اقتصاد

أفضل قرارات عام 2014

قرار تصدير الذهب إلى الخارج المطالب بصدوره منذ عشرات السنين، والذي بدأ فعلياً الشهر الفائت، هو بداية لانتعاش تجارة المعدن الثمين وتحديداًالمصوغ منه ، بعد أن أشرفت هذه الصناعة الوطنية العريقة على الغياب كلياً عن أعناق ومعاصم نساء عربيات انتظرن طويلاً وبشوق للتزيّن بمجوهرات تصنّف ضمن الأفضل عالمياً.
ومن مبدأ: ربّ ضارة نافعة، يعود الفضل للظروف الراهنة بتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية التي أعادت عشرات الورش والحرفيين للعمل، وإلى بروز جديد للمعدن الأصفر على ساحة التداولات في الأسواق الخارجية، وبصراحة أكثر لولا الحاجة الماسة للقطع الأجنبي، لكانت المهنة برمّتها في خبر كان!، لأن المماطلة في إقراره منذ خمس سنوات كانت هي السائدة دون عذر اقتصادي أو مالي يقنع!.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لو أن الموافقة على التصدير كانت مع بداية الأزمة، بالتزامن مع طرح القرار على وزارتي الاقتصاد والمالية، فكم كانت المكاسب المحققة للخزينة العامة للدولة من العائدات الضريبية والرسوم والأرباح الصافية، في أربع سنوات؟.
وبغضّ النظر عن تلك الحسابات، ومن منطلق: أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، نرى أن هذا القرار كان الأفضل بين القرارات الاقتصادية الصادرة خلال العام الحالي الذي يوشك على نهايته، لكونه نشط صناعة المجوهرات بأصنافها كافة، المصنّعة والمصكوكة، فضلاً عن منعكساته الإيجابية المتمثلة بقلب تداولات المعدن الثمين رأساً على عقب، وذلك بعد تركيز الصاغة على صك عشرات الليرات والأونصات الذهبية السورية، الذي دام مدة عامين من الزمن، لتتحوّل أنظارهم، بعد السماح بالتصدير، إلى صناعة المجوهرات السورية العريقة (المبرومة، والخلخال، والأساور والأطواق المزركشة بإبداع…الخ)، الأكثر طلباً لدى نساء العرب الخليجيات والإفريقيات.
بالمقابل لم يُخفّضْ قرار التصدير من صناعة السبائك والليرات الذهبية، لأن الطلب عليها محلياً حافظ على مستوياته لكون هذه الأصناف أصبحت لدى الكثير من المواطنين السوريين مدخرات للقادمات من الأيام، وتراجع اقتناء المصاغ محلياً، نظراً للخسائر التي يتكبّدها مكتنزوها عند بيعها.
وبما أن باب تصدير المجوهرات السورية قد فتح، فهذا يوجب على وزارتي المالية والاقتصاد، إن أرادتا مصلحة الاقتصاد الوطني، عدم التلكؤ والتباطؤ في منح الموافقات اللازمة  للتصدير، وتذليل المعوقات التي كانت سبباً في إصدار موافقات قليلة –عددها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة– حتى تاريخ أمس، مقارنة مع حجم الطلبات العديدة للتصدير المقدّمة منذ صدور القرار في نهاية الشهر السابع من العام الجاري.
دون إغفال قضية في غاية الأهمية وهي أن المادة المصدّرة تعدّ من الاحتياطيات الوطنية ذات الحساسية الاقتصادية العالية، وبالتالي المحسوبيات هنا مرفوضة كلياً، والوقوف بوجه أي تاجر يتضح أنه يسعى إلى استغلال القرارات الصادرة التي تهدف إلى تنشيط حركة سوق الذهب، لا احتكار “المعدن الأصفر” أو المضاربة عليه.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com