ثقافة

في احتفالية يوم وزارة الثقافة السورية.. ارتفاع أصوات الخير والسلام والمصالحة الوطنية

إن قيمة أي ثقافة في العالم تنبع من قدرتها الفاعلة على صناعة وعي عام، قادر على الاستجابة لما تستدعيه الاحتياجات المجتمعية في عملية استمرار البقاء والتطور والازدهار.
في الأمس، كان الاحتفال لأول مرة بـ”يوم وزارة الثقافة” تحت عنوان “اليوم السوري للمصالحة الوطنية” برعاية من السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي الذي رأى أن الاحتفال بيوم وزارة الثقافة مبشر على ارتفاع أصوات الخير والسلام والانتصار بفضل تضحيات الجيش العربي السوري الذي يحقق المزيد من الانتصارات والنجاحات، كما شدد على ضرورة الاهتمام بما تقدمه وزارة الثقافة وما تنتجه من قيم لهذا الجيل الذي يعاني من الغزو الثقافي التكفيري الذي يهاجم ما تربى عليه الإنسان السوري العظيم. ونوه الحلقي إلى أن وزارة الثقافة أمام تحدٍ كبيرٍ وهي ترقى لهذا التحدي بما تقوم به من نشاطات بدءاً من نشاطات المراكز الثقافية المنتشرة على امتداد الوطن من إثراء للفكر الثقافي وتحصين الفكر المنيع والذاكرة الوطنية التي تعبق بفكر التسامح والتلاقي والمحبة. واعتبر أن الوزارة قادرة على الوصول بالشباب السوري إلى تحقيق أهدافه وخاصة أن حوامل الثقافة أصبحت متاحة للجميع بدءاً من الكتاب إلى المسرح إلى الفيلم.
في الأمس، كان تتويج يوم الثقافة السورية الذي بني على لوحة فسيفسائية متكاملة للتعبير عن المشهد الثقافي السوري بسيناريو ممتع جداً يبدأ من مدخل دار الأوبرا على مستوى الموسيقى وراقصي الباليه ومشهد مسرحي، ذكر فيه رائد المسرح أبو خليل القباني بالإضافة إلى ركن السينما ومعرض الكتاب ومعرض الفن التشكيلي وصولاً لقاعة الأوبرا حيث اكتمل السيناريو بلوحات غنائية وموسيقية بقيادة مجموعة فرق أوركسترا وفيلم للمؤسسة العامة للسينما.
وفي الكلمة التي تضمّنها بروشور الاحتفالية جاء: إذا كنا نحتفل بـ”يوم وزارة الثقافة” فلأننا في لحظة مصيرية تقتضي استدعاء طاقاتنا الثقافية كلها لنواجه مشروعاً ظلامياً تكفيرياً يحاول طمس الهوية وتفكيك الوحدة الوطنية، المؤسسة على تجربة حضارية راسخة بدأت في بلادنا منذ طفولة الدهر وسوف تستمر بإصرارنا على مشروعنا الثقافي الوطني النهضوي الذي يرعاه ويقوده الرئيس المفدى بشار الأسد. وبهذه المناسبة ألقى السيد وزير الثقافة الأستاذ عصام خليل كلمة.
إعادة إحياء الهوية
وعلى هامش الاحتفالية كان لـ”البعث” وقفة مع المخرج والمشرف على الاحتفالية الدكتور تامر العربيد عميد المعهد العالي للفنون المسرحية إذ قال:
الثقافة هي جزء أساسي وكبير من حياتنا يقع عليها دور إعادة إحياء الانتماء والهوية التي تعرضت للكثير من التشويه، لا شك أن ظهور الثقافة في المشهد السوري هو ضرورة واليوم يجب أن نركز على حضور ثقافة سورية حقيقية تعكس تاريخ سورية الحقيقي الذي بدأ من ملايين السنين وهي ذات رسالة إنسانية لا يستطيع أحد أن يشوّهها.
