الصفحة الاولىمن الاولى

الرئـيـس الأســد في حوار مع مـجـلة "فـورن أفـيـرز" الأمـريكـيـة: المصالحة تشكل الحل العملي على الأرض.. وننتظر من دي ميستورا أن يأتي بخطة مفصلة وجدول زمني من الألف إلى الياء

نحن في سورية لم نسمح لأي بلد بأن يكون له نفوذ في بلدنا..
ومؤسسات الدولة وحدها الضامنة لتحقيق الاستقرار وفرض النظام
دمشق-البعث-سانا:
شدد السيد الرئيس بشار الأسد على أن أي حرب في أي مكان من العالم تنتهي بحل سياسي، لأن الحرب نفسها ليست الحل، وفنّد سيادته، في مقابلة مع مجلة فورن أفيرز الأميركية نشرته كاملاً أمس، كل الأحاديث عن أن سورية باتت مقسّمة، وقال: لا تستطيع التحدث عن دويلات ما لم تتحدّث عن الناس الذين يعيشون في تلك المناطق، الشعب السوري لا يزال مع وحدة سورية، ولا يزال يدعم الحكومة، وأضاف: القضية الأساسية تتعلّق بالسكان، الذين لا يزالون يدعمون الدولة بصرف النظر عمّا إذا كانوا يدعمونها سياسياً أو لا، إنهم يدعمون الدولة كممثل لوحدة سورية، وطالما ظل الشعب السوري يؤمن بوحدة سورية فإن أي حكومة وأي مسؤول يمكن أن يوحّد سورية، والعكس بالعكس. إذا كان الشعب منقسماً إلى فئتين أو ثلاث فئات أو أكثر، فلا أحد يستطيع أن يوحّد هذا البلد.
منفتحون على أي حوار
مع أي طرف في سورية
ورداً على سؤال حول التحوّل في الموقف الغربي تجاه الأزمة في سورية، والاستعداد للتوصل إلى حل تفاوضي، قال الرئيس الأسد: منذ البداية كنا منفتحين على أي حوار مع أي طرف في سورية، وأنا لا أقصد الأحزاب السياسية فقط، بل أي تيار أو شخصيات أو لنقل أي كيان سياسي، وغيّرنا الدستور.. ونحن منفتحون على كل شيء، لكن عندما ترغب بالقيام بأمر ما فإن ذلك لا يتعلق بالمنصب ولا بالحكومة بل بالسوريين أنفسهم، قد يكون هناك أغلبية في الوسط لا تنتمي إلى أي طرف.. فإذا أردت أن تقوم بأي تغيير أو التوصل إلى أي حل سياسي ينبغي لكل سوري أن يعبّر عن رأيه في ذلك. طالما أنك تتحدّث عن مشكلة وطنية.. بالتالي عندما تجري حواراً فإنه لا يكون فقط بين الحكومة والمعارضة.. بل بين جميع الأحزاب والكيانات السورية، هكذا ننظر إلى عملية الحوار، هذا أولاً. ثانياً: مهما كان الحل الذي ترغب بالتوصل إليه في النهاية فعليك أن تعود إلى الشعب من خلال استفتاء، لأن ذلك سيتعلق بالدستور وبتغيير النظام السياسي، وأي شيء آخر، وبالتالي الشعب السوري هو من يقرر ذلك، وليس أي طرف آخر.
