اقتصادتتمات الاولى

من شارك في وضعه يطالب بالتعديل العاجل له.. وريثما يتم.. مقترح بمرسوم وببند وحيد قبل نهاية العام قانون الإدارة المحلية.. تحت مجهر الخبراء بأسباب موجبة تفرضها حالات الترهل والفساد والتنمية الإدارية

في منطق التطور الحضاري يجب أن يكون المسير باتجاه الأرقى والأفضل، لأن أي اتجاه مغاير سيؤدي إلى التقهقر والتخلّف، ما يجعل الأمم تعيش في حالة الفساد الحضاري المتشكل من مجموعة حوامل فكرية يتقدمها الإقصاء الفكري ورفض الخروج من أفكار بالية أثبتت التجارب فشلها حضارياً وإنسانياً وإدارياً واقتصادياً، ووطنياً.
إن قانون الإدارة المحلية (في مطلق دولة) هو القانون الناظم للعمل الإداري المحلي المرتبط بمعايير عامة تشمل الوطن بأكمله، وبالتالي وجب أن يكون ممثلاً للحكمة العلمية والعملية، إضافة لشموله أرقى أنواع الأفكار القانونية التي تجعله خير مرجع لإدارة المجتمع المحلي، وإلا سيكون عبئاً وحجر عثرة يربك المجتمع ككل، ويساهم بعدم انسجام الإدارة مع نفسها ويصبح الارتقاء للأعلى معدوماً!.
وفي ضوء ما تقدم، فحين يُنظر لقانون الإدارة المحلية في الجمهورية العربية السورية الصادر عام 2011 يرى المختصون فيه كثيراً من الثغرات وعدم المواكبة للعلم الإداري ونظرياته الحديثة، إضافة لتراجعه عن القانون السابق في كثير من الأفكار، خاصة وأن هناك بعض من شارك بصياغته صرح بأن القانون الحالي يحمل نقاط ضعف كبيرة، بسبب وضعه على عجل، الأمر الذي يعني فتح الباب لضرورة تعديله بأسرع الممكن وقبل نهاية الدورة الحالية للمجالس المحلية، وبالتالي أن تأتي الدورة القادمة وفقاً للتعديلات على القانون الحالي ويتم إنجازها تشريعياً قبل نهاية العام 2015.
وفي هذا الشأن يرى عضو مجلس محافظة ريف دمشق سامر حلاق الخبير القانوني والإداري والاقتصادي،  أن الضرورة والحيثيات ومتطلبات المرحلة تقتضي التعديل العاجل، ولأجل هذا يطرح عدداً من المقترحات المدعومة بالأسباب الموجبة لذلك، آملاً ومن خلال “البعث” أن تؤخذ بالاهتمام، وأن طريقها للتنفيذ، إن كانت هناك إرادة جادة، ليكون القانون ملبياً لمواجهة تحديات إعادة الإعمار وما الوطن مقبل عليه من حراك اقتصادي واستثماري خدماتي.

منع بالحجة
ففيما يتعلّق بالمادة 25 يرى عضو المجلس وجوب أن تتضمن منع عضو المكتب التنفيذي من أن يكون عضو مكتب في أي لجنة، والسبب أن المكتب التنفيذي بالنسبة للمجلس هو بالمعايرة شبيه الحكومة بالنسبة للبرلمان، وكما هو ثابت فإن أي عضو برلمان حين يصبح وزيراً تسقط رئاسته لأي لجنة دائمة أو مؤقتة يشكلها البرلمان، لأن من أعمال اللجان: مراقبة ومساءلة الحكومة، وعليه فكيف ستُحاسب اللجنة أي عمل تنفيذي حين يكون رئيسها أو عضو مكتبها من التنفيذيين؟!؛ إن التعديل يجعل الرقابة قوية وناجحة.

لسنة واحدة فقط
وبالنسبة للمادة 27 فيجب أن تتضمّن مدة مكتب المجلس ومدة المكتب التنفيذي سنة واحدة، والسبب هو عدم قدرة أي مجلس على حجب الثقة عن أي عضو انتخبه المجلس للمكتب أو المكتب التنفيذي، لأن الحضور للجلسات بشكل عام لا يصل إلى نسبة عالية تسمح بحجب الثقة، مثال: إذا كان عدد أعضاء المجلس 100 فإن حجب الثقة يحتاج إلى 67 عضواً يوافقون على الحجب، واستناداً لذلك فإن كان معدل الحضور للجلسات هو 60 عضواً فإن الثلثين غير حاضرين أصلاً، وحتى لو حضر في حالة مثالية 80 عضواً فإن قدرة الحجب شبه مستحيلة لأن المحاباة تكفي لمنع الحجب، حيث يكفي أن يكون -للعضو المطلوب حجب الثقة عنه- 14 عضواً معه لكي يسقط الاقتراح، أي إن العضو يحكم من خلال ثقة أقل من 18%؟!.

