اقتصاد

نقطة ساخنة احذروا.. هذا الخط..!!

يسجّل لسورية أنها باعتراف المنظمات الدولية، كانت من أولى الدول العربية التي أعلنت عن مستوى الفقر لديها.
ولإنعاش الذاكرة، كان ذلك خلال حفل إشهار دراسة “سياسات الاقتصاد الكلي لمكافحة الفقر في سورية” ومشروع “دعم هيئة تخطيط الدولة في إعداد الخطة الخمسية العاشرة”، حيث تم فيه رسمياً الإعلان عن أن الحد الأعلى لعدد الفقراء يصل إلى 5.3 ملايين شخص، وحدّد تعريف الفقر في سورية بالأفراد الذين يقل مجموع إنفاقهم عن 1458 ليرة سورية شهرياً آنذاك، يوم كان عدد سكانها أكثر من 17 مليون نسمة.
وللضرورة نعرض لما بيّنه تقرير الفقر وقتها، فقد قسّم الفقر إلى حدّين  أدنى وأعلى..
الأدنى حيث الدخل 1458 ليرة سورية شهرياً للفرد، أي ما يعادل 30 دولاراً شهرياً و360 دولاراً سنوياً (حين كان سعر صرف الدولار ما بين 48 و50 ليرة)، ونتيجة لذلك بلغت نسبة الفقر 11.4% من السكان، لتشمل مليوني شخص، لم يستطيعوا الحصول على الحاجات الأساسية من المواد الغذائية وغيرها.
والحدّ الأعلى حيث دخل الفرد 2053 ليرة، أي نحو 40 دولاراً شهرياً، و480 دولاراً سنوياً، وهنا يرتفع الفقر الإجمالي إلى 30% من السكان ليشمل 5.3 ملايين فقير، أي نحو 30% من مجمل السكان، البالغ تعدادهم كما ذكرنا أكثر من 17 مليون نسمة.
يومها وحسب التقرير كان الجزء الأكبر من دخل المواطن السوري يذهب لتأمين احتياجاته الغذائية.
ووفق مؤشرات للمكتب المركزي للإحصاء، كان حدّ الإعالة 4.1 أفراد للأجر، وبالتالي كان يعادل في تكاليف المعيشة للأسرة السورية 4010 ليرات، وإذا ما أضفنا إلى الحاجات الغذائية المسكن والملبس والطبابة نتبيَّن أن المواطن كان يحتاج إلى نحو 10 آلاف ليرة شهرياً، وهذا الأمر لم يكن متوافراً حينها.
قبل أن نقفز للقول: “نحن أولاد اليوم”..، نودّ أن نسجّل كلمة حق بحق ما تم إعلانه يوم ذاك، إذ كان الهدف منه العمل للارتقاء بالمستوى الاقتصادي والمعيشي والعلمي الاجتماعي للإنسان السوري، وفعلاً تم حدوث ما يشبه تحولاً تشريعياً وبنيوياً في أغلب المجالات، وما يفسّر في جزء مهم مما نشهده حالياً من حرب إرهابية تستهدف كل الإمكانات السورية، هو دليل على نجاحات كانت بشائرها في طريقها إلى التحقق، الأمر الذي دفع الغرب وأذنابه إلى أن يبدؤوا بما كانوا يحيكونه.
اليوم وقد وقعت الواقعة، عدنا إلى المربع حتى ما قبل الأول، وعادت قضية خط الفقر تثقل بأحمالها، وتحدّياتها وكيفية مجابهتها، الكل وليس الحكومة وصناع القرار الاقتصادي فقط، وخاصة بعد أربع سنوات من الأزمة التي لم تشهدها دولة.
بقاء للرواتب والأجور بعد آخر زيادة عليها في الشهر السابع من العام الماضي، أي مرور سنة ونصف السنة عليها، مقابل متوالية من الزيادات في الأسعار طالت حتى ما كان خطاً أحمر، والأنكى أنها تتزامن مع حصار وعقوبات جائرة وفوقها محدودية المكافحة للفساد والهدر، وعدم الترشيد وغيرها من أثافيّ تحت قِدْرِ إطالة الأزمة.
اليوم سعر صرف الدولار يتجاوز 190ليرة، ما يعني أن موظفاً يتحصل على 50 ألفاً شهرياً، أي ما يعادل أكثر بقليل من 263 دولاراً!.
مؤشر مع أنه لا تخفى ماهيّته على أي لبيب، لكن على ما يبدو أن كل المعالجات لتلك الماهية لا تزال مقصرة وقاصرة للخط المحذور الاقتراب منه، إلاَّ ضمن الحدود والنسب الموضوعية.. فحذار.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com