ثقافة

أدب النصيحة الغش .. وأنواعه الخطيرة !.

من المفارقات التي اعتدنا على ذكرها في هذا المقام ما هو طريف أحياناً ومنها ما قد يكون مزعجاً أو خطيراً أو غير قانوني أصلاً؛ فقد اشتريت قطعتين من الحلوى الشعبية وهما رخيصتا الثمن أيضاً، ولكنني فوجئت مع ذلك بأن الأولى فارغة من الداخل ولا يوجد سوى في مقدمتها ماهو حلو، والثانية تقليد واضح لقطعة مشابهة لها ولا طعم لهذه وهي فارغة من الداخل أيضاً!. فأنا أسأل هذا الصناعي الغشاش: هل تعتقد أن بضاعتك ستروج وستربح ولن يشعر أحد بك، فحتى الطفل حين يختار قطعة الحلوى وهو بيد أمه أو أبيه يقول: لا.. لا أريد هذه.. أريد هذه!. إذن فإن الغش نوع من الغباء أيضاً وهو يؤدي في النهاية إلى الخسارة والفضيحة في وقت معاً لأن البائع ستكسد بضاعته ولن يشتري من هذا الصانع مثل هذه البضاعة، إذن فالغش وبكل أنواعه ومجالاته غباء وخسارة وفضيحة لصاحبه كذلك!
ومن الغش أيضاً، هذه العلاقات (الافتراضية) في الأجهزة الرقمية، والتي صارت شائعة وأحمد الله ولأنني أعرف الإنسان وحرصه وعقله الكبيرين، أن ذلك لا ينتشر إلا لينقرض ولا ينتشر إلا عند مراهقين سيكبرون ويعقلون وأناس سيخسرون الوقت ولن يخسروا شيئاً آخر لأن الله قد حماهم بوجود هذا العقل البشري الرائع والذي ثبت أنه يفوق بقدراته على المعرفة والتحليل والتحكم والحكم أي جهاز من هذا العالم من أجهزة الكمبيوتر وما في حكمها من الأجهزة والأنشطة الرقمية أيضاً!. فتصور أنني أحب واضحي من أجل هذا الحب وأنشغل وأكتب رسائل الحب والغرام وكل ذلك إلى امرأة! افتراضية! بل إن كل هذه العلاقات الافتراضية في الأجهزة الرقمية تكاد لا تغطي ما يحتاجه الإنسان من أصدقاء وزملاء وأقرباء وجيران ومعارف أكثر من عشرة بالمئة لا غير، فكيف يتصور أعداء الشعوب أنهم يستطيعون احتلال العقول بهذه الأجهزة؟!.
ومن الغش ثالثاً، أنني شاهدت مشاجرة أمام (تواليت) عام؛ وعن بعد رأيت أن المشاجرة تكبر وتتقدم ويتدخل فيها ويتداخل أناس من هنا وهناك. فما هي الحكاية وماهي المشكلة، وقد فهمت أخيراً أن حارس التواليت يريد من كل من يدخل إلى التواليت أن يدفع مبلغ (25) ل.س ولكن هذا الرجل يقول إنه لم يستخدم التواليت ولن يدفع سوى عشر ليرات، صدقوني وأنا خجل من ذكر هذه الحادثة أقول إن المشاجرة قد صارت مظاهرة بقدر ما كبرت وتوسعت يا محافظة دمشق! .
ورابعاً، ومن الغش الرسمي إذا جاز لي، أن أقرأ لوحة منتصبة في الطريق العام تحمل اسماً و”لوغو” وطنياً استخدم في الدلالة على مكتب لبيع وشراء كافة أنواع السيارات!. فمن المعروف عندنا وعند كل المواطنين ولربما خارج بلادنا أيضاً أن العبارة “اللوغو” إنما هي عبارة وطنية رسمية نضالية وعسكرية دفاعية وضمن هذه المفاهيم وليست أبداً لمكتب يعمل في التجارة لبيع وشراء السيارات المستعملة! ولربما هذا النوع من الغش الرسمي يكون مهيناً ومزعجاً أيضاً.
وخامساً وآخر ما يمكن أن يحتمله عقل إنسان أو أخلاق إنسان أو الإنسانية جمعاء، وجود هذا الغش بأن نقول وحتى يومنا هذا بوجود العبيد والعبودية، والاتجار بالبشر، وبأنه يمكن أن يأخذوا امرأة وحلوة وبيضاء ومن دولة وكبيرة ونووية أيضاً، وتباع في دولة أخرى ويتجرون بها وبجسمها، وهي قد تكون أماً أو زوجة. أنا شخصياً أكذِّب ذلك ولا أصدقه، فقط لأساعد نفسي على أن يحتمل عقلي ذلك وأحتمل أنا ذلك، وهكذا تكون النصيحة اليوم أن علينا ليس أن نحارب الغش ونكشفه في كل زمان ومكان وحسب وإنما أن نشرح أيضاً وهو الأهم ماذا يمكن أن يشمل هذا الغش إذا تركناه يستمر وينتشر فحتى أعضاء الأطفال يأخذها أعداء البشرية من الأطفال الفقراء لكي يتاجروا بها!