اقتصاد

التركيز على صناعة “المزايا النسبية”

رسالة لروّادها على خلفية تسليم منشآت تل كردي وعدرا البلد الأسبوع الجاري إلى الصناعيين
تصريحات رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس الأخيرة حول (تسليم المنشآت الصناعية في منطقة تل كردي وعدرا البلد إلى أصحابها هذا الأسبوع بعد أن تم تجهيز البنى التحتية بشكل كامل)، تبشّر بانطلاقة جديدة لصناعتنا الوطنية بعد انتكاسة حلت بها إثر تداعيات أزمة أطبقت الخناق على البلاد والعباد، وهنا نودّ أن نوصل رسالة إلى صناعيينا وروّادهم.

رأي
قبل الخوض في الرسالة نبيّن أننا لا ندّعي الخبرة التي يمتلكها أهل كار تمرّسوا في الصناعة عبر عقود خلت، ولكننا ندعي وبحكم المهنة والمتابعة الأحقية بإعطاء رأي عسى أن يفيد في النشاط الصناعي، وإليكم رسالتنا المتواضعة: نعتقد أن عبارة “صُنع في سورية” لن تجد مناصاً لها لأن تكون دامغة في أروقة الأسواق الخارجية وتلافيف أدمغة زبائن دول العالم إلا من خلال صناعات الميزة النسبية التنافسية التي يشتهر بها بلدنا ويفتقر إليها كثير من دول العالم حتى المتقدمة منها، ما يتطلب البحث عن المزايا النسبية التي نتمتع بها وننافس بها، لا أن نبحث عن كيفية منافسة الآخرين بمنتجاتهم ونحن غير قادرين على المنافسة بذلك وخاصة فيما يتعلق بالصناعات الثقيلة والكهربائية في هذه المرحلة.

استثمار الإمكانات
ونؤكد ضرورة عدم الخروج من إطار جلدنا والتفكير بالمنافسة بصناعات نحن غير قادرين ولو على مدى عشر سنوات على المنافسة بها، ولاسيما تلك التي تحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة وخبرة ومعرفة طويلتين، في حين أنه يمكننا أن نطوّر صناعاتنا التحويلية التي تعتمد على إنتاجنا الزراعي ونزيد تنافسيتها عبر تقوية جميع عناصر الإنتاج المتوفرة لدينا من مواد أولية وخبرة عملية وأيدٍ عاملة ورأس مال…الخ، لا أن نبحث عن صناعة ننافس بها دولاً قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال على مدى عشرات السنين.
وسنستشهد بعجالتنا هذه بصناعة صابون الغار التي يجب التركيز عليها لكونها صناعة مميزة ونستطيع المنافسة بها أكثر من المنافسة بصناعة البرادات، لأن الأولى موجودة في بلدنا وهناك خبرة طويلة في هذه الصناعة غير موجودة في كل دول العالم، وبالتالي يمكننا المنافسة بها أكثر من أي صناعة منتشرة في دول العالم.
تفادياً للفشل
لقد نجحت سورية في المنافسة بصناعات نُسبت إليها بامتياز، فلِم لا تُطوّر هذه الصناعات لتحقيق قيم مضافة كبيرة وخاصة تلك الاستهلاكية مثل صناعة قمر الدين الذي تستجرّ منه مصر كميات كبيرة، وكذلك الفواكه المجففة وصابون الغار وغير ذلك من صناعات تقليدية سورية غزت ولو بشكل محدود كبريات الأسواق العالمية، وخاصة في مرحلة بتنا أحوج ما نكون فيها إلى الاعتماد على الذات، دون أن نقحم أنفسنا بخطط صناعية فاشلة سواء من جهة الجودة والنوعية أم من جهة السعر المنافس ولاسيما الثقيلة منها وذات التقنية العالية التي تحتاج إلى خبرات عالية وإمكانات مادية كبيرة، فضلاً عن صعوبة تصريفها في أسواق غصّت بصنوف وأنواع من كل حدب وصوب.

في ملعب “الصناعة”
ونختم بأن أصابع اتهام بعض المراقبين تشير إلى وزارة الصناعة التي لم تلحظ في خططها صناعات الميزة النسبية والارتقاء بها كي تكون على مستوى عالٍ من الجودة والمنافسة، ولاسيما أنه مهما خضعت لعمليات تصنيع ومعالجة فإن قيمتها المضافة ستكون عالية على اعتبار أن المكون الأساسي منها محلي، ما يعني ضرورة لحظ وزارة الصناعة هذا النوع من الصناعات وإيلائه الاهتمام والدعم المطلوبين.

دمشق – حسن النابلسي