الصفحة الاولىمن الاولى

السوريون في ذكرى سلخ لواء اسكندرون: اللواء باق في عقولنا ووجداننا.. وسيعود إلى حضن الوطن مهما طال الزمن

تحلّ الذكرى الخامسة والسبعون لجريمة سلخ لواء اسكندرون عن الوطن الأم سورية، والسوريون يؤكدون أن اللواء باق في عقولهم ووجدانهم كأرض عربية سورية محتلة، لا بد أن تعود إلى حضن الوطن مهما طال الزمن، مثلها في ذلك مثل الجولان المحتل، لأن الحقوق لا تسقط بالتقادم.
واليوم، كما في كل يوم، ورغم كل ما قامت وتقوم به السلطات التركية ضد السكان السوريين من أبناء اللواء، واضطهادهم والتضييق عليهم، وتغيير اسم اللواء إلى الاسم التركي “هاتاي” بهدف تتريكه، وتهجير سكانه السوريين، ومصادرة أراضيهم بغية تغيير الواقع الديمغرافي له، يصر السوريون أبناء اللواء السليب على ارتباطهم بوطنهم الأم سورية وانتمائهم له، ويؤكدون في كل مناسبة أن لواء اسكندرون سيبقى سورياً ولن يفقد هويته العربية السورية مهما طال الزمن. فكل صفقات الجغرافيا لا تستطيع إلغاء الانتماء للوطن، ولعبة الأمم لا تلغي حقائق التاريخ، وإرادة أبناء اللواء لم ولن تنكسر، فما زال إيمانهم بالعودة إلى حضن الوطن راسخاً لا يتزعزع، ومازال الوطن وسيبقى حاملاً في عقله ووجدانه قضية لوائه السليب الى أن يتحرر حتى آخر شبر من الاستعمار التركي البغيض.
يقع لواء اسكندرون شمال غرب سورية، ويطل على البحر المتوسط، ممتداً على مساحة 4800 كلم مربع، ويسكنه اليوم أكثر من مليون نسمة، ولم تكن تبلغ نسبة الأتراك فيه عام 1920 أكثر من 20 بالمئة، وقد حرره العرب في عام 16 للهجرة من الاحتلال البيزنطي وأعادوا إليه هويته وعمّروا أرضه وحصّنوه كخط أول في مواجهة الروم البيزنطيين، وبقي قلعة وثغراً عسكرياً متأهباً في مواجهة محاولات الغزو الخارجي إبّان ضعف الدولة العربية الإسلامية المركزية في بغداد.
وبعد معركة حطين، وبعد سقوط الدولة الأيوبية، غزا العثمانيون المنطقة العربية وضموا اللواء إلى ولاية حلب، وأصابه ما أصاب البلاد العربية نتيجة الاحتلال العثماني من فقر وتخلف، ولم ينقطع عن عمقه في مصر والشام، بل تواصل مع كل الثورات التي قامت على العثمانيين من ثورة الأمير فخر الدين المعني الثاني، إلى إبراهيم بن محمد علي باشا، إلى أن انطلقت الثورة العربية الكبرى عام 1916 فشارك أبناؤه في مقاومة المحتل العثماني وطرده من المشرق العربي.
وقع اللواء بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى ضحية اتفاقية التقسيم سايكس بيكو، التي تمت بشكل سري بين فرنسا وبريطانيا عام 1916 وكان من نصيب الاحتلال الفرنسي، فاعترفت الدولة العثمانية بالهزيمة وأقرت بعروبة اللواء في معاهدة سيفر في 10 آب عام 1920، التي وقعت مع قوات الحلفاء، لكن فرنسا، والتي خالفت صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الأراضي المنتدبة عليها، تنازلت في عام 1923 عن الأقاليم السورية الشمالية، فانتقل خط الحدود السورية التركية باتجاه الجنوب، وبقيت الأطماع التركية قائمة في اللواء، الذي استقل إدارياً وأطلق عليه لواء اسكندرون، حتى صدور قانون التنظيمات الإدارية في العاشر من كانون الثاني عام 1936 فأصبح محافظة سورية كبقية المحافظات، وبقيت كلمة لواء هي الغالبة في الاستعمال.
