ثقافة

في فعالية “اللغات والحضارات”: جامعة دمشق تؤكد على التفاعل الحضاري عبر تمازج اللغات والثقافة

دمشق- البعث

 شدد وزير التعليم العالي د. محمد عامر مارديني على ضرورة الانخراط أكثر فأكثر في قضايا المجتمع واعتبر خلال فعالية  اللغات والحضارات التي أقامتها جامعة دمشق بالتعاون مع معهد اللغات . أن هذه الفعالية تمثل انخراطاً حقيقياً للجامعة في قضايا المجتمع وهي تعبر بصدق عن عمق العلاقات بين الجمهورية العربية السورية وكل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهوريتي أرمينيا وروسيا الاتحادية. وتوجه مارديني بالتحية والشكر للدول الصديقة الداعمة لموقف سورية في وجه الحرب الهمجية التي تستهدف حضارة المنطقة وتحاول اقتلاع جذور الحضارة من سورية التي قدمت الحروف الأبجدية والحضارة. وأشار د. مارديني إلى أن اللغة والحضارة وجهان لعملة واحدة وعندما كان العرب يقودون الحضارة  طغوا في لغتهم على كل لغات المنطقة على الأقل حينها.

ويتابع د. مارديني: نحن الآن للأسف في موضوع تعريب اللغة نختلف كعرب في نقل المصطلحات العلمية بين الدول العربية، ونختلف على نقل العلوم بلغات ركيكة لأننا لا ننتج المعرفة ولا ننشرها نحن، بل نستهلكها وهذه رسالة لكل طلبة العلم في الجامعات السورية وجامعة دمشق تحديداً بأن موضوع نشر العلوم باللغة العربية واجب. وأنهى د. مارديني كلامه بضرورة أن تمتد مثل هذه النشاطات على مساحة الجامعات السورية كلها .

المعرفة المشتركة

 من جهته اعتبر رئيس جامعة دمشق د. محمد حسان الكردي أن فعالية اللغات والحضارات تركز على صيغة الجمع التي تعكس أهمية الحضارات والتعددية اللغوية التي تفضي إلى المعرفة المشتركة، والتي هي مفتاح للتعايش السلمي على جميع الأصعدة والمستويات، والتعددية اللغوية تطرح مسألة الخصوصية التي تميز كل أمة، وهنا على الجامعات والمثقفين الوقوف بوجه التحديات التي تواجه الأمم في عصر العولمة.

وأوضح الكردي أن الفعالية تلقي الضوء على الدور الحضاري الذي  تلعبه  اللغات  الفارسية والأرمينية والروسية والخصائص الفكرية والثقافية والفنية التي تميزها في  تفاعلها مع اللغة العربية التي تميز ثقافة المنطقة العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص.

منبر ثقافي

وأشارت د. ميساء السيوفي مديرة المعهد العالي للغات إلى أن فعالية اللغات والحضارات تعد منبراً ثقافياً للتعبير عن لغات وحضارات الشعوب الصديقة التي تفاعلت مع الشعب السوري على مدى التاريخ وشاركته الأفراح وتضامنت مع محنته، فهذه الدول تشارك  في التعريف بموروثها الثقافي والحضاري واللغوي بعرض الكتب والإبداع الفكري والقطع الفنية الفريدة والأفلام الوثائقية المميزة.

وبينت السيوفي أن اختتام الفعالية سيكون موازياً للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي خصصته “اليونسكو” للحرف العربي لنخط فيه كلمات الوداع ومواعيد أخرى للقاءات القريبة في أنشطة جديدة، وأن تدريس اللغات الآرامية والكردية والأرمينية  تشكل مع اللغة العربية الفسيفساء السورية.

إغناء الحضارة الإسلامية

وبدأ أنور حبيبي ممثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية كلمته بالتحية لأرواح الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الوطن والقيم النبيلة وأثبتوا بدمائهم الطاهرة أن صوت الحق والعدالة سيبقى خالداً، وأننا نثبت في اجتماعنا  تحت راية العلم والثقافة والحضارة أن أصحاب الحضارات العريقة يمكنهم من خلال تمسكهم بالمشتركات والتعاون مع بعضهم البعض في سبيل تحقيق إنجاز الأهداف المشتركة، وتعتبر الثقافة الإيرانية غنية حيث ساهمت في إغناء الحضارة الإسلامية وارتبطت مع الثقافة العربية بأقوى الصلات والروابط.

