ثقافة

أدب النصيحة في أعيـاد الميــلاد .. أنا مسلم ومسيحي !.

منذ البداية أرجو أن أكون صريحاً وجريئاً في هذا المقام، فلا أحد يغفر لي ولا لغيري، إذا ظهرتُ أو ظهرنا غير ذلك، خاصة وأن الدين الحقيقي وبدون التدخلات فيه من هنا وهناك سواء كان هذا الدين أو ذاك من الأديان السماوية إنما هو السلام والمحبة واحترام الآخر وفي كل شؤونه وحرياته ودون هذه التدخلات فيه من هنا وهناك.
وأرجو أن أعلن أيضاً، أنا وأمثالي من المتفائلين في هذه الأيام، وفي ذكرى إشراقة الشرق، الدينية والإنسانية على العالم كله، أن الشرق المؤمن قلب الأمومة الدينية في هذا العالم، والذي يتمنى أن يعمل وبصدق وفي حماية دائمة ومفتوحة من أعدائه وأعداء الشعوب، لترن الأجراس الكنسية فوق جميع المسلمين في هذا العالم، كما ليرتفع الآذان في كل المساجد فوق جميع إخواننا المسيحيين وهم في طهارة وبراءة الرب الصاحب يسوع المسيح، بوركت يا مريم يا عذراء الشرق.. بوركت يا مريم وبوركت ثمرة بطنك سيدنا المسيح.
وعليّ أن اعترف كذلك، وهذا أمر يسعدني أن أعترف به ، أنني كلما رأيت كنيسة مفتوحة، والمؤمنون في الداخل وأبونا يلقي الموعظة عليهم، تجدني وبلا شعور أدخل، وأقف وراء المؤمنين واستمع إلى الموعظة ولكنني لا أعرف لماذا كان ينتبه إليّ ويبقى ينظر إليّ أثناء الموعظة، وكأنه قد عرف أن الكنيسة اليوم فيها مسلم! وماذا يفعل هذا المسلم هنا؟! ولم أكن أشعر بأي فرق بيني وبين المؤمنين في الكنيسة، سوى بأمر واحد وهو أنهم قد حضروا بأبهى مالديهم من الملابس الأنيقة وقد حضروا أيضاً ومعهم زوجاتهم وأبناؤهم وبناتهم وأطفالهم فكيف لا يعرف أبونا أن في كنيسته اليوم مسلم!؟
واسمحوا لي أن أتحدث الآن عن ديني الإسلام الحقيقي، الإسلام القويم، حتى لا يقال إنني أصبحت اليوم مع إخواننا في المسيحية ونسيت ديني، وذلك بسبب حلاوة أعياد الميلاد عندهم واحتفالاتها الاجتماعية الحرة والمفتوحة والمتحررة والأكثر حضارة وحداثة وواقعية من احتفالات الأديان الأخرى! انظروا كيف استطعت أن أهرب هنا من ذكر احتفالاتنا الدينية نحن المسلمين! وفي الحقيقة كلها احتفالات حلوة وكلها خشوع وتقوى، ولكن أحلى ما أحمل منها في ذهني احتفالات والدي رحمه الله في كل مناسبات عيد المولد النبوي، وكيف كان يجمعنا كل أفراد الأسرة والسعادة والسرور والرضا كلها تطفح على وجه والدتي وهي ترتب الصحون أمامنا، ويبدأ أبي يقرأ لنا بعض الآيات المختارة من القرآن الكريم ويشرحها ثم يعرج على شرح من السيرة النبوية الشريفة ونحن نستمع ونتعلم، ولم أكن أشعر أن في أي صحن من الصحون الموجودة أمامي ما يشغلني أكثر مما يقوله والدي عن ديني وخاصة هذا التعبير الكبير له وهو كبير في حياتي وحياتنا جميعنا أيضاً نحن المسلمين والمسيحيين معاً وهو (الدين المعاملة)! وهذا ما يفسر بل ما يؤكد احترام الآخر وكل حقوق الآخر في الإسلام، وهو أعلى ما وصلت إليه أعلى المنظمات في حقوق الإنسان أيضاً!
وكم يؤكد ويحقق موعظة والدي كل المسيحيين في الشرق الذي أشرق على العالم بشموس الديانات السماوية الثلاثة، كما ونتمنى لأعدائنا وأعداء الشعوب أن يعودوا إلى كتابهم الأصلي والذي وضعوا فيه من عندهم أفكاراً وعبارات مثل (أرض الميعاد) فهل يعقل أن يُنزل الله كتابه على قوم ويطلب منهم فيه أن يحتلوا أراضي غيرهم؟! معاذ الله أن يحدث ذلك في أي دين سماوي خاصة وأننا في حضرة بل سيادة بل إشعاع هذه الأعياد الدينية السماوية أعياد الميلاد المقدسة! وهكذا تكون النصيحة اليوم أن الأعياد الدينية السماوية إنما هي أعياد واحدة وسعيدة ورائعة ولكل شعوب الأرض إذا عرفوا هذه الأديان السماوية (وهي وكما نعلم جميعاً من رب واحد) على حقيقتها وعرفوا معانيها الإنسانية أيضاً.