اقتصاد

تربك الخطط والبرامج وصانعي القرار الاقتصادي الأرقام الإحصائية المعلنة لإنتاجنا النباتي والحيواني وحتى الصناعي مكتبية لا واقعية..

من يتابع هذه الأيام الأرقام التي تصدر عن المسؤولين في الجهات الحكومية، يلاحظ فيضاً من تداول الأرقام الإحصائية هنا وهناك وعلى مختلف الصعد والمستويات، وكل على هواه بعيداً عن الرقم الإحصائي الرسمي والدقيق المخوّلة به الجهة المعنية ونقصد هنا المكتب المركزي للإحصاء.
وأقل ما يقال في تراشق الأرقام الإحصائية عن إنتاجنا الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والصناعي، أنه كذب أبيض، لأن هذه الأرقام تحتاج إلى المزيد من التدقيق، فضلاً عن أنه منوط بالعديد من الجهات، ما يعني إرباك أصحاب القرار، أي المكتب المركزي للإحصاء.

تضارب الأرقام
لن نذهب بعيداً فقد ذكر قبل أسابيع مدير مشروع تطوير الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، أن عدد الأبقار من مختلف الأصناف والأنواع لدينا يبلغ  مليوناً و166 ألفاً و762 رأساً، و2.319 مليون رأس من الماعز الشامي والجبلي، و16.3 مليون رأس من الأغنام، و4348 رأساً في مجال المؤسسة العامة للأبقار و7600 رأس من الجاموس.
وكان قبل ذلك قد صرح وزير الزراعة بأن إنتاجنا المتوقع من القمح لهذا العام سيصل إلى 3 ملايين طن ومن الشوندر 67 ألف طن، لتأتي النتائج المخيبة لهذه الأرقام، فإنتاج القمح لم يتعدّ 717 ألف طن ومن الشوندر 42 ألف طن وقيسوا على هذا.
إلى ذلك ذكر مصدر متابع لأعداد الثروة الغنمية ويعمل في تصدير الأغنام، أن الأرقام التي تقدّمها وزارة الزراعة لجهة عدد الأغنام مبالغ فيها كثيراً، وهي تحتاج إلى تدقيق ومونتاج، فمنذ ثلاث سنوات أي منذ بداية الأزمة الراهنة، لم يستطع أحد إحصاء شيء من أغنام وأبقار وأشجار في ظل وجود العديد من المناطق الساخنة، وأغنام البادية مثال على ذلك.
ولفت مصدرنا إلى أن الرقم الإحصائي الدقيق يجب أن ينبع ويصدر من المكتب المركزي للإحصاء فقط، معتبراً أن أية أرقام تصدر عن غيره هي أرقام مكتبية بعيدة عن الواقع، ولا يمكن اعتمادها رسمياً لبناء الخطط والبرامج الاقتصادية.

مُنتقد بشدّة
وأضاف المصدر ذاته الذي فضّل عدم ذكر اسمه: إن الانتقادات الشديدة الموجّهة للأرقام المتداولة هنا وهناك، مردّها تضارب الأرقام وتناقضها مع بعضها.
وما يقال عن الأرقام الإحصائية الزراعية، ينسحب أيضاً على الأرقام الإنتاجية الصناعية الأخرى، الصادرة من الشركات والمؤسسات التي تعتمد على جمع المعلومات الرقمية التقديرية، وبالتالي نرى دائماً تصويباً لها حيناً وتجاهل التصويب حيناً آخر كيلا تُحرج هذه الجهات التي أتحفتنا بهذه الإحصائيات بسبب اختلاف نظم ومنهجيات المحاسبة المتبعة لديها.
وللأسف من يقدّم مثل هذه الإحصائيات لا يقدّر نتائجها، حيث تبنى عليها الخطط والبرامج، في وقت لم يعُد فيه التخطيط التأشيري معتمداً في صناعة القرار الاقتصادي.

أسّ كل خطوة
الخلاصة أن الرقم المسخّر لتغطية التقصير وعورات الواقع هو رقم أعور في حدّ ذاته، إذ لا يستطيع أن يؤدّي مهمته وغايته، بل غدا اليوم التعامل بالأرقام أساساً في كل خطوة نخطوها، لأنها لغة الإقناع، وعليه لم يعُد مقبولاً أن يقول أحد: إن إنتاجنا قد يتراوح بين كذا وكذا وعدد الأغنام نحو كذا وكذا، ولعل المصدر الوحيد لكل هذه الإحصائيات هو المكتب المركزي للإحصاء إن استطاع هذه الأيام الوصول إلى الأرقام المطلوبة في ظل الظروف الراهنة الصعبة.
حماة – محمد فرحة