محليات

الـ”غينيس… السوري”؟!

فتحت الزميلة المرئية “تلاقي” بدخولها تحدّي كسر الأرقام القياسية العالمية شهية المجتمع لتناول الحدث بكثير من الشمولية التي لا تتوقف عند مجرد إنجاز فردي أو حتى مؤسساتي استحق أبطاله أن ينالوا لقب “غينيس” بماراثون السبعين ساعة مباشر، بل بمقاييس أخرى لها علاقة باستحقاق المواجهة العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي استمرت نحو أربع سنوات خاض فيها المواطن ودولته معارك البقاء والصمود أمام أعتى وأضخم الاختبارات التي شنتها دول الاستعداء الظاهر منه والمبطّن على الحياة السورية العامة؟.
لم يستطع المتلقي والمتابع لتفاصيل الامتحان الإعلامي أن يغفل وقائع وفصول الاختبار الذي اعترفت دول العالم بأحقية المواطن السوري بالفوز فيه أيّاً يكن دوره أو مسؤولياته ونشاطه، فمع التقدير والاحترام لصنيعة “تلاقي” وكادره فإن “غينيس” التي ابتدعها السوريون كانت أكبر رسالة لمؤسس المجموعة ولمن حمل رايتها من بعده، بأن هذا البلد الصغير بمساحته الكبير بانتصاراته وإنجازاته ووزنه الدولي، يمكنه أن يقوم بما لا يستطيعه الآخرون ويسجّل في تاريخه أعظم شعب صامد وممانع ومقاوم ومنتصر بإرادته وعزته وصبره في المحن؟.
في جعبة البلد وناسه تاريخ من الشهادات التي خطتها دماء الشهداء وإرادة الجرحى والمصابين وعزيمة الباقين، وما يواصله أبناء المؤسسة منتجة الشرف في الأرقام القياسية “الجيش العربي السوري” صاحب الإعجاز في القدرة على التحمّل وتطهير الأرض من رجس الإرهاب الذي بعث به حاضنو ورعاة “الجوائز العالمية” المسيّسة في معظمها.
يتفق الجميع على أن النصيب الأكبر من الـ”غينيس” للعسكر المرابط منذ الشرارة الأولى للحرب إلى الآن وهم مصرّون على النصر، وغينيس للمواطن الذي صمد في تحمّله لظروف الحصار والعقوبات والحرمان والتجويع الذي لعب دوراً مؤسفاً فيه أمراء حرب استغلوا الأزمة ليضعفوا المواطن الذي خيّب ظنهم وفاز عليهم بالصبر والتحمّل بتقشف غير مسبوق، وغينيس للعامل وللموظف الذي واجه الرصاص والقذائف والمفخخات في رحلة ذهابه اليومي إلى معمله وموقع عمله، وغينيس للطالب الذي لم ينَل الإرهاب من إصراره على ترديد الشعار الصباحي وتلاوة “حماة الديار” حتى صبيحة التفجيرات على باب مدرسته، وغينيس للأم والزوجة والأخت اللواتي يستقبلن الشهداء شهيداً بعد الآخر وما قالوا إلا “كلّهم فداء للوطن”، وغينيس للصناعي والتاجر والمستثمر ومن لفّ لفّهم؟.
بالنهاية الجائزة الكبرى للأم سورية التي ما انفكّت تلِد النجباء و”تفرّخ” الشهداء ليكونوا أصحاب جوائز على مجلد “غينيس الوطني” وليس غيره؟.
علي بلال قاسم