الفصل بين المعارضة الوطنية
وبين شخصيات لا تعدو كونها دمى
ولفت الرئيس الأسد إلى أننا ذاهبون إلى روسيا وسنتفاوض، وتساءل مع من تتفاوض؟!، وأضاف: نحن كحكومة لدينا مؤسسات، ولدينا جيش، ولدينا نفوذ. أما الأشخاص الذين ستتفاوض معهم فمن يمثلون؟!، وتابع: للمعارضة عادة، وفي كل الدول، ممثلون في الإدارة المحلية، في البرلمان، وفي المؤسسات.. ينبغي أن يكون لديها قواعد شعبية تتحدّث هذه المعارضة نيابة عنها. مشكلتنا في الأزمة الراهنة أن علينا أن نسأل عن نفوذ هذه الأطراف على الأرض. عليك أن تعود إلى ما أعلنته الجماعات المسلحة عندما قالت مراراً: إن هذه المعارضة لا تمثلنا ولا نفوذ لها علينا. وعليه ومن الناحية العملية فإذا أردت أن تجري حواراً مثمراً ينبغي لهذا الحوار أن يجري بين الحكومة وهذه الجماعات المسلحة. هذه هي الحقيقة. كما أن هناك عاملاً آخر يتعلق بالنقاش مع المعارضة، فهناك معارضة وطنية، بمعنى أنها تعمل لمصلحة الشعب السوري.. بينما لا يمكن أن تكون معارضة إذا كانت مجرد دمى في أيدي قطر أو السعودية أو أي بلد غربي بما في ذلك الولايات المتحدة.. أو تتلقى أموالاً من الخارج. ينبغي لهذه المعارضة أن تكون سورية. لدينا معارضة وطنية. أنا لا أقصي أحداً ولا أقول: إن كل أطياف المعارضة غير وطنية. ما أقوله هو أنه عندما يجري نقاش ينبغي أن يتم الفصل بين المعارضة الوطنية وبين شخصيات لا تعدو كونها دمى، ليس كل حوار مثمراً.
وشدد الرئيس الأسد على أن الحكومة السورية ستتحاور مع الجميع، وليس لدينا أي شرط، وقال: سنلتقي الجميع، لكن إذا أردت التوصل إلى نتيجة ينبغي أن تسأل كل واحد منهم: من تمثّل؟!.
وحول مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أكد الرئيس الأسد أن الفكرة جيدة جداً، لكنها تعتمد على التفاصيل، وقال: دي ميستورا أتى إلى سورية بعناوين، وافقنا على بعض هذه العناوين، والآن ننتظر أن يأتي بخطة مفصلة وبجدول زمني من الألف إلى الياء، نحن ننتظر ونناقش الأمر مع معاونه.
ما سيجري في موسكو
تحضير لمؤتمر الحوار
ورداً على سؤال حول محادثات موسكو، شدد الرئيس الأسد على أن ما سيجري في موسكو ليس مفاوضات للتوصل إلى حل، بل إنه تحضير للمؤتمر، وتساءل: ما هي المبادئ والأسس التي سيعقد المؤتمر بناءً عليها؟!، وقال بصراحة: بعض الشخصيات دمى في أيدي بلدان أخرى، وهي تنفّذ أجنداتها، ونحن نعلم أن هناك بلداناً، مثل فرنسا على سبيل المثال، لا مصلحة لها بنجاح ذلك المؤتمر، وبالتالي فإنها ستعطي الأوامر بإفشاله.. وهناك شخصيات أخرى لا تمثّل سوى نفسها، إنها لا تمثل أحداً في سورية، وبعضهم لم يعش في سورية على الإطلاق، وبالتالي فإنهم لا يعرفون شيئاً عن البلد. بالطبع هناك شخصيات تعمل من أجل المصلحة الوطنية، وهكذا.. فعندما نتحدّث عن المعارضة ككيان واحد، من سيكون له نفوذ على الآخرين؟!، هذا ليس واضحاً بعد.. التفاؤل كلمة مبالغ فيها، لا أقول إني متشائم.. لنقل: إن لدينا أملاً في أي فعل نقوم به.
وحول إعلان الولايات المتحدة دعمها لمحادثات موسكو، وأملها بأن تنجح وتحقق تقدّماً، قال الرئيس الأسد: إنهم يقولون أشياء كثيرة، لكن الأمر يعتمد على ما سيفعلونه، وأضاف: ثمة انعدام للثقة بين السوريين والولايات المتحدة، وعلينا أن ننتظر ونرى ما سيحدث في المؤتمر.
