كلمة البعث

لا حل سياسياً مع الإرهاب وحلفائه

بدأ التقدّم الميداني الذي يحرزه الجيش العربي السوري ينعكس ارتياحاً شعبياً عاماً عند الوطنيين والعروبيين في المنطقة. لكن مع هذا التقدّم الذي بدأ من الصمود ثم اتجه نحو تحقيق الانتصار ازدادت جرائم الإرهاب وحلفائه في العراق، ولبنان.. ومصر التي اكتشفت بالأمس مخططات إرهابية لنسف منشآت حكومية بعد الجريمة المرتكبة بحق قواتها المسلحة.
هذا يعني بوضوح أنَّ الإرهابيين يعملون وفق خطط متكاملة لتدمير الدولة الوطنية بمؤسساتها وجيشها وهويتها، ومايجعل هذه الدولة لا شكَّ أمام حرب مع “خطر وجودي”، وقد انتقل هذا الخطر مع انتهازية الكيان الصهيوني للفرصة التاريخية ليصبح هو “التناقض الأساسي” مع الدولة الوطنية العروبية  بعد أن كان منحصراً بالخطر الصهيوني وحده. إذن صار الخطر الوجودي الإرهابي التكفيري الصهيوني واحداً.
ولهذا، فقد مضى الزمن الذي يُراهن فيه على الحل السياسي للأزمة التاريخية الكبرى التي تعيشها المنطقة مع الإرهابيين وحلفائهم من شذّاذ الآفاق الذين ينتشرون في أربع جهات الأرض ومنها يتجهون إلى المركز الوطني والقومي الصامد على الدوام «سورية» التي تواجه اليوم قواتها المسلّحة حرباً لا نظير لها في تاريخ الحروب التي خاضتها الجيوش الوطنية، والتي ستنعكس نتائجها إيجابياً على كافة الجيوش الوطنية التي تحارب الإرهاب في المنطقة، ففي الميدان الحلّ.
فالجيش العربي السوري البطل وبتاريخه الوطني والعروبي المجيد الذي تشكلت بداياته مع انطلاق الثورة العربية ضد الاستعمار العثماني ثم الغربي وناضل ضد مبدأ إيزنهاور وحلف بغداد والعدوان الثلاثي على مصر…، وضد الصهيونية، وضد إقامة دويلات فاشلة متناحرة على أسس مذهبية وعرقية، هو الجيش العقائدي، جيش الوطن والأمة والقضية الفلسطينية الذي قال فيه القائد التاريخي حافظ الأسد:«جيشنا ليس جيشاً حزبياً، ولا حزباً سياسياً، وإنما هو جيش عقائدي مؤمن بعقيدة البعث، يناضل من أجل مصلحة الشعب وقضايا الأمة».
والاعتداء على هذا الجيش جريمة كبرى لا جدوى معها أبداً بالحل السياسي، ولا بالحوار ولاسيما أن الطرف المقابل للحل السياسي المطروح غير قادر على التشكّل والفعل إلا بالتنسيق والدعم المتبادل والاعتماد على جرائم التكفيريين الإرهابيين وحلفائهم، فهل من جدوى في الرهان على حلّ مع نهج الذبح وأكلة الأكباد وتدمير المنشآت الوطنية؟
وعلى هذا الأساس فجميع العروبيين والوطنيين مدعوون إلى  النفير العام – فمئات الجرائم البشعة بل الآلاف تستحق الواحدة منها نفيراً عاماً -… إلى الميدان لمحاربة الإرهاب وهزيمته، فلا جدوى من مواجهة الإرهاب إلاّ بالحل العسكري، وليس السياسي، خاصة أنه صار واضحاً أن المعارضة بأغلبها تراهن في حلّها السياسي المزعوم والمنشود على ماينجزه الإرهابي من خراب ودمار. وهذا ليس خاصاً بسورية فكل الأحرار في الوطن العربي والعالم مدعوون إلى الوقوف مع قواتنا المسلحة التي تحارب «برّياً» وليس من الجو فقط قطعان الإرهابيين التي تتوافد من عشرات البلدان.
إن حرب الوجود التي تخوضها قواتنا المسلحة اليوم لا يُراهن معها على الاكتفاء بضربات التحالف الجوّية التي تفتقد الرؤية السياسية الواضحة، كما تفتقد النتائج الميدانية المرجوّة، فإدارة أوباما وحلفاؤها في التحالف لا يمتلكون استراتيجية مجدية، وهذه الإدارة تستند إلى حلفاء/ عملاء صاروا عبئاً عليها يزعجهم سويةً الإنجاز «الحل» العسكري.
هذا التحالف يطيل أمد الصراع، ومعه يتحول القضاء على داعش إلى رهان وضيع، وتتحول مكافحة الإرهاب إلى لعبة لتحقيق مكاسب سياسية، فالإرهاب مرفوض، والدعوة للحوار معه تحت أي صفة كان «معتدلاً» أم «متطرفاً» يمنحه نوعاً من الشرعية التي نرفضها بالمطلق، ولذلك فالمطلوب هو المواجهة الحقيقية، وليس المترددة والملتوية.
فلا مواجهة حقيقية إلاّ «بالعملية البرّية» التي لن تقوم بها إلاّ الأطراف صاحبة المصلحة الحقيقية، بينما تتهرب قوات التحالف منها، فقد فرضت الظروف الراهنة تغيّرات في بنية القوات المسلّحة وفي وظيفتها الوطنية والقومية، تغيّرات وديناميكيات مجدية ينجزها تلاحم الجيش والشعب العربي السوري خلف قيادة الرئيس الأسد الذي يمضي في معركة العصر والتاريخ والمصير بعيداً عن أية مساومة مع الإرهاب والتكفير.

د. عبد اللطيف عمران