وعلى هامش معرض الكتاب عبر الدكتور جهاد بكفلوني مدير الهيئة العامة للكتاب عن “يوم وزارة الثقافة” قائلاً:
ليست القدرة على التعايش بين أبناء المذاهب والأديان المختلفة بين أبناء الشعب السوري أمراً طارئاً في حياة الشعب السوري لأنه أثبت خلال مسيرته الحضارية التي تضرب جذورها عميقة في تربة التاريخ أنه شعب لا يقف على شاطئ الحضارة بل هو الشعب الذي يحمل اللبنة الأساسية في رفع صرحها الكبير، لذلك كان من الطبيعي أن تقدم سورية إلى البشرية نماذج ثقافية يشهد بها أبناء الإنسان في كل زمان ومكان، ومن هذه النماذج القدرة على استيعاب الآخر لتبادل الأفكار. ويضيف: في الواقع، لم تعتد اليد السورية أن تحمل السلاح لتقتل ابن وطنها بل هي يد خلقت لتحمل القلم وتكتب بها قصيدة أو رواية أو ترسم لوحة جميلة، فهي نتاج عقل أثبت أنه قادر على العطاء عندما يفسح المجال أمامه وهذا هو شأن الجواد الأصيل الذي إن أعطيته مضماراً رحباً فسيحاً يصون ويجود فيه، ويثبت أنه قادر على إحراز قصب السبق لذلك كان الخيار لعنوان اليوم هو “اليوم السوري للمصالحة الوطنية” الذي لم يكن اختياراً نابعاً من الخواء وإنما كان من بنات أفكار وزارة الثقافة وبتوجيه من السيد وزير الثقافة الأستاذ عصام خليل لأنه يعلم أن الشعب السوري شعب حضاري قادر على نبذ خلافات الماضي وراء ظهره وأن يستشرف المستقبل البعيد الذي يجب أن نمشي إليه بكل ثقة وأن يكون على يقين أننا قادرون على إعادة إعمار سورية التي تحتاج إلى تضافر جهود أبناء الوطن كلهم، فالوطن كبير ويتسع للجميع ومادام الحوار تحت سقف الوطن يمكن أن تتقارب وتتباعد الأفكار، وما يبعث في النفس الطمأنينة هو حب الوطن الذي يعتبر كبوصلة يسترشد بها جميع أبنائها.
حكواتي الحفل
من جانبه، اعتبر حكواتي الحفل الفنان كفاح الخوص أن احتفالية اليوم هي نافذة مفتوحة تشعرنا بالأمل والانفراج فالخطوة الأولى تبدأ من الثقافة  بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فهي البوابة الأساسية  لمد جسور التواصل وأتمنى أن تكون هذه التوءمة المعنوية بين الثقافة والمصالحة الوطنية هي الخطوة الأولى نحو تخطي ما نمر به. وعما قدمه في الاحتفالية أوضح الخوص أنه شارك في منحيين فهو كان الحكواتي في البهو الذي جمع الناس حوله، وحكى لهم عن حب الوطن ومعنى الانتماء ثم قاد الجمهور عبر محطات متتالية، وعلى المسرح تحول إلى مقدم الاحتفال.
أهمية الفنون
من جهته اعتبر جوان قره جولي مدير دار الأسد للثقافة والفنون أن الثقافة هي السلاح الأقوى ضد أي فكر، ومن يمتلك الثقافة فليتحرك لإيصال سورية الحقيقية إلى العالم، فاليوم للفنون دور هام ونحن في بلد له تاريخ عريق يمتد لـ 7000 سنة، ومن هنا ظهرت وانطلقت أولى نوتة موسيقية وأولى أبجدية في التاريخ. ويضيف: “اليوم السوري للمصالحة الوطنية” هو ليس يوماً للتصالح مع الآخر فقط، وإنما هو تقبل الآخر ومشاركته أفكاره وعقله.
