اقتصادتتمات الاولى

الاكتفاء الذاتي ساهم في تأمين مواد غذائية رئيسية وشجّع الصادرات التقليدية

قدرة الحكومة على تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني ما كان لها أن تستمر لولا القطاع الزراعي الاستراتيجي، لا بل هو الأهم بالمطلق في دوران عجلة إنتاج جميع المجالات دون استثناء، وفي تأمين المواد الأولية لصناعات وطنية، ويعتبر الإنتاج الغزير من الفواكه والخضروات رافداً قوياً لأسواقنا، وبالتالي سنداً للاقتصاد في ظل الأزمة وعاملاً كابحاً للعقوبات الخارجية الجائرة والظالمة.
ومن هذا المنطلق كان جميع الشرفاء الغيورين ينادون بالدعم غير المحدود للزراعة مادياً ومعنوياً، وإن تلمّسنا في مرحلة ما تباطؤاً في تنفيذ المخطط والمطلوب كانت نداءات الاستغاثة تهبّ من كل حدب وصوب.
ومن هذا المنطلق أيضاً، حرصت الحكومة على دعم المحاصيل الرئيسية ومربّي الثروة الحيوانية، فأقرّت في جلستها المنعقدة مطلع نيسان الماضي موازنة تقديرية لصندوق دعم الإنتاج الزراعي لعام 2014 بمبلغ قدره 10 مليارات ليرة سورية، ومن خلال بيع المقننات العلفية بأسعار مدعومة، كما أن سعر محصول القمح والشعير يعدّ مجزياً وجيداً وشكلاً من أشكال الدعم للقطاع وللفلاحين والمنتجين حيث اعتمد على التكاليف بالإضافة إلى هامش ربح للفلاحين قدره 25%.
الأيدي العاملة
وفي رحاب الذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد العام للفلاحين في سورية يبرز دور القطاع الزراعي المهم في الاقتصاد القومي السوري، حيث تساهم الصادرات الزراعية بنصيب مهم في التجارة الخارجية، إضافة إلى ذلك يساهم في تشغيل الأيدي العاملة وتوفير العيش لأعداد كبيرة من الأفراد (50٪ من السكان يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر منذ عام 1980)، حيث يحتل القطاع الزراعي المرتبة الثانية بعد النفط من حيث الإيرادات التصديرية في ميزان الصادرات السورية، وخلال العقود الأخيرة الماضية تمكنت الزراعة من تغطية الاحتياجات الناتجة عن زيادة السكان بمعدل أربعة أضعاف، ما حسّن درجة الاكتفاء الذاتي من القسم الأكبر من المواد الغذائية الرئيسية مثل القمح والخضار والفواكه وشجّع الصادرات التقليدية مثل القطن، بالإضافة إلى دخول أسواق تصديرية جديدة.
وبهذه المناسبة، تؤكد وزارة الزراعة أنها تسعى جاهدة إلى تقديم كل أنواع الدعم للفلاحين في كل المجالات وخاصة ما يخص مستلزمات الإنتاج واللقاحات المجانية للثروة الحيوانية، بالإضافة إلى التعويض عن الأضرار، ويشير المهندس أحمد قاديش معاون وزير الزراعة إلى أن الهدف هو زيادة الإنتاج ودفع العملية الإنتاجية وتحفيز الفلاحين على مواصلة زراعة الأرض وخاصة في ظل الظروف التي تمر بها سورية؛ كاشفاً عن دراسة للوزارة ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” حول الاحتياجات الزراعية التي يمكن أن تقدّمها المنظمة للمزارعين المتضررين وفق برنامج سيتم تنفيذه عام 2015،‏ ومبيّناً أن فريق عمل من الجانبين سيقوم بإجراء زيارات ميدانية لحقول وبساتين المزارعين للوقوف على أرض الواقع وتقدير ما يحتاج إليه المزارع بدءاً من المنطقة الساحلية ليتم فيما بعد تقييم هذه الاحتياجات وتحديد الأولويات وترتيبها ومن ثم تقديم هذه المساعدات للمزارعين.
ولفت قاديش إلى أنه سيتم منح مساعدات زراعية عاجلة لدعم إنتاج محاصيل المجتمعات الزراعية الريفية من بذار ومحاصيل وخضار ومبيدات وسماد، وكل ما هو مرتبط بالعملية الإنتاجية الزراعية، إضافة إلى تقديم مساعدات عاجلة لدعم صغار مربّي الثروة الحيوانية.

