ثقافة

انطلاقة لافتة نحو اللوحة العملاقة في رحاب جامعة البعث الفنان الخطاط (مكسيم الأحمد) عالم من الإبداع المتميِّز

لا نبالغ إذا عنونَّا المقال على هذه الحالة، لأن العمل حقيقة حالة إبداعيَّة متفرِّدة في نوعها وقياسها وتقنيَّات بنائها الفني، لم تكن حالة طبيعيَّة، ولا حتى لوحة جدارية عادية بل هي امتداد واسع من الإبداع، يحط على قطعة من (الفلكس) ليشكِّل لوحة يمكن لنا أن نسميها جداريَّة من نوع آخر، تحمل صورة للسيِّد الرئيس (بشَّار الأسد) وعدَّة أسطر من أقواله. طول اللوحة سبعة أمتار ونصف المتر، وعرضها اثنا عشر متراً ونصف المتر. من المعروف أن أنواع الخط الأساسيَّة ستة، وقد أبدع الفنان (مكسيم الأحمد) نوعاً سابعاً جديداً على ساحة الفنون التشكيليَّة، فأبدع لوحة رسمها بخط  الثلث، وهو من أعقد الخطوط في التنفيذ،  لتشكِّل صورة للسيد الرئيس (بشَّار الأسد) بالإضافة إلى تشكيل العَلَم العربي السوري. فإذا اقتربت منها تبيَّنت الخط بكلماته الواضحة، وإذا ابتعدت عنها فإنك سترى الصورة فقط، وكأنها رسمت بريشة خاصة برَّاقة. اللوحة هي طبق الأصل عن صورة أساسية للسيِّد الرئيس، تمَّ العمل على تنفيذها برعاية اتحاد طلبة جامعة البعث، وبإشراف الأستاذ (علاء داود).
وأنت تقف أمام هذه اللوحة الجدارية العملاقة، تشعر وكأنك أمام بحر من الجمال، تموج في مخيلتك عوالم مذهلة لا نهاية لها، تأسرك أبعاد اللوحة الكبيرة، تقنيَّة الخطوط المتداخلة مع الألوان والحركات والضوء، تتناثر أمامك المئات من علامات الاستفهام والتعجب: كيف استطاع ذلك الفنان أن يسيطر على تلك المساحة البيضاء، بريشته الفاتنة، كيف نفَّذها؟ وكم من الوقت أمضى لنضجها؟ وكم من الريش أُتلف؟ وكم من علب الألوان استهلك؟! وكم من الطاقة الإيجابية صرف؟! وكم من الوقت يحتاج المشاهد ليستمتع بخطوطها ودقَّة نظمها، وفكِّ تداخلاتها؟
الأسئلة الأبرز: كم استمتع الفنان (مكسيم الأحمد) بدوار الإبداع ودوخة الأفكار وحرارة المشاعر؟ كم طاف بين الألوان في العتمة والضوء، كيف امتزجت تلك الألوان على المساحة البيضاء؟ وكيف استطاع بسط ذائقته الفنيَّة على هذا النحو من المساحة الكبيرة؟
أمام مسحة تلك الألوان ترى وكأن رفوفاً من الفراشات تطوف فوقها، تتهامس، تنتقل من طيف إلى طيف، تخطف  الألوان، ثم تعود لتلقيها من جديد.
هناك براعة في الصياغة وحسن التوضُّع، ودقَّة في البناء، واتكاء الألوان على الحروف. أمام هالة من الفن، بل أمام هرم يتسامق إلى السماء، لا يمكن لك إلا أن تمهر اللوحة بالإعجاب، فأنت أمام ذلك المد الذي يدفعك إلى البعيد لعدة أمتار كي تستطيع أن تكوِّن للصورة ذلك البعد الهندسي المناسب لرؤيتها بشكل كامل، لكن جزر الجمال تسحبك إليها، فتقترب من جديد، لتكتشف البناء الحروفي المتقن في التكوين.
(مكسيم الأحمد): حالة إبداعيَّة متفرِّدة في رسم الخط العربي، فقد أفلت الخطَّ من قيوده لينطلق به نحو عالم ممزوج بالفن التشكيلي، فجذبه إلى لوحة إنموذجيَّة متفرِّدة. وحين التقينا مع الفنان الخطاط (مكسيم الأحمد) أخبرنا عن كيفيَّة العمل الفني الذي نفَّذه دون أي صعوبات تذكر، مستخدماً  تقنيَّة العمل الدقيق، الذي يقوم على تطابق المخطط بشكل كامل، معتمداً على ثماني من الطبقات اللونيَّة. كان ينفِّذ العمل ترافقه موسيقا هادئة، فيشعر وكأنه منفصل عن العالم تماماً. حدَّثنا عن ولعه بالسفر، فقال: “عندما كنا نسافر براً كنت أشاهد الطبيعة والمدن التي تتوسط المسافة بين سورية وروسيا مروراً بتركيا هذا التمازج الثقافي الشرقي الآسيوي الأوروبي أغناني كثيراً”. أخبرنا أنه اختار خطَّ الثلث، فهو من أعقد الخطوط، وعلى الرغم من ذلك فلا توجد فيه أي نسبة من الخطأ على الإطلاق. قال: “إنه لم يمارس الطريقة ذاتها في الخط الروسي، لأن هذا الخط حروفه لاتينيَّة لا تصلح لمثل هذا التفنن الفريد”.
لديه أعمال قادمة كثيرة، ومشاريع عمل تتعلَّق فقط باللوحات العملاقة، هدفه أن يبرز اسمه باعتباره الفنان الأوَّل الذي تجاوز إطار اللوحات الصغيرة لينطلق نحو اللوحات العملاقة على مستوى العالم. وعلى ما يبدو أن عنصر التحدي هو الدافع الأبرز لنشوء مبدع متميِّز، إذ قال: “إنه تعلم الخط العربي، عندما كان في المرحلة الثانوية في إحدى مدارس مدينة (تدمر)، المدرسون كانوا يطلبون منه المساعدة في الكتابة ورسم بعض اللوحات والخرائط الجغرافية، ولكن عندما جاء إلى المدرسة خطاط محترف استغنوا عن خدماته، فالإزعاج الذي شعر به دفعه لشراء كتاب لتعلم الخط العربي أثنى على جامعة تشرين فقد لاقى كل الاحترام والتقدير للعمل الفني الذي قدَّمه لها، واللوحة كانت تحمل صورة للسيد الرئيس (بشَّار الأسد) أيضاً”.
بطاقة تعريف:
الفنان الخطاط (مكسيم الأحمد): درس في (كراستودا) في روسيا الاتحادية شارك في عدَّة معارض منها:
معرض للخط العربي في المركز الثقافي في مدينة حمص 2009 معرض في (دبي) أول معرض بالمشاركة مع الفنان العراقي (وسام شوكت) ـ معرض في (روسيا) 2010 له لوحة عملاقة معروضة في جامعة تشرين، عبارة عن لوحة زيتيَّة باستخدام ماء الذهب قياس 15/21 متراً.
سريعة سليم حديد