اقتصاد

نقطة ساخنة استثمار منتمٍ

قبل الأزمة ولمدة عقدين من الزمن، كانت المقولة الدارجة، على ألسنة المسؤولين آنذاك، أن الفرص الاستثمارية في سورية لا تعدّ ولا تحصى، إلا أننا لم نستثمر إلا جزءاً يسيراً جداً من الإمكانات المتاحة، ومما ميّزنا الله فيه من خصائص جغرافية وتاريخية، ونعتقد أنه أننا باستطاعتنا الآن طرح مشاريع باتت مهمّة بفعل تداعيات أفرزتها الأزمة ذاتها، وأريد هنا أن أنقل حديثاً تعلّمته من أهلي وعلّمته لأولادي، حيث كانت تقول أمي دائماً “مَن لم يعترف بخطئه لا يمكن أن يصحّح”، أي نقطة الانطلاق نحو الإصلاح هي الاعتراف بالخطأ.
وأقصد هنا إصلاحاً يطول الضرائب والتسهيلات الائتمانية المصرفية والقضاء على الروتين والبيروقراطية في إجراءات منح وتنفيذ الاستثمارات، وخصوصاً للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإعطاء الأولوية للاستثمارات المحلية، ولرجال الأعمال الذين صمدوا ووقفوا مع الوطن في محنته، ولم يفرّوا من أول رصاصة إرهاب أطلقت؟.
إنها انطلاقة نحو توطين الاستثمارات لتكون بأيدٍ أمينة مستقبلاً، فالأزمة وما كشفته من تدني مستوى انتماء بعضهم لوطنه وشعبه، تحتّم الأخذ بهذه الحيثية في تحديد شخصية وهوية وسيرة وسلوك المتقدّم لأي مشروع مهما كان صغيراً أو متناهياً في الصغر، لأن ثمة من تهرّب من تسديد التزاماته المالية تجاه المصرف المموّل لمشروع، وأوقعه في تعثّر مزمن، دون عذر مقنع؟! وتخلّف عن سداد ضرائب أرباحه لخزينة الدولة، رغم استمراره بالإنتاج، فساهم في ارتفاع معدّل التهرّب إلى مستويات قياسية لم يسبق أن سجّلت منذ أربعة عقود، رغم أن التسهيلات التي قدّمتها الدولة يحلم بها أي مستثمر في العالم.
وعندما نتعمّق في الدراسة وفي التحليل، سنجد أن إمكانية الربح في سورية أعلى من أي اقتصاد في العالم، حيث معدّل الضريبة بعد أن خفّض في المرحلة الأخيرة هو من أدنى المعدّلات على الأرباح في العالم، بالطبع في العالم المتقدّم، فلا مناص من التشديد على أصحاب المشاريع في تسديد الضرائب والرسوم المترتبة عليهم سنوياً، بحيث يكون ذلك ضمن قانون الاستثمار المعدّل.
إن سورية ما زالت بلداً بكراً في الاستثمار لم تكتشف آفاقها في الاستثمار، والفرص الاستثمارية في سورية لا تعدّ ولا تحصى، وإذا أخذنا مؤشرات البنك الدولي الذي ربما لا يكون صديقاً كبيراً لسورية يعطي مؤشرات إيجابية جداً -ورغم الأزمة- يتبيّن أن هناك مزايا كبيرة للمستثمر في سورية، منها ما له علاقة بالموارد، وما له علاقة بقوة العمل، وما له علاقة بالفرص الكبيرة، وتؤخذ بعض المآخذ على المناخ الاستثماري..
إذاً علينا التمييز بين الفرص الاستثمارية والمناخ الاستثماري، فالفرص يجب أن تكون مشروطة وبعد تدقيق وتمحيص بحيث تستحق لمن هم أهل لهذا البلد.
ومن الأفضل لنا أن نجتمع ونعقد مؤتمراً وطنياً لرجال الأعمال من أجل أن نسمع شكاواهم ونعرف آلامهم ثم نسعى إلى معالجتها، وهذا هو الكلام السليم.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com