ثقافة

صباح الفن السابع

لم تشذ الفنانة الراحلة صباح عن زملائها المطربين العرب الذين لمع نجمهم وذاع صيتهم في عقدَي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في خوض غمار العمل السينمائي حين وجد فيهم المنتجون السينمائيون وسيلة مثلى لتحقيق أفلام سينمائية جماهيرية تستغل الشهرة الواسعة التي حققها هؤلاء المطربون في الإذاعات والمسارح العربية ويكون لها النصيب الأكبر في شبّاك تذاكر صالات السينما، فإلى جانب فريد الأطرش وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزي وفهد بلان ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية كان للفنانة صباح تجربتها السينمائية المتميزة والمتألقة التي ابتدأتها مع المنتجة السينمائية اللبنانية آسيا داغر التي كان نشاطها السينمائي متمركزاً في القاهرة فكان فيلم “القلب له واحد” من أوائل أفلام صباح السينمائية، لتتوالى بعد ذلك أفلامها “بلبل أفندي-الآنسة ماما-الرجل الثاني-شارع الحب-أيام اللولو-المخطوف-ليلة بكى فيها القمر-شلّة المشاغبين-غيتار الحب-هذا الرجل أحبه-هذا ما جناه أبي-نار الشوق-نهاية حب” وغير ذلك من الأفلام التي وقفت فيها صباح إلى جانب نجوم السينما العربية في ذلك الحين كرشدي أباظة ومحمد فوزي وأحمد مظهر وفريد الأطرش، وقد فاق عدد أفلامها الثمانين فيلماً، والطريف هنا أنها عندما سُئِلَت عن أفلامها في حوار أُجري معها قبل عدة سنوات لم تتذكر معظم عناوين هذه الأفلام.
الشيء المميز في تجربة صباح السينمائية أن معظم الأفلام التي شاركت فيها لم يكن الهدف الأساسي منها تقديم النجم المطرب ومجموعة من أغانيه ضمن حبكة درامية ضعيفة كما هو حال العديد من الأفلام السينمائية التي اضطلع ببطولتها مطربون كبار لكنها كانت من النوع العادي فكرياً.
في سياق الحديث عن صباح النجمة السينمائية لا يمكن تجاهل تجاربها السينمائية مع الفنانين الكبيرين دريد لحام ونهاد قلعي حيث شاركتهما بطولة ثلاثة من أفلامهما هي “عقد اللولو-المليونيرة-فندق الأحلام”.
غلب على الشخصيات التي قدمتها صباح سينمائياً طابع الطرافة والكوميديا، حيث غالباً ما جسدت دور الفتاة خفيفة الدم، صاحبة المقالب، طيبة القلب، وقد حققت الأغاني التي قدمتها في هذه الأفلام شهرة واسعة في حينه، لكن الملاحظة التي يمكن أن نسجلها هنا هي أن أغلب هذه الأغاني قد طواها النسيان ولم تعد وسائل الإعلام تبثها، وحتى الفنانة صباح بذاتها لم تغنِّها في الحفلات والبرامج التلفزيونية التي كانت تشارك فيها ربما إيماناً منها أن وظيفة هذه الأغاني قد فات أوانها وانتهت مهمتها ولا مكان لها سوى في الشرائط السينمائية التي صوِّرَت فيها. اليوم من النادر أن تخلو قناة سينمائية عربية من أفلام الفنانة صباح التي أبدعت في فنها السينمائي مثلما أبدعت في فنون الغناء والطرب.

الثقافة