وأضاف حبيبي: إن الثقافة الفارسية أنجبت الكثير من الأدباء والشعراء منهم “الفردوسي، الخيام، وجلال الدين الرومي وغيرهم….” وكثير من المفكرين والشعراء الذين زودوا المكتبة الإنسانية بروائع العلوم والآداب ولا تزال الكتب والمؤلفات الإيرانية تترجم إلى اللغات الأخرى، وإن تطور التعاون والتنسيق بين البلدين والشعبين الإيراني والسوري، يعود لامتلاكهما الحضارات العريقة التي لازالت تأثيراتها في مجال التنمية مستمرة في المجتمعات البشرية، وتسعى إيران إلى استثمار حضارتها وثقافتها في الحالة المعرفية لدرجة أن  المرشد الأعلى للثورة الإسلامية أعلن هذه السنة الشمسية عام الجهاد الثقافي والعلمي.

وأشار إلى أن الثورة الإيرانية  منذ انتصارها قدمت للمجتمع الإيراني أكثر من عشرة ملايين طالب جامعي كما ازدادت نسبة اهتمام الطلاب بالدراسة الجامعية ، وأدى  ذلك إلى تفعيل دور الشعب ولاسيما شريحة الشباب في المجتمع وصولاً إلى التطور والإنجازات العلمية التي وصلت إليها إيران، وندعو دائماً الدول الإسلامية والعربية إلى التعاون العلمي والجامعي للاستفادة من التجارب والمخزون العلمي والسير نحو الاكتفاء الذاتي والاستقلال، وسورية وشعبها الصديق لبت النداء ومازالت تعمل وتتعاون مع الجمهورية الإيرانية طوال السنوات الماضية عبر التعاون وتبادل الآراء والتجارب العلمية والثقافية ولاسيما تخصيص المنح الدراسية لأكثر من 250 طالباً جامعياً سورياً خلال العام الجاري، مؤكداً على ضرورة العمل على تفعيل المذكرات أكثر والإسراع في تنفيذها.

الانخراط في قضايا المجتمع

وفي كلمة ممثل جمهورية أرمينيا في سورية رأت د. نورا إليسيان أن تنظيم فعالية اللغات والحضارات من قبل المعهد العالي للغات في جامعة دمشق  يأتي في إطار التعاون العلمي والثقافي بين جمهورية أرمينيا والجمهورية العربية السورية مؤكدة ترحيب السفارة الأرمينية بافتتاح شعبة اللغة الأرمينية وتدريسها ضمن الفعاليات التي يقيمها المعهد العالي للغات. وركزت إليسيان على جهود السفارة الأرمينية في دعم كافة النشاطات والفعاليات للتعريف باللغة والحضارة الأرمينية كما تحدثت عن برنامج النشاطات للأسبوع الثقافي الأرميني والذي سيتضمن محاضرات عن الاستشراق وتاريخه في أرمينيا إضافة إلى محاضرات عن اللغة الأرمينية وفي نهاية الفعالية ستقوم شعبة اللغة الأرمينية بإهداء معهد اللغات مجموعة من الكتب. وأكدت على ضرورة التعاون وبذل الجهود لدعم وإنجاح التعاون العلمي والثقافي بين سورية وأرمينيا.

 الصداقة السورية الروسية

وأكد ممثل جمهورية روسيا الاتحادية في سورية د. جمال دورمش أن العلاقات السورية الروسية في مجال اللغة والثقافة تمتد لعقود طويلة وخلال هذه الفترة شهدنا أحداثاً ومتغيرات كثيرة لكن أبرزها هذا العام  بدء تعليم اللغة الروسية في المدارس السورية وافتتاح قسم اللغة والآداب الروسية في جامعة دمشق. واعتبر دورمش أن الفعاليات الثقافية العلمية التي ينظمها المعهد العالي للغات ستلعب دوراً هاماً في تمتين أواصر الصداقة السورية الروسية.

تضمن الافتتاح معرضاً للصور الضوئية ومعرضاً للكتاب يجسدان عمق الحضارة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويبرزان أهم معالمها الأثرية وأهم المؤلفات في مجال الأدب والثقافة باللغة الفارسية.

ت: قاسم سليمان