وفي عام 1936 اندلعت مظاهرات ضد فرنسا دامت أربعين يوماً في جميع المدن السورية للمطالبة بالاستقلال، فأذعنت فرنسا وعقدت مع سورية في 9 أيلول من العام ذاته معاهدة تضمن الحرية والاستقلال لسورية، بما فيها اللواء، ودخولها في عصبة الأمم، لكن تركيا رفضت إبقاء اللواء ضمن الدولة السورية، وطالبت بتحويله إلى دولة مستقلة، شأن دولتي سورية ولبنان، وإنشاء اتحاد فيدرالي بينها، ورفعت القضية إلى عصبة الأمم، والتي أرسلت ثلاثة مراقبين دوليين إلى أنطاكية، طافت في مختلف المناطق والنواحي، وتعرفت على السكان، واجتمعت مع وجهاء الطوائف وزعماء الهيئات السياسية والدينية، واستمعت إلى مطالبهم، وعادت اللجنة الدولية إلى جنيف بانطباعات أن الأتراك لا يشكلون أكثرية السكان، وأن الغالبية العظمى من سكان اللواء، بمن فيهم نسبة كبيرة من الأتراك، يعارضون ضمه إلى تركيا، وأن الأتراك ليسوا مضطهدين من جانب السلطة المحلية.
وفي 24 كانون الثاني عام 1937 اتفقت فرنسا وتركيا على جعل اللواء منطقة مستقلة ذاتياً في نطاق الوحدة السورية على أن تكون منزوعة السلاح، وشكلت عصبة الأمم لجنة من ستة خبراء أعدت نظاماً عاماً وقانوناً أساسياً للّواء وتمّ إقرارهما في جلسة 29 أيار 1937، وحدد يوم 29 تشرين الثاني 1937 موعداً لبدء تنفيذهما، وينصّ هذا النظام على أن يكون اللواء منطقة مستقلة في أمورها الداخلية وتدار أمورها الخارجية من قبل سورية، وأعلنت تركيا وفرنسا قبولهما بالتسوية الجديدة، لكنهما عملتا على تتريك اللواء وتهجير العرب والعبث بهويته الديموغرافية وإلغاء التعليم باللغة العربية وإلغاء كل المعاملات الحكومية بها وتبني الليرة التركية كعملة رسمية.
وفي الأول من أيلول عام 1939، أعلنت تركيا ضم اللواء نهائياً إليها، لكن تبقى أسماء الجبال والسهول والمدن في اللواء تحمل روح المنطقة وتاريخها وتنطق بهوية الأرض، فأنطاكية واسكندرون وأرسوز والريحانية والسويدية أسماء تفوح منها عروبة المدن، والأمانوس والأقرع وجبل موسى والنفاخ أسماء لا تخفي هوية الجبال السورية.
واليوم تحل ذكرى سلخ اللواء الحبيب وسورية تحارب منذ أكثر من ثلاث سنوات الإرهاب التكفيري، الذي يمده نظام أردوغان بكل وسائل الدعم لإسقاط الدولة الوطنية السورية وتفتيتها، وقد قطع الجيش العربي السوري شوطاً كبيراً في القضاء على هذا الإرهاب، ونجح في التصدي للمشروع المعادي وإفشال أهداف “العثمانية الجديدة التي تحطمت على صخرة صموده وصمود الشعب العربي السوري وشجاعة القائد الفذّ السيد الرئيس بشار الأسد وحكمته. وكما استطاعت سورية أن تتصدى للعدوانية الأردوغانية وتلجمها، فإنها ستعرف كيف تستعيد أرضها المغتصبة في اللواء والجولان.
وبهذه المناسبة أكد حزب الشباب الوطني السوري أن لواء اسكندرون المغتصب من قبل تركيا حاضر في قلب كل وطني سوري، وأشار في بيان إلى أن الشباب السوري لن يتخلى عن تراب الوطن وأنه سيبذل الغالي والرخيص لاستعادة الأراضي السورية المحتلة، فحرية الشباب السوري تبدأ في الجولان السوري المحتل وتنتهي بلواء اسكندرون.