اقتصاد

أمجاد صناعتنا المندثرة

مؤكّد أن خلاص شركاتنا الإنتاجية العامة ممّا ابتليت به من أمراض نخرت مفاصلها، وخاصة تخمتها بالإداريين مقارنة مع العاملين المنتجين، لا يحتاج إلى قرارات إسعافية وترقيعية، بل جذرية واستراتيجية، وذلك عبر إعادة هيكلتها ورفدها بكفاءات تضاهي تلك الموجودة في القطاع الخاص، وإن كان ذلك على حساب التخلي عن دورها الاجتماعي والأبوي، لأن من لا يريد أن يعطي لا يستحق أن يأخذ، وفي النهاية لكل مجتهد نصيب.
نعتقد أن أولى الخطوات الواجب اتخاذها لرفع مستوى شركات قطاعنا العام الاقتصادية تتمثل بضرورة ربط الإنتاجية بالأجر وزيادة الحوافز والمكافآت، بهدف تقليص نسبة العاملين الراغبين بالانتقال إلى العمل الإداري، وأن يعمل القائمون على إدارة القطاع العام الإنتاجي بعقلية القطاع الخاص والاهتمام بالأبحاث والأفكار لتطوير الإنتاج.
يضاف إلى ما سبق عدم اتباع سياسة الأبواب المغلقة أمام الاقتراحات والأفكار التطويرية، والتركيز على الجانب التسويقي لمنتجات هذه الشركات، عبر دراسة السوق بكل تفاصيله والتعرّف على أذواق المستهلكين والزبائن المحتملين، إلى جانب القيام بحملات دعاية وإعلان بشكل مستمر.
كما أن هناك نقطة جوهرية لابد من لحظها ودراستها من الجهات المعنية، تتمحور حول أن العامل يصل إلى مرحلة يصبح ما يتقاضاه من أجر وحوافز، لا يضاهي عطاءه وإنتاجه وخاصة عندما يصل إلى سقف الراتب، وبقيمة ما يتقاضاه يمكن للشركة تعيين ثلاثة موظفين يعطى كل واحد منهم ضعف ما يقدّمه مَنْ تراجع عطاؤه، وبالتالي لا بد من استصدار قانون عمل خاص بالصناعة، بحيث يلحظ قضية تقاعد العامل وفق وضعه الصحي، لأن قانون العمل المطبّق حالياً على الجهات الإنتاجية والخدمية يصلح للثانية دون الأولى، وذلك أن العمل في المصنع يختلف عنه في المكتب، إضافة إلى إعادة النظر بالتأمينات الاجتماعية بالنسبة للعامل بحيث تزداد نسبة ما يدفعه كل من العامل ورب العمل للتأمينات مقابل تخفيض سنوات الخدمة للعامل.
نختم بأن اقتصادنا الوطني كان زاخراً بماركات نتغنى بها في الحاضر بعد أن كانت في الماضي القريب فخراً لقطاعنا العام مثل (بردى – سيرونيكس – بطاريات البرق..الخ)، التي باتت الآن طيّ النسيان، نتيجة طغيان منتجات القطاع الخاص، الذي يعمل بعقلية أكثر ديناميكية وانفتاحاً من نظيره العام.
ألا يستحق قطاعنا العام الذي احتوى شريحة كبيرة من عمالنا إعادة النظر بآليات عمله والشدَّ من أزره والعمل وفق رؤى تكتيكية واستراتيجية، وعبر برامج وآليات تتواءم مع طبيعة ما نحن مقبلون عليه، من نهج اقتصادي عنوانه الرئيس (إعادة الإعمار)، عله يستطيع كسر قاعدة التغنّي هذه فيكون الأبناء خير خلف لخير سلف.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com