محليات

“رفس المصلحة”

لم يخفِ رئيس مجلس إحدى البلديات امتعاضه الشديد من العزوف غير المبرر لأغلب أصحاب المخالفات السكنية عن الاستجابة لفرص التسويات والتحوّل إلى البناء النظامي والمرخّص بالشروط التي تطرق إليها القانون، ومعظمها محقة لجهة عدم التشييد في الحرمات وأملاك الدولة والتعدّي على الشوارع والمرافق العامة والأهم التحقق من عناصر السلامة الإنشائية؟.
فرئيس البلدية الذي أبدى الكثير من الحنق لتلك السلبية تجاه مرسوم أعطى فرصة ذهبية للتسوية مقبولة، يفيد بأنه من أصل مئات المخالفات السكنية على مستوى وحدته الإدارية لم يبادر أحد إلى مجرد السؤال والاستفسار والتوضيح كأضعف الإيمان وليس الاستجابة كما يأمل المشرّع، ولاسيما في أمور كهذه لا تعتبر فرضاً بقدر ما هي مطلب وفرصة من المستغرب أن بعض المواطنين يديرون ظهورهم إليها رغم أن الكثيرين “نقّوا” طويلاً للحصول على هذا المكسب؟.
اليوم مضى على صدور مرسوم التسويات أكثر من عام، ويعترف الكثير من المحافظين ورؤساء البلديات أن التعاطي مع النص كان مجحفاً ومضرّاً بحق أصحاب العلاقة أكثر من الدولة وخزينتها كما يتهم بعضهم، لأن الجدوى من التسوية هي محاولة التخفيف عن المواطن والتقليل من حدية القوانين والتعليمات المتعلقة بالبناء والمخططات التنظيمية والسكنية. لـتأتي البادرة الجديدة قبل أيام المتمثلة بصدور مرسوم الإعفاء من غرامات التأخير عن تطبيق مواد التسوية وعن كل المخالفات البلدية المتعلقة بالقانون وغيره، وهنا الميزة الأهم في القضية؟.
وفي ردّ رئيس البلدية على سؤال يتعلق بالإعفاء من رسوم وغرامات التأخير للمخالفات السكنية مفاجأة من عيار أكبر، تفيد بأنه من أصل أكثر من 400 مخالفة سكنية شيّدت في زمن الأزمة فقط لم يعمد للتسوية سوى ثلاثة أو أربعة أشخاص فقط، علماً أن فاتورة التسوية لا تبتعد كثيراً عن تكاليف الرخص النظامية، وحري بالمخالفين أن يستثمروا القانون الذي يخفف كثيراً من عبء مادي كبير ويضع الأمور في النصاب القانوني والصحيح لبناء ولد من رحم الظروف الاستثنائية، لهذا كان التعاطي الحكومي استثنائياً كما ينسجم مع مصلحة المواطن أولاً وأخيراً.
للأمانة نورد أن ما قاله محدّثنا كان موجعاً، ولكن لا ينكر هذا المسؤول المحلي أن الصرامة والجزم والحزم في القانون لها مفعول أفضل أمام شارع لم يصل إلى درجة الوعي والثقافة الكافية لاحترام القانون، ليأتي من يختزل ما قلناه بعبارة قاسية “شو وقفت علينا”، رغم أن التطبيق الحرفي للنصوص قادر على الإمساك بالمخالف في كثير من المعاملات والوثائق والطلبات التي تخص تخديم المخالفة نفسها، إذ لا يحق للمخالف أن يحصل على عداد كهرباء وتيار من الشبكة وعداد مياه وخط وصل أصولاً، ومع ذلك تم تخطي هذا الباب عبر توجيهات حكومية بالتساهل وعدم التعقيد وتجاوز الشروط القائلة إن التخديم ممنوع إذا لم يبادر المخالف للتسوية؟.
زبدة الكلام: نحن أمام فسحة تطفو فيها المصلحة الأقوى للمخالف الذي تسترضيه الأجهزة الحكومية لتكون مخالفته قانونية بأثمان عادية تتعامى عن الارتكاب وتحوّله إلى فعل نظامي 100%.
علي بلال قاسم