تلافياً للترهل
أمر -في رأي حلاق- يجعل أعضاء المكاتب يطمئنون عملياً إلى أن بقاءهم 4 سنوات مضمون لاستحالة الحجب عملياً، مما يضعف المجلس رقابياً ويزيد الفساد، وهذا أهم خلل خطير أصاب العمل خلال تجربة مدة الـ 3 سنوات الماضية من تطبيق القانون الحالي.
أما من يدّعون أنه يخلق عدم استقرار فإن الرد هو: أن العمل مستمر ومتواصل خلال فترة الانتخاب بسبب وجود كادر وظيفي يواصل العمل، ما يجعل الانتقال عملية سلسة، وبناء عليه يكفي مدة شهرين لأي عضو مكتب لكي ينقل برنامجه إلى حيّز التنفيذ، فما بالكم بسنة كاملة!، علماً أن السنة الواحدة فيها أكثر من 100 اجتماع مكتب تنفيذي يشارك فيها العضو التنفيذي! أليست كافية لينقل برنامجه وأفكاره؟!.
وإذا ما اتخذنا البرلمان قدوة تُحتذى، فهو يعيد انتخاب مكتبه وأعضاء لجانه سنوياً، علماً أن البرلمان يعمل على مستوى الوطن، بينما المجلس المحلي يعمل على مستوى جغرافي صغير جداً قياساً بمساحة الوطن.

رئيس لمتساوين
أما عن تعديل المادة 29/1 فيقترح أن تصبح كالآتي: يترأس رئيس مجلس المحافظة المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة، والأسباب هامة مثل أن يكون رئيس المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة رئيساً لمتساوين، بينما المحافظ هو أعلى مراتب من حيث أنه من أصحاب المناصب بعكس أعضاء مجلس المحافظة، إضافة إلى أن المكتب التنفيذي منبثق من مجلس، في حين أن المحافظ ليس من أعضاء المجلس،  ناهيكم عن أنه بصفته، هو أقرب ما يكون إلى حاكم مقاطعة أو ولاية أو محافظة، وبالتالي صلاحياته الشاملة أهم من أن يكون رئيس مكتب تنفيذي، إضافة إلى ثغرة موجودة حالياً وهي: كيف يحق لنائب رئيس مجلس محافظة أن يترأس المجلس والمكتب التنفيذي، بينما لا يجوز لرئيس المجلس أن يترأس المكتب التنفيذي؟! عدا عن أنه يختلف بذلك عن مجالس المدن والبلدات، وهذا ما يعدم التشابه والانسجام.

الانتخاب والحجب
وبالانتقال للمادة 115 فيجب أن تصبح النسبة المطلوبة لحجب الثقة هي الأغلبية المطلقة، لتنسجم مع نفس النسبة المطلوبة للانتخاب، انسجاماً مع القواعد القانونية والإدارية، أي نسبة الانتخاب هي نفسها نسبة الحجب، وللأسباب المنوّه عنها في الأسباب الموجبة لتعديل المادة 27.
مع وجوب تفريغ أمين السر في مجالس المحافظات، لأن أعضاء المكتب وأعضاء المكتب التنفيذي مفرغون، ويُسأل ما هي الحكمة من عدم تفريغه وتكليفه بأعمال إدارية لمجلس المحافظة؟.
كما أن هناك ضرورة لرفع الحد الأدنى لمستوى المؤهل العلمي لأعضاء المجالس إلى الشهادة الإعدادية كحدّ أدنى، وكذلك إنشاء مديرية خاصة لمجالس المحافظات، ومساهمة أعضاء مجلس المحافظة بوضع الموازنة السنوية للمحافظة بشكل أكبر، وأن يكون انتخاب المكاتب التنفيذية وفقاً لقاعدة النسبية بلوائح مفتوحة، وليس أخيراً استبدال تعويض الجلسات لمجالس المحافظة براتب شهري.

ليكون جاهزاً
أعلاه قليل من كثيرات موجبات تعديل قانون الإدارة المحلية ليكون جاهزاً للتطبيق في الدورة القادمة 2016/2020، و بتعديل القانون ننتقل خطوات إيجابية في محاربة الفساد والترهل.
أخيراً.. وبعيداً عن اقتراح التعديلات المذكورة آنفاً، نرى من متطلبات العمل والضرورة لبث الروح وتجديدها ومحاربة الفساد في المجالس المحلية، أن يصدر مرسوم ببند وحيد بالصيغة التالية: تنتخب المجالس المحلية الحالية مكتباً تنفيذياً ومكتب مجلس لها خلال أول دورة تعقدها عام 2015.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com