البنية التحتية
يعتبر النشاط الزراعي في سورية من أهم الأنشطة الإنتاجية، وخصوصاً بعد عام 1980 حيث ازدادت مساحة الأراضي المروية بفضل المشاريع الزراعية الكبيرة واستخدمت الآلات الزراعية الحديثة، وزيادة الاهتمام الحكومي بالزراعة وتطوير البنية التحتية والاهتمام بالموارد المائية، حيث تقدّر مساهمة هذا القطاع بما بين 25-30٪ من إجمالي الناتج المحلي.
ورغم الحرب الشرسة على الأرض والوطن استمر الفلاح في أرضه وبقي يزوّد الوطن بالغذاء واستمر ينتج من أجل تعزيز صمود الوطن، كما رأى رئيس الاتحاد العام للفلاحين حمَّاد عبود السعود، أن عيد تأسيس الاتحاد العام للفلاحين يحمل معاني ودلالات كبيرة في تاريخ الفلاحين حيث كانت نضالات الفلاحين عفوية غير منظمة إلى أن جاءت ثورة آذار عام 1963 ونظمت الفلاحين وجهودهم من خلال تأسيس التنظيم الفلاحي عبر تنظيمين فلاحيين ممثلاً في الجمعيات التعاونية، والنقابات الفلاحية في اتحادين؛ وأكد السعود أن الحرب الكونية على سورية لم تثنِ الفلاحين عن الاستمرار بالزراعة، ورفد الوطن بأسباب الصمود من الغذاء رغم كل المعاناة التي فرضت على سورية من العصابات الإرهابية وداعميها واستمروا بالزراعة أحياناً على نفقتهم الخاصة وتأمين مستلزمات الإنتاج.

بالأرقام
وتعدّ سورية الدولة العربية الوحيدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وتتنافس سورية والهند على المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج الكمون، ونافست سورية معظم الدول العالمية في إنتاجية القطن، وكانت في إحدى السنوات الأولى عالمياً في الإنتاجية (الإنتاج في وحدة المساحة)، واحتلت المركز الأول عربياً في إنتاج الزيتون والرابع عالمياً في إنتاج الزيت بعد (إسبانيا وإيطاليا واليونان)، وتحتل المرتبة الثالثة عربياً بإنتاج الحمضيات بعد مصر والمغرب والمرتبة التاسعة عشرة عالمياً، وتحتل المرتبة الرابعة عالمياً في إنتاج الفستق الحلبي بعد إيران، وأميركا، وتركيا، وتحتل سورية المركز السادس عالمياً في إنتاج الكرز، والمرتبة الأولى عربياً في إنتاج المشمش والحادية عشرة عالمياً، والمرتبة الثالثة عالمياً في إنتاج اللوز، والمرتبة الثالثة عربياً في إنتاج التفاح بعد مصر والمغرب، والحادية عشرة عالمياً في إنتاج الخضروات.
عرفت سورية الزراعة منذ أقدم العصور واشتهرت بجودة المنتجات الزراعية من فواكه وحبوب وتعدّ الموطن الأصلي لبعض الأشجار المثمرة مثل الزيتون، والفستق الحلبي وغيرها، وكانت الزراعة من أهم الأنشطة الإنتاجية، لذلك لابد من الاستمرار في دعم هذا القطاع الحيوي عبر الدعم المادي والمعنوي وتطوير الوسائل الزراعية والري مثل السدود والنواعير (السواقي).

دمشق – سامر حلاس