ثقافة

قمر كيلاني.. ومضات في ذكراها

” لم تكن الأسرة تعرف شيئاً عما أكتب، ولا عن سير دراستي كما لو كنت أخفي ذلك عنها، وأشعر بالحزن لأنهم لا يهتمون بهذا الجانب الحساس جداً في تكويني الثقافي، ولا أجد من أناقشه في كتاب (جبران) أو (المنفلوطي) أو من المترجم من الأدب الفرنسي، ولا من يحضر تلك المشاهد الرقيقة والخفيفة في احتفالات آخر العام التي أبرز فيها بكثير من التفرد”. بهذه الكلمات تحدثت الراحلة الأديبة قمر كيلاني (1932 – 2011) في أحد الحوارات التي أجريت معها.. قمر كيلاني.. التي خطّت حروف اسمها بالفحم على جدار بيت الجد الكبير في دمشق فشعرت أنها أصبحت في روح هذه الحروف. والتي نما حب اللغة العربية منذ قراءاتها الأولى في العاشرة من عمرها، هي التي تعتز وتفخر بأساتذتها الذين كانوا لا يبخلون بالنصح والإرشاد: عبد الكريم اليافي، عادل العوا، عبد الله عبد الدايم، سعيد الأفغاني، شاكر مصطفى، إبراهيم الكيلاني، شكري فيصل، وأمجد الطرابلسي الذي بات صديقاً وثمّن إصرارها لتكون كاتبة، عطفاً على ما قاله لها في مقتبل العمر: نحن نريد معلمين للغة العربية لا أدباء.
قمر كيلاني التي تماهت في دمشق حباً، وذابت في سحرها وسموها وأصالتها عشقاً، استحقت أن تكون ياسمينتها.. ياسمينة دمشق. قمر التي كانت إبداعاتها إضافة نوعية لدور المرأة وحضورها اللافت، والتي كانت تحرص على كتابة مقالها الأسبوعي، ومنذ العام 1963 ليكون صوتها وصورتها وضحكتها وحزنها، وكل التفاصيل التي ترتعش لها عندما تكتب أو تهزها خلال أسبوع.
أغنت قمر بإبداعاتها المتنوعة المكتبة العربية، فقد أصدرت لغاية العام 1987 تسع روايات: أيام مغربية، بستان الكرز، نجمة والدار الكبيرة، الهودج، حب وحرب، طائر النار، الأشباح، الدوامة، أوراق مسافرة.
كما أصدرت منذ العام 1972 سبع مجموعات قصصية: عالم بلا حدود، الصيادون ولعبة الموت، اعترافات امرأة صغيرة، امرأة من خزف، حلم على جدران السجون، المحطة، الرهينة.
ويسجل لوزارة الثقافة اهتمامها بهذا النتاج وإصداره مجدداً في مستهل هذا العام تحت عنوان الأعمال الكاملة: روائياً – قصصياً في ثلاثة مجلدات تزيد صفحاتها عن ألفين ومئتي صفحة.    ويذكر أن للراحلة كيلاني دراسات ثلاث منشورة: التصوف الإسلامي 1962، أسامة بن منقذ – 1985، امرؤ القيس – 1986،     ولا بد من الإشارة أخيراً إلى كتابها (دمشق عاصمة ثقافية أبدية) الذي صدر في العام 2011 ومما قالته – رحمها الله – في تقديمه:
… وما أكثر ما كتبت عن دمشق في قصصي وأبحاثي ورواياتي ومقالاتي، ما نبع من القلب بملء الحب وبكل الاحترام والتقدير لمدينة هي على التاريخ في عناية العلي القدير، وكثيرة هي الرسائل التي وصلتني تباعاً – خلال العام الثقافي – وخاصة عبر البريد الالكتروني من القارات الخمس، وبعضها يطالبني بأن أجمع هذه الأوراق في كتيب باسم هذه المناسبة.
قمر كيلاني الخالدة دائماً افتقدنا وجودك بيننا ولكننا ما زلنا، وسنبقى، نراك في تراثك ومن خلال الغالية (لينا).
غسان كلاس