عمليات المصالحة تشكل
الحل العملي على الأرض
وحول الطريقة المثلى للتوصل إلى اتفاق بين الأطراف في سورية، أكد الرئيس الأسد أنه لا بد من التعامل بشكل مباشر مع المسلحين، وشدد على أن عمليات المصالحة التي بدأناها، والتي سيتابعها السيد دي ميستورا، تشكل الحل العملي على الأرض، وأضاف: ينبغي تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2170، الذي يتعلق بالامتناع عن دعم وتمويل وتسليح “داعش”، والذي صدر قبل عدة أشهر، هذا القرار واضح لجهة منع أي جهة من دعم تلك الفصائل عسكرياً أو مالياً أو لوجستياً، وهو ما لا تزال تركيا والسعودية وقطر تفعله حتى الآن. ما لم يتم تطبيق ذلك القرار، لا تستطيع التحدّث عن حل حقيقي.. لأنهم يستطيعون وضع العقبات طالما يستمرون في دفع الأموال، هكذا نستطيع الشروع في العملية، وتابع: على الدول الغربية سحب هذه المظلة التي كانوا يصفونها، ولا يزال البعض يفعل ذلك حتى الآن، بدعم “المعارضة المعتدلة”، إنهم يعلمون أنه لدينا بشكل أساسي القاعدة و”داعش” و”النصرة”.
وحول إجراءات بناء الثقة قبل المحادثات مع “المعارضة”، قال الرئيس الأسد: المسألة ليست مسألة علاقات شخصية كي نتحدّث عن الثقة، الأمر يتعلق بالآليات، فإذا كانت هناك آليات واضحة يمكن التوصل إلى نتائج، وتساءل سيادته: ما هي الآليات التي نستطيع وضعها، وهذا سيعيدنا إلى السؤال نفسه: من هم هؤلاء، ومن يمثلون، وما هو نفوذهم، وما جدوى بناء الثقة مع أشخاص ليس لهم أي نفوذ؟!، وقال: لدينا شيء ملموس يتمثّل في المصالحات، هم يسلمون سلاحهم، ونحن نمنحهم العفو، فيعودون إلى حياتهم الطبيعية، هذا مثال حقيقي يؤدي إلى بناء الثقة.
ورداً حول سؤال عن دور إيراني متنامي، أكد الرئيس الأسد أن إيران بلد مهم في المنطقة، وقال: إن إيران ليس لديها أي مطامع في سورية، ونحن في سورية لم نسمح لأي بلد بأن يكون له نفوذ في بلدنا، إننا نسمح بالتعاون.. لو أردنا السماح لبلد آخر بأن يمارس نفوذه في بلدنا، لكنا سمحنا للولايات المتحدة بذلك. في الواقع، إن هذه هي مشكلة الولايات المتحدة والغرب بشكل عام، وأوضح أن لعب دور من خلال التعاون يختلف عن لعب دور عن طريق الهيمنة، وشدد على أن كل ما تقوم به إيران في سورية يتمّ بالتعاون الكامل مع الحكومة السورية، هكذا كان الأمر دائماً.
وقال الرئيس الأسد: إن مؤسسات الدولة هي وحدها الضامنة لتحقيق الاستقرار وفرض النظام، أما أي عامل يمكن أن يلعب دوراً بموازاة دور الحكومة فيمكن أن يكون إيجابياً وجيّداً في ظروف معينة، لكن ستكون له دائماً آثار جانبية سلبية، وينبغي محاولة السيطرة على هذه الآثار الجانبية، وشدد على أن الدولة لا تستطيع أن تفي بالتزاماتها حيال المجتمع إذا لم تكن هي الجهة الوحيدة التي تفرض النظام في البلاد، وأضاف: ينبغي أن تعود الأمور إلى الحالة الطبيعية التي كانت سائدة قبل الحرب.
لدى القاعدة قوى جوية
هي القوات الجوية الإسرائيلية
وفي رد على سؤال للمجلة حول الأجندة الحقيقية لإسرائيل في سورية حالياً، قال الرئيس الأسد: إنهم يقدّمون الدعم للجماعات المسلحة في سورية، هذا واضح تماماً، كلما حققنا تقدّماً في مكان ما يقوم الإسرائيليون بالهجوم من أجل التأثير على فعالية الجيش السوري، هذا واضح جداً، ولذلك يسخر بعض السوريين ويقولون: كيف يقال: إن القاعدة لا تمتلك قوى جوية.. في الواقع لديهم قوى جوية هي القوات الجوية الإسرائيلية.
