ثقافة

فنية القص وجمالية اللغة في جلسة حوارية في الكتاب الفلسطينيين

تستمر الأمانة العامة لاتحاد الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين بعقد لقائها الأدبي الأسبوعي في مقر الأمانة صباح الأربعاء من كلّ أسبوع بمشاركة عدد من الأدباء والمهتمين ،وقد جمع هذا اللقاء بين الشعر والقصة ،حيث شغلت ملامح الأزمة المساحة الأكبر في حين طغت المشاعر الوجدانية والإنسانية في مواضع أخرى ،وتميزت الجلسة باتجاهها نحو النقد أكثر من الإلقاء فكانت أشبه بدائرة حوارية ناقشت مسائل تتعلق بفنية القصّ وجمالية اللغة والسرد المباشر، وأهمية الشعر بكل أنواعه وخاصة الشعر النبطي ومسائل نحوية تطال الأخطاء اللغوية الواردة ،واتفق الجميع على أن الشعر كان الأقدر على مواكبة الحدث وتناول الأزمة بكل انعكاساتها وتبعاتها في حين بقيت القصة بمرتبة التوصيف للحدث ترأس الجلسة الكاتب أحمد جميل الحسن بمشاركة القاص والروائي عدنان كنفاني الذي فاجأ الجميع بحضوره الشعري أيضاً.
بدأت القاصة هدى الجلاب بقراءة قصة “طعم الحديد” وهي إحدى قصص مجموعتها “خارج المدار” وبدت فيها شخصية الكاتبة واضحة باعتمادها على تقنيات السرد والمنولوج باستخدامها ضمير المتكلم ،فجمعت بين الخاص والعام والتماهي ما بين الحاضر واسترجاع الذكريات والمخاوف التي تلازم الإنسان منذ الطفولة ،لتمضي ببوح مشاهداتها من خلال تجوالها بإحدى حارات دمشق وتوقفها عند نوافذها لتنتهي بمشهد الشهيد “سمعت ملائكة السماء نداء أرواح بيضاء فنزلت إلى سطح الأرض المغدورة وحملت الشهيد على بساط مفعم بعبق الحسرة والغار”.
ثم قرأ الأديب عدنان كنفاني لأول مرة نصوصاً من مجموعته الشعرية “قبل أن يشيخ النخيل” الصادرة عن اتحاد كتّاب العرب والتي أهداها إلى “الذين يتناسلون أنساغاً كما النخيل لا يشيخون” ولم تكن بعيدة عن مساراته الأدبية التي تبنت النوازع الإنسانية والقضية الفلسطينية وأجمع الحاضرون على أن عدنان كنفاني الشاعر لايقل أهمية وتألقاً عن حضوره الروائي والقصصي ،ومن خلال قصيدة تاريخ ومسامير نلمح لون الدم والقتل ليبقى العقيق الأبيض هو الحلم المنتظر:
“أبعدني عن قاطع سيف مازال يطاردني/يسبقني/يجتث رقاباً/ينفجرنزيفاً ليغطي كل الصفحات السوداء/وكل مناديل العشق البيضاء/يرتفع ويسقط/يحملني بين حطام الناس ويلقيني ريشة نسر”
كما شارك الأديب أحمد جميل الحسن بقصة إنسانية اجتماعية بعيدة عن أجواء الأزمة تمثل مناجاة حزينة مشحونة بالألم لأب يفقد ابنته الشابة بعد معاناتها من المرض، تميزت القصة بتحقيق التوازن بين المضمون الإنساني وتقنية القصّ الفنية باعتماده على نسج مفردات شعرية وصور بلاغية تتناغم مع عاطفة الأبوة المتأججة بتعدد الأصوات الداخلية ،والملفت في القصة أنها أثارت جدلاً بين الحاضرين حول مرضها الجسدي الذي فتك بها أم مرضها النفسي الذي أدى إلى موتها .”رفع الغطاء عن وجهها أذهلته ابتسامتها ،غاب في تخيلاته ضمها بقوة سمع همساً ،أنا يا أبي ما خطفني الموت إلا لأنني أحب الحياة”
وختمت الشاعرة مليكة محمد الأصبوحة الأدبية بقراءة نصّ من الشعر المقفى بعنوان “نزفك يا شآم”
“سورية ياحبيبتي/يا مهجتي عيوننا لأجلك لاتنام/غرس ذراك شامخة للخلق حباً نزفك شآم”
لكن إبداعها الأكبر كان في الشعر النبطي الذي تجيده ويأتي على شكل حواريات ثنائية وقد تميزت بجرأة الأنثى الطاغية بالإفصاح عن مشاعرها ورغبتها بلقاء حبيبها ،هذا ما عبّرت عنه في عدة قصائد بعنوان “أجيلك” وتمكنت من تحويل القصيدة إلى مشهد تمثيلي يزيد من حالة الشغف. وتبقى جلسة الأربعاء رسالة محبة وتواصل تبثها الكلمة.
مِلده شويكاني