محليات

موسم التعافي…

الكلام عن استعادة الاقتصاد السوري بعضاً من عافيته ليس “كلاماً جاهزاً” أو ترويجاً نفسياً أو حتى ضخاً معنوياً لبث الطمأنينة عند الشارع، فالأرقام الموثقة حول تطوّرات أداء التجارة الخارجية التي خرجت مؤخراً وأثبتتها وقائع السوق تشي بالكثير من التفاؤل المقرون بعوامل الأمان التي فرضتها التوجّهات والقرارات الحكومية من جهة وبدء عودة الرشد إلى السياسات الخارجية الرعناء بعد نحو أربع سنوات من الامتحان العسير الذي مورس على الدولة والشعب بهدف التجويع والخنق بسلاح الحصار والعقوبات التي لم تهزّ شعرة واحدة في رأس إصرار المؤسسة السياسية والاقتصادية على ديمومة عجلة الفعاليات والأنشطة وصرف رواتب العاملين والموظفين كل رأس شهر حتى في أحلك الظروف التي شعر بها المواطن ولكنه أغفلها وقفز فوقها بإرادة باتت درساً لمن لا يفقه “المدرسة السورية”.
قد تكون خسائر ودمار القطاعات كارثية ولا تعطي مؤشرات إيجابية حتى لو أقلع بعضها على مضض، لكن حركة واحدة أو خطوة ولو كانت بسيطة من قبيل تدفق السلع والبضائع استيراداً أو تصديراً، لها دلالات لا يمكن تجاوزها في الحسابات والتوازنات التجارية ولاسيما أن هناك أرقاماً لا يمكن الاستهانة بها ومن الأهمية إعادة التذكير بها إعلامياً.
تقول المعلومات: إن سورية صدّرت خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي ما قيمته 2.1 مليار دولار، في إنجاز لا يمكن إدراك قيمته إلا إذا ذكّرنا بأن السنوات والمواسم العجاف سجّلت انخفاضاً حاداً في التصدير بلغ نحو 75% عام 2012 و48% عام 2013، لتأتي شهور 2014 وتعطي بوادر مبشّرة لبدء وقوف الاقتصاد على رجلي “الاستيراد والتصدير”، ما فسّره المحللون والمراقبون على أنه جاء على خلفية تحسّن هياكل الإنتاج والاستهلاك وارتفاع منسوب المناعة والتحدّي عند الشرائح والفعاليات المنتجة من أصغر فلاح ومزارع في أبعد قرية إلى أبسط حرفي وصاحب ورشة أو منشأة متناهية الصغر، وانتهاءً بصناعي بقي وآخر عائد ومستثمر وتاجر اشتغل من الداخل وزميله من وراء الحدود وخلف البحار، ومورّد ومصدّر انتفض لجعل العجلة تقلب ودورة الاقتصاد تتحرّك وطاحونة العمل ترسل غيوماً أول ما أمطرته تصدير محلي وخارجي؟.
في المقلب الثاني الذي يجاري قيمة الأول كان التصدي للاستيراد موفقاً ولاسيما لسوق متعطش ومتقلب على جمر الحاجة والنقص، فسجّلت مستوردات بقيمة 1200 مليار ليرة خلال الفترة الماضية من العام الذي يشارف على نهايته بورود نحو 9.866 مليارات كيلوغرام مواد دخلت السوق وما زالت تتدفق تنفيذاً لعقود دسمة كانت قد وقعتها الفعاليات لتأمين حاجة السوق، في وقت سرب فيه بعضهم أنباءً عن صفقات بالجملة ترمي إلى دعم السوق بكل ما يحتاج إليه في موجة تنافس غير مسبوقة لرساميل وطنية تحركت لإخراج بلدها من عوزه ومرضه؟.
هي مؤشرات كثيرة الشغف عند المتابع والمتلهف، إلا أن الأمل أن يركز المستوردون على دعم المواطن بعقود استيراد المشتقات النفطية التي نعيش وقع أزمتها، والرجاء أن تتوسّع دائرة التصدير كيلا تقف عند الحمضيات فقط التي حققت انفراجاً بتدفق وصلت قيمته إلى 8 ملايين دولار في موسم واحد؟.

علي بلال قاسم