ثقافة

الرسم بالطين والتصوير بالضوء في ملتقى الفنون في جامعة البعث

معرض للفن التشكيل يقيمه فرع نقابة المعلمين حالياً في جامعة البعث كليَّة الهندسة المدنيَّة، شارك فيه مجموعة كبيرة من الفنانين التشكيليين والمصوِّرين إلى جانب فن النحت والخط.
الفنان المصوِّر: فريد ظفور تشغله المرأة الريفيَّة العجوز التي مازالت تحتفظ بذلك البريق من حُب الشباب، فهي تشبك يديها، وقد ظهر طلاء الأظافر والوشم الجديد فوق المعصمين.
لقطة أخرى، تعكس مدى دقة الحساسيَّة الباهرة عند أخذ اللقطة وسط فقاعات الماء التي تشرَّبت بضوء الشمس، فغدت مضيئة كحبات اللؤلؤ.
الفنان عمر داغستاني، حالة تعكس التعلُّق بالطفولة، فما لوحة الطفل مع الطيَّارة الورقيَّة إلا عودة لنشوة الطفولة الباهرة.
أما رامي المنصور فاستطاع ببراعة الفكرة توطيد المحبة والتواصل الإنساني عبر لقطة تمثِّل يداً صغيرة موضوعة فوق يد لرجل كبير بالسن متكئاً على عمليَّة التضاد اللوني والمعنوي مما أعطى اللوحة بعداً جماليَّاً لافتاً. أيضاً لقطة الطفلة، وهي تحاول الإمساك بقرص الشمس المنعكس على الجدار، حيث يظهر البعد العفوي الباهر لدى الطفل، مما يذكّرنا بالكثير من الحالات مثل الإمساك بالظل على الجدار أو الحالة العبثيَّة في تحريك ظلالنا ومحاولة تضليلها. كما تقودنا لوحاته إلى لقطة يعمل فيها الخيال بشكل لافت، فيفتح للمرء مساحة كبيرة من اللوحات الذهنيَّة المتهافتة، ونحن نقف أمام لقطة لشخص يحاول أن يدهن السماء بواسطة (رول) هذا ما يندرج تحت مصطلح (التصوير المفاهيمي).
كذلك تأتي لوحة (نبات الشوك) الملتقطة وسط غباشة المشهد (بوكيه) لتبث في النفس مشاعر عدة من وخز وحرارة وتوجس.
وفي لوحات الفنان المصوِّر نزار بدور تفرض المقارنة نفسها عبر لقطة مأخوذة في إيطاليا تقابلها لقطة في إحدى مدننا وهي حالة نشر الغسيل في الشارع، وإن دلَّ هذا على شيء فلا يدلُّ إلا على سوء النظرة المأخوذة عن الدول المتقدِّمة مقارنة بنا.
بينما برزت القرية بكل ما تحمل من جمال في لقطات الفنان المصوِّر بدر ظفور المميَّزة، فما لقطة أصابع الجليد المتدليَّة من الغصن وسط ثقل البرد والضباب إلا حالة توحي بمدى ما تملك العين المصوِّرة من ذوق رفيع للالتقاط الوضعيَّة المميَّزة،
ويحاول الفنان باسل الحافظ أن يبرز فنِّه من خلال لقطة لبناء جامعة كليَّة الطب فتبدو على شكل الكرة الأرضيَّة. ولوحة انطباع اليدين على الرمل وبقربهما الخواتم للفنانة ليلى الجاعور، فيها مدلولات مكثَّفة عبر اللون وبريق المعدن، يقابلها لوحة لبالون الماء المتفرقع للفنان محمد معطي التي تكاثفت فيها الألوان في محاولة مغرية لانعكاسات الضوء البهيَّة.
وتمثل الفنانة التشكيليَّة لبانة الموسى حالة متفرِّدة تنطلق في فضاء الخيال لتعكس بلونها الأخضر الطاغي إبداع أنثى في لوحات عدَّة تنامت فيها المواضيع ما بين تشكيل اللاوعي والواقعي والمنسرح نحو طموح الأنثى في إثبات ذاتها على المساحات البيضاء.
كما يتميَّز الفنان التشكيلي أحمد ديبان، باستخدامه طريقة الرسم بالسكين، حيث يعرض عدَّة لوحات تحمل قصَّة متواترة من الخلق، فالحب، فالإنجاب والكبر، فتشكِّل اللوحات حالة من الأقصوصة لحياة الإنسان.
وتمثل لوحة الفنان التشكيلي إبراهيم سلامة آثار تدمر مشغولة بالطين والغراء نبض الحياة معتمداً على اللون الواحد بتدرجاته الشفافة والمعتمة فجاءت اللوحة مكمِّلة لنبض التاريخ والحياة معاً في بصمات على القماش تحت حالة من الإبداع البهي. وعبّر الفنان التشكيلي إياد محمد بألوانه الزيتيَّة الفائضة بالشفافية عن عازف العود في لحظة إبداع مشتركة ما بين السماع والرؤية.
وللنحَّات أحمد الإبراهيم يد تعرف كيف تجعل من الصلصال أشكالاً مميَّزة يقرأ تفاصيلها المتلقي وكأنه قد كتب فيها ما كتب وصرَّح بخيالاته عن مكنون أفكاره. هي صرخة الإنسان المنطلقة تجسدها منحوتة يبرق فيها اللون الأسود ليحكي عن الألم المكبوت في داخلها. بينما يحاول الفنان التشكيلي محمد علي الحسين تحديد وجهته عبر رسم عدَّة لوحات (بورتريه) لعدد من الفنانين المطربين مثل فيروز، أم كلثوم.. مضيفاً إلى اللوحات شيئاً من نظرته الذاتيَّة، وما كبر القارورة أكثر من العادي في لوحة حنَّا السكران إلا دليلاً على عمق الرؤية الفنيَّة لديه. ويبقى للخط موقعه وخاصة أنه أساس فن النقش يمثله الفنان الخطاط  لقمان الحمدان الذي  اعتمد في لوحاته على استخدام عدة أنواع من الخطوط وهذا ما أعطى اللوحات جمالية أكثر.
سريعة سليم حديد