقي خاصة والسوري عامة.
تضمن برنامج الأمسية مجموعة منوعة من القوالب الموسيقية الكلاسيكية الآلية والغنائية ومقطوعات تراثية: مقطوعة سماعي بيات ومقطوعة عزيزة ومقطوعة ذكريات وتحميل شرقي إضافة إلى عدة أغنيات من التراث السوري والعربي: خايف أقول ويامسافر وحدك وكانت مفاجأة الأمسية أغنية من أجل عينيك عشقت الهوى التي أبدعت بغنائها سيلفي سليمان وعكست خامة صوتها القوي ،كما شاركت لأول مرة في الفرقة عبير البطل لتضيف صدى نغمات صوتها الساحر.وعبْر ساعة هاربة من الزمن عاش الجمهور في رحاب ذكريات الزمن الجميل بعيداً عن انعكاسات الأزمة على حياتنا .واللافت الحضور الكبير لكبار السنّ من النساء والرجال جاؤوا جميعاً للاستمتاع بما تقدمه هذه الفرقة المتصفة بخصوصية على صعيد الألحان والغناء والحضور.
وعلى هامش الأمسية توقفت “البعث” مع بعض العازفات والمطربة الكبيرة ميادة بسيليس التي كانت بين الجمهور.

التجديد تفرضه المقطوعات
بدأت ضاربة الرق الأولى في سورية خصاب الخالد بالحديث عن التجديد بإضافة ثلاث آلات وترية غربية تم تطويعها لعزف موسيقانا الشرقية وهي (الكونترباص والفيولا والتشيللو) لتضاف إلى الآلات الأساسية في التخت الشرقي العود والقانون والناي والكمنجة والرق بمشاركة الكمان ،وأضافت: هذا التجديد تفرضه طبيعة المقطوعات التي تضمنها البرنامج فمثلاً الكلثوميات تحتاج إلى شبه أوركسترا لذلك أضفنا وتريات ،وفي برنامج سابق أضفنا الأكورديون، ويمكن أن نضيف بعض الآلات أو ننقصها حسب طبيعة المقطوعة بغية إحياء التراث القديم واستقدام الجيل الجديد للاستماع إلى مقطوعات لأهم الموسيقيين السوريين والعرب ،بعدما اعتاد التوجه نحو الموسيقا الغربية وموسيقا الرآب خاصة، كما تمت مشاركة المزهر الذي يقدم “البيس” الداعم الرق في فرقتنا.

“القانون” الدوزان لجميع الآلات
ومن المعروف أن القانون سيد التخت لأنه المسيطر ويقوم بضبط الحالة الإيقاعية والغنائية ويتحكم بدوزان جميع الآلات ويشكل الأرضية التي تستمد منها الآلات الطبقات الموسيقية وتابعت عازفة القانون ديمة موازيني التي أبدعت بصولو منفرد: في كل أمسية نخصص فقرة تحميل شرقي تبرز إمكانات الآلة وارتجالات كل عازف ونركز على مقطوعات موسيقية مستمدة من المقطوعات الغنائية الشعبية السورية مثل “ياطيرة طيري ياحمامة” هذه الأمسية كانت أشبه بطيف قوس قزح إذ اخترنا باقة منوعة من الموسيقا الشرقية.

وتريات الكمان
وتحدثت عازفة الكمان رزان قصار عن الكمان الذي تمّ تطويعه مع بعض الآلات الوترية لعزف الموسيقا الشرقية وأشارت إلى أهمية هذه الأمسية التي بدأت بها الفرقة نشاطها الشتوي ،وأضافت: نركز في برامجنا على عزف الأعمال السورية مثل مقطوعة المؤلف الموسيقي حسان اسكيف التي قُدمت ضمن البرنامج.

التشيللو دخيلة على التخت الشرقي
وشاركتنا الحديث عازفة التشيللو مرح كويفاتي التي وصفت تجربتها مع التخت الشرقي بالممتعة وتحلم بأن تقدم صولو منفرد أسوة بالقانون والعود في الأمسيات القادمة فتابعت: التشيللو آلة غربية وغدت آلة أساسية لعزف الموسيقا الشرقية وكوني أعزف موسيقا غربية استفدتُ من العزف الشرقي لاسيما أن وترياتها تتصف بصوت دافئ وخافت وكنتُ شريكة الصولو المنفرد للقانون والعود لأخذ البعد الصحيح.
وختام جولتنا كانت مع المطربة الكبيرة ميادة بسيليس التي أثنت على تجربة هذه الفرقة التي تعيد إحياء الموسيقا الشرقية وتحافظ على أصالة تراثنا.
ومن المعروف أن فرقة التخت الشرقي النسائي السوري شكّلت حضوراً لافتاً في المشهد الثقافي الموسيقي السوري والعربي ،ومثّلت سورية في عدة تظاهرات ومهرجانات ومؤتمرات دولية ،منها مؤتمر أمستردام لموسيقا الشرق الأوسط ،وتعمل فرقة التخت الشرقي النسائي السوري على التحضير لأمسية أوسع في دار الأوبرا.

ملده شويكاني