الصفحة الاولىمن الاولى

فضائح الفساد تلاحق أردوغان.. و"ديانات" آخر المبذرين الـنـظـام الأردوغـانـي يـشـن حـمـلـة "تـطـهير" جـديـدة ضـد الصـحـافــة

شنت شرطة نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، صباح أمس، حملة مداهمات متزامنة في عدة أماكن بمدينة اسطنبول وأقاليم تركية، واعتقلت عدة أشخاص، من بينهم مسؤول تنفيذي كبير في قناة تلفزيونية، ورئيس تحرير صحيفة زمان أكرم دومنلي.
وتأتي المداهمات بعد عام من فضيحة فساد، طالت أردوغان شخصياً وابنه بلال وعدداً كبيراً من المقربين منه، وكشفت مدى تغلغل الرشوة والفساد والمحسوبية في هذه الحكومة، إن كان لجهة قيمة المبالغ المدفوعة لأردوغان وابنه في تسهيل صفقات بناء واستثمار، أو لجهة سرقة المال العام وإيداعه في بيوت مسؤولين في الحزب تمّ التضحية بهم لبقاء أردوغان.
وأدى التحقيق، بعد مداهمات نفذتها الشرطة في 17 كانون الأول من العام الماضي، إلى استقالة ثلاثة وزراء، ودفع أردوغان إلى القيام بحملة تطهير في أجهزة الدولة حيث نقل الآلاف من أفراد الشرطة ومئات القضاة وممثلي الادعاء من أماكنهم.
وجاء اعتقال رئيس تحرير زمان بعد حملة مداهمة ثانية أقدمت عليها شرطة أردوغان على مقار الصحيفة، متجاهلة تجمعاً شعبياً حاشداً أم محيط الصحيفة للاحتجاج على حملات الاعتقال، حيث حال الحشد في المداهمة الأولى السابقة دون توقيف أي من العاملين في الصحيفة، إلا أن هذه الشرطة شنت حملة مداهمة مباغتة أخرى تمكنت في سياقها من اعتقال دومنلي.
وكان حشد من المواطنين الأتراك ردوا بشكل عفوي على حملات القمع الأردوغانية، وتجمعوا أمام مكاتب الصحيفة التركية في ضواحي اسطنبول، وهتفوا: “لا يمكن إسكات الصحافة الحرة” في حين ألقى دومنلي كلمة أمامهم نقلها التلفزيون على الهواء مباشرة متحدياً شرطة أردوغان، ما أرغم عناصر الشرطة في المداهمة الأولى على مغادرة المبنى دون اعتقال أي من الموظفين، ولكنها في المداهمة الثانية اعتقلت دومنلي و24 موظفاً آخرين.
وكان المدون التركي فؤاد عوني حذّر في تغريدة له قبل يومين على صفحته على تويتر من مخطط ترهيبي يعتزم نظام رجب طيب أردوغان فرضه على المجتمع التركي، عبر شن اعتقالات تطول مئات المعارضين له، بينهم مئة وخمسون صحفياً، إضافة إلى كتاب وأدباء، معلناً أن نظام أردوغان الأمني سيشن خلال الأيام المقبلة حملة اعتقالات واسعة تطال 400 شخص، بينهم 150 صحفياً، انتقاماً من وسائل الإعلام التي نشرت أنباء عن قضية الفساد والرشوة التي كشفت في 17 كانون الأول الماضي، واصفاً هذه الحملة الأمنية بالانقلاب الحكومي.
ولم يتردد نظام أردوغان بإرفاق انتهاكه للحرية بحملة إعلامية مضللة عبر حديث وكالة أنباء الأناضول الرسمية عن قيام “شرطة مكافحة الإرهاب” بهذه الاعتقالات.
يذكر أن تركيا في ظل حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية باتت وفق تصنيف لجنة حماية الصحفيين البلد الأول عالمياً في قمع الصحفيين وسجنهم، حيث يقبع 76 صحفياً في السجون منذ الأول من آب هذا العام، منهم 61 سجنوا بسبب تهم متعلقة بعملهم الصحفي.
وتزداد الانتقادات على الحكومة التركية بشكل كبير على خلفية استمرار المسؤولين الحكوميين الأتراك في ممارسة البذخ العلني بأموال من خزينة الدولة على حساب أولويات الشعب التركي، وتعرض رئيس مديرية الشؤون الدينية التركية محمد غورميز لانتقادات شديدة إثر تقارير أشارت إلى أنه اشترى سيارة مرسيدس من الأموال العامة لكي يستخدمها كسيارته الرسمية، وذلك في أحدث فصول الهدر الحكومي الذي يثير استياء شعبياً.
وأفادت صحيفة حرييت أن غورميز رئيس مديرية الشؤون الدينية، المعروفة باسم “ديانات”، سيستخدم قريباً سيارة مرسيدس بقيمة 350 ألف يورو، وديانات، التي تموّل موازنتها من مساهمات دافعي الضرائب، اشترت أيضاً 14 سيارة أخرى من نوع تويوتا لمسؤوليها الكبار، كما أضافت الصحيفة، لافتة إلى أنهم كانوا يستقلون سابقاً سيارات متواضعة أكثر من نوع “رينو”.
وتسببت هذه المشتريات بموجة استنكار كبرى، وأفاد خبراء أن منظومة الفساد في تركيا تعمل وفق زوايا عديدة، وتجمع أطراف وهياكل مختلفة تنتهز خيرات الشعب التركي، وتلقى مظلة السلطة السياسية لحمايتها من الملاحقة القضائية.
وتأتي هذه القضية فيما لا يزال الجدل قائماً في تركيا حول القصر الرئاسي الجديد لأردوغان، المصاب بجنون العظمة، المؤلّف من 1150 غرفة في أنقرة، وكلّف دافعي الضرائب أكثر من 600 مليون دولار، الأمر الذي اعتبره الأتراك تبذيراً مشيناً لموارد الدولة.
وقالت منظمة الشفافية الدولية، في وقت سابق، إن مركز تركيا تراجع بشكل حاد في قائمتها السنوية لأقل الدول فساداً، داعية إلى تعاون دولي أوثق لاجتثاث الكسب غير المشروع واستغلال النفوذ.