اقتصادتتمات الاولى

كيلو الحطب تجاوز 50 ليرة والمواد الضرورية ترتفع بنسبة 30% منتجون يستغلون عاصفة “سلام” الثلجية ويرفعون أسعار السلع الأساسية.. والرقابة في حالة سبات!!

 

مع بداية العاصفة الثلجية “سلام” نهاية الأسبوع، ارتفعت أسعار السلع الغذائية الأساسية في الأسواق، إضافة إلى أدوات وأجهزة التدفئة في المحال والأسواق بنسبة وصلت إلى مابين 30 و40%، وفق تقديرات خبراء اقتصاد، كما أن تراجع المعروض من مادة المازوت إلى أدنى مستوى له منذ مطلع فصل الشتاء، خلق سوقاً سوداء لحطب التدفئة لدرجة دفعت الأرباح الكبيرة العائدة من تجارة هذه المادة، بباعة الحطب إلى التجول بمركباتهم في مناطق الريف والساحلية وأماكن تجمّع النازحين، مستغلين غياب الرقابة من أي جهة حكومية في هذه الأماكن، وأخذوا يحدّدون أسعار الحطب وفق أهوائهم وبشكل مبالغ فيه، مستغلين حاجة الأهالي إلى الحطب ليصل سعر الكيلو الواحد من الحطب إلى 55 ليرة سورية.

وقال مستهلكون لـ”البعث” إن غياب الرقابة خلال فترة تساقط الثلوج شجّع الباعة في المحال التجارية على رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، بدورهم بائعو حطب وفحم التدفئة برّروا ارتفاع الأسعار باحتكار تجار الجملة الذين يحددون لهم الأسعار وفق رغباتهم.ظاهرة

وتتضارب تصريحات المسؤولين والمعنيين حول أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، بينما يصرّ الكثير من المعنيين بشؤون الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، على أن الأسعار مستقرة في الأسواق خلال موجة البرد التي تعصف بالبلاد، في حين أكد عدنان دخاخني رئيس جمعية حماية المستهلك أن سلعاً أساسية ارتفعت أسعارها، منتقداً لجوء التّجار إلى استغلال الظروف، من خلال رفع أسعار بعض السلع، منتهزين زيادة طلب المواطنين وخاصة على السلع الأساسية والضرورية، وقال: “إنه لا مبرر لحدوث اختلالات كهذه”، واصفاً إياها بالظاهرة الغريبة التي يتعمّد من خلالها التّجار رفع الأسعار بشكل أوتوماتيكي، ولفت دخاخني إلى الإمكانيات المحدودة في مراقبة الأسواق، مشيراً إلى أن تنظيم ضبوط المخالفات لا يحلّ مشكلة.

الحديث عن الأسعار بات الكابوس الضاغط على دخل المواطن وهاجسه اليومي، فكمية الحاجات المشبعة باتت تتناقص يومياً في ظل محدودية الدخل النقدي، كما أن نوعية السلع المستخدمة في إشباع حاجاته في تراجع مستمر، إذ يضطر المستهلكون إلى التضحية باستهلاك سلع ذات نوعية جيدة لصالح إشباع أكبر كمية ممكنة من حاجاته المتنوعة والمتعددة.

القوى

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو السبب أو ما هي مجموعة الأسباب التي تقف وراء هذا الارتفاعات الجنونية في الأسعار؟، والمعترف عليه اقتصادياً أن الأسعار تتحدّد في السوق بتفاعل قوى العرض والطلب في إطار شروط محددة يجب أن تنطبق على هذه السوق، فهناك عدة عوامل تلعب أدواراً بنسب مختلفة في تحديد الأسعار والتأثير عليها وفقاً لدرجة انطباق الشروط الواجب توفرها في السوق لتتفاعل قوى العرض والطلب دون أي أمر يعيق انسياب هذه القوى.

وفي حالات إلغاء دور السوق يجب إلغاء أثر تلك العوامل بشكل نهائي أو على الأقل ضبطها وتوجيهها وفقاً للأهداف التنموية، ويصعب علينا تقديم وصف موضوعي لطبيعة السوق السورية، إذ لا يمكننا تحديد ماهية هذه السوق في ظل سياسة التحرير الجزئي التي تنتهجها وزارة التجارة الداخلية لبعض السلع.

وطالما أننا نناقش مشكلة الأسعار وتأثيرها على ذوي الدخل المحدود فلابد من اجتزاء تقييمنا وتقديمه بناءً على حالة الأسعار الداخلة في إطار الحاجات الواقعة بدورها ضمن نطاق ذلك الدخل فقط، وهي الأغذية والمشروبات غير الكحولية والملابس والأحذية والسكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى، بالإضافة إلى الصحة والنقل والاتصالات.

ضوابط

وبالمحصلة، لابد من وجود لوائح وضوابط لمراقبة الأسواق والحفاظ على الأسعار بصورة عامة، ضمن تشريع قانوني معنيّ بهذا الشأن، بحيث لا يجوز بأي حال رفع الأسعار الخاصة بأي منتج مهما كانت الظروف الجوية أو الاقتصادية من دون أخذ موافقة خطية من وزارة التجارة الداخلية بعد إقرارها من قبل لجنة حماية المستهلك، وفي حال رغبت أي شركة في رفع أسعار منتج أو أكثر من منتجاتها، يجب عليها الرجوع إلى الوزارة، لتطبيق الإجراءات المتّبعة بهذا الخصوص، على أن يطلب من الشركات توضيح الأسعار الحالية للمنتج المطلوب رفع سعره في السوق، وأسعار المنتجات البديلة المشابهة في الدولة، وتكاليف الإنتاج وميزانية الشركة للسنوات الثلاث السابقة، وذلك على سبيل المثال، علاوة على نسبة الزيادة المطلوبة في الأسعار من قبل الجهة مقدمة الطلب، وكذلك السعر الأساسي للمنتج المطلوب رفع سعره بالمقارنة مع سعره في باقي الدول المجاورة لسورية، وأخيراً بيان يوضح تاريخ آخر عملية رفع للسعر قامت بها هذه الجهة على المنتج المستهدف، على أن يتم بعدها رفع الطلب إلى لجنة حماية المستهلك للنظر في مدى مشروعيته، وتالياً تصدر قرارها بالموافقة على رفع السعر أو رفض الطلب.

وهناك العديد من الإجراءات التسعيرية والرقابية التي يجب فرضها لضبط الأسواق وتحديد آليات سليمة تكبح المخضرمين «تجاراً ومنتجين» من اللعب في الأوقات الضائعة وتحدّ ما أمكن من نزيف دخول المواطنين.

دمشق– سامر حلاس