اقتصاد

نقطة ساخنة

كلٌّ يغني على ليلاه..؟!

نعتقد -نحن معشر الاقتصاديين– جازمين أن أسّ مشكلاتنا التضخمية في أسعار الصرف والسلع والخدمات خلال الأزمة، ناتج وبالمقام الأول عن غياب الفريق الاقتصادي بالحكومة.. التعبير المنسيّ كلياً على ألسنة المسؤولين، وكأن مصطلح “فريق اقتصادي” لم يكن يُتداول قط، رغم تغني حكومات غابرة به على مر ثلاثة عقود من الزمن، لأنه وباختصار كان مساهماً رئيسياً في ما تحقّق من نمو وازدهار اقتصادي واجتماعي وخدمي وخصوصاً خلال العقد الفائت؟!.
إذا عدنا إلى الأحداث والاضطرابات التي شهدتها جمهورية مصر العربية، نستنتج أن سرّ صمودها المالي والنقدي والحافظ لنسبة كبيرة من احتياطياتها من القطع الأجنبي وعدم تجاوز معدل التضخم حاجز 25٪ والبطالة 30%، كان الفريق الاقتصادي، الذي حرصت أية حكومة مُكلّفة على تشكيله مباشرة، لأنها تعي تماماً الضرورة الملحة للتنسيق الإداري والعمل بروح الجماعة ومعرفة التطورات الاقتصادية أولاً بأول، وأن الفريق الاقتصادي في غاية الأهمية وتحديداً في أوقات الأزمات المالية والأمنية والحصار، بهدف الخروج بقرارات صائبة، تداعياتها الإيجابية أكثر من السلبية وتصبّ في مصلحة الاقتصاد الكلي.. ومن مؤشرات النجاح تسديد مصر نحو 750 مليون دولار لصندوق الاتحاد الأوروبي وملياري دولار لدولة قطر خلال العام الماضي.
وبعد أربع سنوات من عمر الأزمة في سورية، وعلى سبيل المثال، لم نسمع بتوصية صادرة عن “المركزي” موجهة لوزارة الصناعة بالعمل على تحديد قائمة بالمهن والحرف التي يمكن تمويلها بهدف تحريك السيولة المصرفية من جهة وتنشيط هذه الأعمال من جهة ثانية، ولم نقرأ تعقيباً واحداً لوزارة المالية على قرار “المركزي” بعدم تسليم الحوالات الخارجية إلا بالليرة السورية.. رغم المنعكسات السلبية التي لا تُحصى وأهمها تدني كتلة التحويلات، وأثرها على الاقتصاد الكلي وعلى سعر الصرف محلياً واستفحال المضاربات، وبالتالي، ارتفاع في معدلات التضخم؟!.
بالنتيجة النهائية، وما نبغي توضيحه هنا، أن وجود فريق أو لجنة اقتصادية مؤلّفة من وزراء أساسيين بالحكومة (الاقتصاد والمالية والتجارة الداخلية والنفط والعمل والشؤون الاجتماعية) إضافة إلى حاكم “المركزي”، على أن يترأس الفريق نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات، كان سيجنّبنا هذا العمل الإداري المشترك من فريق ملمّ بجميع الاختلالات والتداعيات، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو خدمية عبر تصور جزئي وكلي للمنعكسات الراجعة عن تنفيذ أي تعميم وقرار يصدر عن جهة ما.. الوقوع في فخ الركود التضخمي الذي أرهق أصحاب الدخول المحدودة، ومن بطالة عالية دفعت بشريحة واسعة من أبناء الطبقة الوسطى إلى درك الفقراء، واستنزاف مليارات الدولارات من احتياطياتنا الإستراتيجية، كل ذلك نتيجة العمل فرادى على مبدأ كلٌّ يغني على ليلاه، وأرجو ألا أكون أنا.. على ليلي أغني.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com