ثقافة

“أكواريل” الصالات الخاصة بالفن التشكيلي… أول السطر

أكسم طلاع
لم تتراجع الدولة عن دورها في دعم الحركة الفنية التشكيلية ومساندة الفنان التشكيلي ورعاية التجارب الجديدة رغم الأزمة، فقد شهدت دمشق وبعض المحافظات السورية نشاطات فنية تشكيلية خلال السنوات الصعبة الماضية، تنوعت من معارض فردية وجماعية منها للشباب والأطفال إضافة لمجموعة من الملتقيات التي عنت بالتشكيل والنحت، وقد تصدرت الأنشطة التي رعتها وزارة الثقافة بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين القائمة، إذ افتتحت في صالات المراكز الثقافية معظم هذه المعار ض، كما شهدت صالة اتحاد الفنانين التشكيليين “صالة الشعب” العديد منها مستمرة في دورها المسؤول في تقديم المستوى اللائق بالفن التشكيلي السوري، ولا نغفل صالة عرض دار الأسد للثقافة والفنون “أوبرا دمشق” التي استضافت أهم حدث تشكيلي في العام الماضي وهو معرض أعمال الفنانين “الرواد”: نصير شورى، محمود حماد، فاتح المدرس، لؤي كيالي..وغيرهم، في فرصة ثمينة ونادرة التقي  فيها جمهور الشباب وطلبة الفنون الجميلة  ليتعرفوا على بعض كنوز سورية وهويتها  الفنية التشكيلية  التي نفخر بها.
وعلى ضفة موازية شهدنا تراجعا وانكماشا كبيرا في دور الصالات الخاصة التي كانت موضع تقدير وجذب للفنان التشكيلي والمتلقي، فضلا على مقدرتها التسويقية للوحة والمنحوتة وترويجها للفن التشكيلي عموما، حتى أن البعض منها أثناء الأزمة قد أقفل أو ارتحل خارج الحدود، ومع تباشير انتصار الحياة، بدأت تعود هذه الصالات إلى نشاطها المأمول منه أن يكون مبشرا وخلاّقا من خلال سوية العروض ووجهتها، بحيث يكون هذا الجهد الثقافي والاقتصادي معينا للحياة ونافذة تنوير وتواصل حضاري بالفن والجمال مع الآخر، وتتمتع بالمسؤولية الثقافية والمجتمعية، والمأمول أن تستعيد هذه الصالات ألقها ودورها وتبدأ عروضها بسوية تليق وترتقي إلى حضارة وصمود هذا الشعب، وتهتم بمنتج  الفنان السوري أولا، الذي لم يغادر وطنه حاملا حقيبة الخوف مثل الآخرين الذين وقعوا فريسة لاستغلال البعض واستثماراتهم وانحرافاتهم السياسية، بل أصر على ثباته مؤمنا برسالته وبوطنه، يرسم ويدرس في الجامعة والمعهد والمدرسة وينتج جمالا يقاوم فظاعة القتل والتهجير والظلام، هؤلاء هم الأولى بأن نسوق لوحاتهم ومنحوتاتهم لأنهم يستحقون، وما ينتجون من فنون هي أعلى قيمة  بالمعيار من فنون الآخرين القادمين من وراء البحار ومن مغامرات التجريد الجوفاء، ولوحاتهم أجمل من “شخبرات” التغريب التي تتساوق مع الوجوه التي أرهقتها الألوان والابتسامات المغلّفة “بالسولوفان”. فقد أصبح لزاما أن تخضع  عروض هذه الصالات للوصاية الفنية من قبل اتحاد الفنانين ووزارة الثقافة، وحسبي أن هذا ليس رقابة بالمعنى الحرفي بقدر ماهو دعم للحركة الفنية ومرتكزاتها الوطنية، وتعزيزا للهوية التي تعد من أهم خطوط الدفاع عن الحاضر والجميل فينا.