ثقافة

“دونالد راي بولوك” يوثق بؤس الحياة في وادي كنوكامستيف

كنوكامستيف بلدة نائية في أقاصي ولاية أوهايو في الميدويست الوسط الغربي الأمريكي. في هذه القرية المهجورة اليوم، ولد دونالد راي بولوك عام 1954 وترعرع فيها. وهناك رعى ديكور رواياته الثماني عشرة التي تقطع الأنفاس، والعامرة بشخصيات نصف خيالية نصف واقعية، القاسم المشترك بينها هو الجنون والقساوة والخيبات، اسم المكان قد يكون مأخوذ من عبارة: em stiff ‘  knock التي تعني حرفيا: “أطح بهم بقساوة” وبحسب أسطورة بولوك ،هذه التسمية الغريبة تعود إلى حادثة شجار على درج الكنيسة بين زوجة مخدوعة وغريمتها ويقال إن الواحدة هددت الأخرى بأن تطيح بهم بقساوة nock her stiff ويفترض أن البلدة لم تكن تحمل هذا الاسم بعد، وما كان ليجد تكهنات أكثر ملائمة من هذه، ذلك أن العنف يجد فيها مكانه المناسب. عنف وحشي أسود هو ذاك الذي يحمله سكان هذه المزرعة المنسية ذات الأقدار الطائشة والتي لا معنى لها أولئك يتأكلهم الكحول والمخدرات والبطالة وتتلفهم العزلة وعلى طول هذه الحكايات التي تمتد من ستينيات القرن الماضي إلى تسعيناته حيث يتم اللقاء مع الأسر الشابة التي لا تملك مالاً ولا مستقبلاً، لاجئين  في عربة متلفة، مدمنين على الكوكايين ومهتمين بالكمال الجسماني من الأب إلى الابن، متعطشين إلى المجد الإقليمي –آه، كي يصبحوا “ملوك أوهايو الجنوبية” ويقوّون أجسامهم بالهرمونات، مستعدين للجلطة القلبية، زوج فظ يعّلم ابنه كيف يلحق الأذى بأحدهم، ومراهق متشرد يلتقي سائق شاحنة وينتهي في متاهة وأم تجبر ابنها على تمثيل دور قاتل سفاح إرضاء لهلوساتها، وهارب متخلف عن الحرب لأنه “لا يخاف القتال بقدر ما يخاف مغادرة الوادي”، وادي كنوكامستيف، والذي ينصب فخاً قاتلاً لعسكريين كانا يلاحقانه. لائحة هؤلاء المتهمين الذين يترددون على ضاحية المدينة تطول. ويتغنّون فيها كأنهم ملعونون ولا يستطيعون أبداً التملص منها، والذين لا يراودهم أي أمل، أو القليل منه، بأيام آتية فضلى، إذ يصعب على كل منهم أن يتخلص من هذا الإحساس بأنه غير مرحّب به في أي مكان هذا العالم.
دونالد راي بولوك، عندما التفت إلى الأدب، كان قد تجاوز الخمسين من عمره بعد أن شارك في محترف كتابة في جامعة ولاية أوهايو. ترك المدرسة في السابعة عشرة من عمره. حيث عمل في مهن مختلفة. وبنبرة خشنة مطعّمة بالمضحك المبكي، يرسم بولوك بمرارة الحياة اليومية الوبيلة للمحرومين وفاقدي التوازن في عمق ريف الولايات المتحدة، أولئك الذين يعتبر وجودهم نفسه في الحياة غير طبيعي في نظر أمريكا الغنية. “إنه لمن الصعب تصور وجود أناس على هذه الدرجة من الفقر في هذا البلد” يقول متعجباً، رجل  من كاليفورينا معجب بالغرائب كان ماراً في كنوكامستيف.
إبراهيم أحمــد