مبارك لسورية
وتخلل الاحتفالية لوحات رقص باليه بإشراف السيدة هبة بيروتي التي أكدت من خلال مشاركتها الصغيرة أن هذه الفعالية تؤكد أن البلد مازال بخير وأن الثقافة بكافة مجالاتها مازالت مستمرة، والمشاركة في يوم وزارة الثقافة السورية كانت بمثابة تهنئة لسورية ولوزارة ثقافتها.
وأشار الشاعر توفيق الأحمد، مدير القناة الأولى في التلفزيون العربي السوري، أن هذا اليوم هو يوم ثقافي بامتياز شاكراً وزارة الثقافة أنها تحتفل  بهذه الفعالية للمرة الأولى، فهي الوزارة التي تحتاج للاحتفال بمنجزاتها الثقافية والجمالية بشكل عام، فسورية هي بلد الثقافة العريقة في التاريخ، وبلد الثقافة حاضراً بكل أهدافها التي تؤسس لبنى مجتمعية عالية وحضارية وراقية.

ثقافة سورية النيّرة
وقال د. حسين جمعة رئيس اتحاد كتاب العرب أن هذا اليوم يعني أن مكانة الثقافة تبقى في الموضع الذي تحتاج إليه البشرية وعندما يكون للثقافة هذه المنزلة في نفوس أبنائها فهذا يعني أن هناك تطوراً ملحوظاً نجده لدى الناس في فهم الارتقاء الحضاري لأي مهمة لذلك اليوم وعندما نحتفل بالثقافة السورية فإننا نحتفل بحضارة سورية التي لن تغيب عنها الشمس مؤكدين أن ثقافة الإرهاب لن تتفوق على ثقافتنا، فهي ثقافة تنوير ووعي ومواطنة والانتماء إلى هذه الأرض المقدسة، هي ثقافة حضارية متجذرة في الأرض السورية.
تكريس أهمية الثقافة
أما مدير منشورات الطفل غسان كلاس فقد أوضح أن هذه الفعالية من الفعاليات البارزة التي كرست موضوع الثقافة وأكدت على أهميتها في مواجهة الأفكار المضللة وهي تحدد الأطر التي بذلت من قبل وزارة الثقافة، ونوه إلى أن المديرية قدمت عبر معارض الكتاب في المحافظات كافة المنشورات التي طبعت في الوزارة فيما يخص الأطفال واليافعين بالإضافة إلى المجلات الخاصة بهم.

عنواناً هاماً..
من جهته أكد نقيب الفنانين زهير رمضان أن هذه الخطوة المباركة تحمل عنواناً هاماً ليوم الثقافة السورية فهي بمثابة تكريس وتعزيز المصالحة الوطنية والحوار الوطني ورسالة حضارية تثبت أن سورية هي الوطن الكبير الذي يحتضن الجميع، ورأى رمضان أن كل إنسان من موقعه وثقافته وفكره هو معني بالهم الوطني من أجل كرامة واستقلال ومستقبل  سورية.
رسالة سلام
كذلك اعتبر محمد زغلول مدير معهد صلحي الوادي للموسيقى أن هذه الاحتفالية هي رسالة  حب وسلام نوجهها من قلب دمشق فحواها أننا باقون، وأن الشعب السوري حي وصامد ومحب للحياة، وتحدث زغلول بفخر عن الأطفال المشاركين في الاحتفالية بتضافر جهود ذويهم  ومتابعتهم مع المعهد إضافة لجهود الأساتذة ضمن دعم وزارة الثقافة التي هي نموذج عن سورية الأم.
حضر الاحتفالية الرفيق الدكتور خلف المفتاح عضو القيادة القطرية للحزب رئيس مكتب الثقافة والإعداد والإعلام، وعدد من الوزراء ومديرو المؤسسات الإعلامية والأديبة كوليت خوري، وحشد من المدعوين والمهتمين بالشأن الثقافي.
جمان بركات – لوردا فوزي