اقتصاد

ما لها وما عليها.. بعد خمسين عاماً على انطلاقتها

تمَّ إحداث جمعية العلوم الاقتصادية السورية عام 1965، وفي هذا العام يكون قد مضى على إحداثها 50 عاماً، أي إنها -وفقاً للمتعارف عليه- من المفترض أن تحتفل بيوبيلها الذهبي.
ومن حقها أن تطلق ذلك على هذه المناسبة، نظراً لنشاطها الفكري الاقتصادي الاجتماعي المتميز جداً، خلال سنيّ إحداثها، وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة، عبر برنامجها الدوري السنوي “الثلاثاء الاقتصادي”، فضلاً عن الأنشطة العرضية التي كانت تقام على شكل ندوات وحلقات بحث وأنشطة أخرى.
وعليه من الجائز أن أقول: إن دورها، وتحديداً في الميدان الاقتصادي، وازى وربما فاق مجمل النشاط الفكري لمجمل المنظمات والنقابات والجمعيات الأهلية رغم أهمية نشاط العديد من المنظمات في أوجه شتى بالغة الأهمية، نظراً لكمية ونوعية الرؤى الاقتصادية الوطنية النيِّرة التي كان يقدِّمها الكثير من المشاركين (محاضرين وحاضرين) بكل جرأة وموضوعية ومصداقية، وخاصة خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
ومن مدعاة فخرها واعتزازها، أن السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد حضر العديد من أنشطتها -خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي- على مدرج المركز الثقافي في المزة، ومدرج مكتبة الأسد، قبل أن يكون رئيساً للجمهورية، وأحياناً كثيرة كان بعض الحضور يستمعون واقفين نظراً لامتلاء كل مقاعد المدرج، حيث كان للإعلام بأنواعه وخاصة المقروء، دور مهم ومشكور في إيصال ما يطرح في الساحة الاقتصادية، ما دفع الكثير من القراء المهتمين إلى متابعة ذلك عبر الإعلام وخاصة من لم تمكّنهم ظروفهم من الحضور، وقد وفَّرت أجواء هذه المحاضرات إبراز الطاقات الفكرية لعدد من الأكاديميين، ما أدَّى إلى تكليفهم بمهام عليا لاحقاً بصفة وزير وما قارب ذلك من مهام.
ولما كان من المجمع عليه أنه في الكثير من المناسبات -وخاصة الأعياد- تقام حفلات بصيغة تتناسب مع الحدث، وانطلاقاً من أهمية ترسيخ وتجذير عطاءات الجمعية -لخمسين سنة مضت- في ميدان الثقافة الاقتصادية، واعتزازاً بأهمية ما سبق وما سيلحق، وضرورة ديمومته، أقترح ضرورة أن يبدأ مجلس إدارة الجمعية في دمشق، وكذا الأمر بالنسبة لفروعها في حلب واللاذقية وطرطوس، بالتحضير المدروس لإقامة احتفال متميز بهذه المناسبة، مع مطلع نيسان، بعد أن توقّف نشاطها جزئياً خلاب السنتين الماضيتين، وخاصة أن كل الآمال معلّقة على أن الأمور إلى انفراج إن شاء الله.
وسيكون من مظاهر الاحتفال المقترح مظهر يكون بمنزلة منتدى فكري اقتصادي لمدة ثلاثة أيام على الأقل، يحاضر فيه مختصون مهتمّون متفهّمون لواقع الاقتصاد الوطني، وترابطه مع الاقتصاد الإقليمي والعربي والدولي، في ظل الحرب العدوانية علينا، وخاصة أنه تبيَّن أن كثيراً من الجهات الرسمية العليا كانت تولي نشاط الجمعية المزيد من الأهمية، أكان ذلك من خلال حضور بعض أصحاب المهام، أم من خلال الاستفادة من الطروحات والعمل بها، أو مناقشتها عند الاقتضاء، وأيضاً حظِي نشاطها باهتمام وتتبُّع كثير من الجهات البحثية والعلمية والتعليمية.
الجدير بالذكر أن مجلس الإدارة كان يطبع مئات النسخ من المحاضرات ويوزعها مجاناً على الحضور، ولاحقاً كان يُعِدّ عشرات النسخ كمجلَّد سنوي يتضمّن مجمل نشاط العام، وما زالت مكتبة الجمعية تختزن مجلدات ونسخاً عن مجمل المحاضرات الفكرية الاقتصادية التي قدَّمها كبار المفكّرين الاقتصاديين تطوُّعاً منهم دون أي مقابل، وكثيراً ما كان يحضر بعضهم من خارج مدينة دمشق، بل من خارج القطر، ليقدّم محاضرته ويعود، وكذا الحال بالنسبة لبعض الحضور المهتمين بالفكر الاقتصادي، وما زالت الساحة الوطنية تعجّ بكثير من الوطنيين الشرفاء المؤهّلين علمياً وعملياً للمساهمة بهذا الاحتفال المنشود، ووسائل إعلامنا –كالمعتاد- جاهزة لتغطيته بكل همّة واهتمام.

عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية