محليات

من الورق إلى الألق

أعياد كثيرة تزخر بها أجندتنا السنوية، لكن الأيام تطويها دون أن تترك أئراً يذكر فيها إلى حين عودتها ثانية في الموعد المحدد من العام التالي وتعود الكرّة من جديد / بروشورات حول المناسبة– احتفال– حضور رسمي، وأحياناً شعبي– كلمات تتحدث عن المناسبة المحتفى بها وأهميتها– توصيات– ثم اختتام/ لتبدأ مرحلة نسيان المناسبة وتكرار المشهد السابق عاماً بعد آخر دون نتائج تذكر.
لنترك الأعياد الدينية /الفطر– الأضحى– المولد النبوي- الميلاد– الفصح. ..وغيرها/، حيث أهدافها وطقوسها معروفة، ولنركز على الأعياد والأيام التي استحدثت وطنياً وأممياً للفت النظر إلى قضية معينة بهدف الاهتمام بها، والعمل بشكل مكثّف لحل مشكلاتها وتحسين واقع المستهدفين منها كيوم البيئة الوطني الذي أقرّ في الأول من تشرين الثاني الجاري، أو تلك التي نتشارك فيها مع الجميع ويطلق عليها اسم اليوم العالمي مثل يوم المرأة العالمي- يوم الدفاع المدني- عيد العمال– يوم الصم– اليوم العالمي لمكافحة التدخين– اليوم العالمي للنظافة– للمسنين– للطفل– للبريد – لمرضى السكري- لمكافحة الفقر.. إلخ، وهو ما يتجاوز الـ 48 مناسبة احتفال عالمية.
إن تخصيص أيام من السنة لهذه المناسبات الوطنية كانت، أو العالمية لم تأتِ لحجز الصالات وإلقاء الكلمات والتعارف بل جاءت لتسليط الضوء على قضية معينة تشكل هاجساً وحاجة ملحة لتغيير واقع ما نحو الأفضل. لكن إذا قمنا “بجردة” حساب على الأيام التي احتفلنا بها منفردين كيوم البيئة الوطني بداية هذا الشهر، علماً أن هناك يوم للبيئة العالمي/5 حزيران/ أو مجتمعين كاليوم العالمي للمسنين مثلاً نجد أنها لم تترك أثراً بعد انقضاء يومها لأننا على المستوى الرسمي وفي ظل حداثة ومحدودية فاعلية قطاعنا الأهلي في مثل هذه المناسبات لم نقم بتكريس فهم جديد للاحتفال يتحول من مستوى نظري كالمهرجانات والندوات والمعارض. إلى مستوى عملي، وإبرازه بشكل لافت وقوي والتشجيع عليه بإقامة المسابقات لأفضل اختراع مثلاً لحل مشكلة بيئية ورصد المكافآت العينية والنقدية لأصحابها. فإقامة المعارض والندوات وزراعة بعض الغراس لم يحل مشكلة المجازر بحق غاباتنا المعمرة والفتية، والتي استفحلت مع نقص المشتقات النفطية ولاسيما مازوت التدفئة رغم التنبؤ بهذه المشكلة قبل حدوثها، ولم نستطع على المستوى الرسمي لاسيما وزارات الزراعة والصناعة والبيئة تحويل مخلفات معاصر الزيتون من مشكلة بيئية إلى نعمة وطنية، سواء بمخلفات السوائل كسماد وفق معطيات سابقة أو المخلفات الصلبة كوقود للتدفئة وبمبادرات فردية، خاصة كما لاحظنا مؤخراً في الأسواق لكن الجهات المعنية لم تلتفت إليها ولم تأخذ مثل هذه المبادرات على محمل الجد وإذا فصلنا في كل المناسبات الاحتفالية نجد أنها لم تقدم للمناسبة سوى احتفالات شكلية لرفع العتب لاأكثر ولا أقل.
أمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى يمكن سوقها ليس في مجال البيئة بل في شتى المجالات لنصل في النهاية لافتقاد مؤسساتنا ليس للابتكار فقط بل حتى للاهتمام والمتابعة لكل ما هو خارج روتينها اليومي المعتاد الذي لن يقود قافلة التطوير إذا ما بقيت على ما هي عليه.
عواطف منصور