كلمة البعث

الأسد في مواجهة الجذور المشتركة للإرهــاب: الـصهـيونـي والـتـكـفيري

طال الحديث وتكرر عن أن بعض العرب لا يقرأ، أو لا يحسن القراءة ويتجاهل الحقائق الواضحة أمامه، وذلك في سياق الانخراط في مشاريع جيوسياسية صهيو-استعمارية جديدة تستهدف الحقوق العربية والمصالح الوطنية. ومع الأسف فهناك دائماً وفي الغرب  الاستعماري ترتفع أصوات توضّح الحقائق والمخاطر الناجمة عن التحالف الرجعي العربي مع الصهيو-بترودولار.
فقد كان بالأمس بيان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي حول الرهان على حل الأزمة السورية استناداً إلى رؤية بعض الدول ومنها السعودية، متزامناً ورديفاً لإعلان جون كيري بأن واشنطن ستستخدم الفيتو ضد مشروع قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وهذا يعني – فيما يعنيه – أن دعم الإرهاب والتطرف والتكفير مقترن بدعم المشروع الصهيوني في المنطقة.
فالحقائق والوقائع صارت واضحة تماماً في أن هناك مصالح مشتركة بين التكفيريين والصهاينة، فجذور التطرف والإرهاب عندهما متشابهة من عدة اتجاهات معروفة «القتل – تزوير الدين – الإرهاب العابر للحدود – الدعم الرجعي الامبريالي…». كما أن الدول التي تدعمهما واحدة أيضاً «أمريكا – قطر – السعودية – تركيا». بالمقابل فمحور المقاومة يجابه في وقت واحد المشروعين الإرهابيين نفسيهما: الصهيوني والتكفيري.
ومن هذه الحقائق أيضاً الشهادات الدولية الجديدة التي تؤكد تطور العلاقات بين اسرائيل والعصابات المسلحة على الأراضي السورية واللبنانية، هذه العصابات التي أظهرت تنسيقياتها مدى وطنيتها؟!  وهي ترحّب بالغارات الجوية الإسرائيلية على سورية، في وقت أجمع فيه المحللون على أن من بعض أهداف هذه الغارات ونتائجها رفع معنويات هذه العصابات.
وفي سياق سعي الغرب وادعائه العمل على حل الصراع الفلسطيني الصهيوني بأقل التكاليف حتى تتفرغ القوى الرجعية العربية والصهيوأطلسية لمواجهة قوى المقاومة، أعلن جون كيري في مطلع الشهر الجاري خلال مشاركته في أحد منتديات معهد Brookings «أن العنف الحالي في الشرق الأوسط أظهر وجود فرصة لتشكيل تحالف إقليمي جديد يضم إسرائيل ودولاً عربية… وذلك لدفع أوهام المقاومة».
وفي الوقت نفسه نشر موقع  Antiwar بحثاً في “البذور المشتركة للجهاديين” يسخر فيه من الجهود الأمريكية الحثيثة لتدريب معارضين سوريين معتدلين على أساس برنامج تدريبي جديد، وتقييمات نفسية وفحوصات بيولوجية للتمييز بين “الجهادي السيّء” و”الجهادي الجيّد”، انطلاقاً من قواعد بيانات للتدقيق في خطة جديدة  فريدة لسورية يتبناها البنتاغون والـ CIA حول «تثقيف  المقاتلين» تتجاهل أن الجهادي والتكفيري والمتطرف والإرهابي هو نفسه الذي يتلقى الدعم الأمريكي والسعودي والقطري والتركي، وهو نفسه الذي أسقط مركز التجارة العالمي في أيلول  2001، ويستمر في القتال في أفغانستان والعراق وسورية وبدعم أمريكي خليجي.
ومع هذا الدعم للمشروعين الإرهابيين: الصهيوني والتكفيري صار من المؤكد أن أهم المخاطر التي تواجه الأمة العربية، والدولة الوطنية المعاصرة فيها اليوم هي: الحرب الأهلية من جهة، وخطط انتزاع السيادة والتدويل من جهة ثانية. وهذان الخطران يتمثلان في جذور مشتركة وأهداف واحدة عند  الصهاينة والتكفيريين اللذين لم يستهدفا حتى تاريخه إلاّ الدولة العربية الوطنية، بينما تنعم دول الخليج والمغرب والأردن باستقرار «مؤقت».
إذن لابد من قراءة دقيقة وموضوعية للواقع العربي، وهي لا شك ستبيّن بالوثائق الدامغة أن سورية ومنذ نحو نصف قرن تجابه المشروعين الإرهابيين نفسيهما في وقت واحد، وتقود مشروع مقاومتيهما، وهي حقيقةً صابرةٌ صامدةٌ في مواجهة طويلة معهما. وعلى صمودها وتضحياتها وانتصارها يتقرر المصير والمستقبل الوطني والعروبي.
وبالرغم من سطوة شراء البترودولار ذمم مثقفي الارتزاق، فإن صوت الحق لا ينكسر، فهناك أصوات عديدة حرّة وشريفة عربية وعالمية تؤكد أن صمود القائد الأسد وثباته وشجاعته هو رهان الحق على مصالح الوطن وقضايا الأمة، وعلى هزيمة الإرهاب بكافة أشكاله من جهة، وعلى بعث المشروع النهضوي العربي وإحيائه وإطلاقه من جهة ثانية.
د. عبد اللطيف عمران