وشدد سيادته على أن كل حكومة ترتكب أخطاء، لكن إذا تحدثنا عن الأخطاء السياسية ينبغي أن نسأل أنفسنا عن القرارات الرئيسية التي اتخذناها منذ بداية الأزمة، وقال: نحن اتخذنا ثلاثة قرارات رئيسية: أولاً: أن نكون منفتحين على أي حوار، وثانياً: غيّرنا الدستور والقوانين، طبقاً لما كان يقوله كثيرون في المعارضة بأن هذا هو سبب الأزمة، والقرار الثالث الدفاع عن بلادنا والدفاع عن أنفسنا ومحاربة الإرهاب، وأضاف: لا أعتقد أنه يمكن وصف هذه القرارات الثلاثة بأنها خاطئة، لكن إذا أردنا التحدّث عن الممارسات فإن أي مسؤول في أي مكان يمكن أن يرتكب الأخطاء، لكن هناك فرق بين أخطاء الممارسة وأخطاء السياسات، وأكد أنه تمت محاسبة المسؤولين عن الأخطاء العملية.
مستعدون للتعاون مع أي دولة
تظهر جدية في محاربة الإرهاب
وحول الهجمات الأمريكية ضد “داعش”، وإمكانية حدوث تعاون أكبر مع الولايات المتحدة، أكد الرئيس الأسد أن الاحتمال موجود دائماً، لأننا كنا نطالب بالتعاون الدولي لمحاربة الإرهاب منذ ثلاثين عاماً، لكن هذا الاحتمال بحاجة للإرادة، وتساءل: هل لدى الولايات المتحدة الإرادة لمحاربة الإرهاب على الأرض؟!، وقال: حتى الآن، لم نر شيئاً ملموساً رغم الهجمات ضد “داعش” في شمال سورية، ما نراه حتى الآن هو مجرد عمليات تجميلية، وليس شيئاً حقيقياً، فمنذ بداية هذه الهجمات و”داعش” تحقق السيطرة على المزيد من الأراضي في سورية والعراق، وأضاف: ليسوا جادين في محاربة الإرهاب.
وأكد الرئيس الأسد أن الأمر لا يتعلق بمزيد من الانخراط من الناحية العسكرية، بل بالانخراط السياسي، وبمدى رغبة الولايات المتحدة بالتأثير في تركيا، وقال: إذا تمكن “داعش” من الاستمرار كل هذه الفترة فإن هذا يعني أن الأتراك مستمرون في تزويده بالسلاح والمال، وتساءل: هل مارست الولايات المتحدة أي ضغوط على تركيا لتتوقف عن دعم القاعدة؟!، وأضاف: لم يفعلوا ذلك..
وتابع سيادته: المسؤولون الأميركيون يقرون علناً بأنه ما لم يكن هناك قوات برية على الأرض لا يمكن تحقيق نتائج ملموسة، وتساءل: ما هوية القوات البرية التي سيعتمدون عليها؟، وشدد على أنها بالتأكيد قوات سورية، لأن هذه أرضنا، وهذا بلدنا، ونحن المسؤولون، وليس القوات الأميركية، نحن لا نطالب بوجود قوات أميركية على الإطلاق.
وحول المطلوب من الولايات المتحدة، قال الرئيس الأسد: الضغط على تركيا والسعودية وقطر كي تتوقف عن دعم الجماعات المسلحة، والتعاون القانوني، والذي يبدأ بالحصول على إذن من حكومتنا لشن هذه الهجمات، وهم لم يفعلوا ذلك، وبالتالي فإن ما يقومون به غير قانوني، وأضاف: نحن مستعدون للتعاون مع أي دولة تظهر جدية في محاربة الإرهاب، ودعا واشنطن لإثبات أن لديها إرادة في محاربة الإرهاب، وقال: نحن نحارب الإرهاب على الأرض، ولا يتوجب علينا إثبات ذلك.
ورداً على سؤال حول تدريب الولايات المتحدة 5000 مقاتل ونيتها إدخالهم إلى سورية في أيار القادم، شدد الرئيس الأسد على أن أي قوات لا تعمل بالتعاون مع الجيش السوري هي قوات غير قانونية وينبغي محاربتها، هذا واضح جداً، وأضاف: دون التعاون مع القوات السورية فهي غير قانونية، وهي دمى في أيدي بلد آخر، وبالتالي ستتم محاربتها كأي ميليشيا غير قانونية أخرى تقاتل ضد الجيش السوري، إلا أن ذلك يطرح سؤالاً آخر حول هذه القوات، لأن أوباما قال: إنها مجرد وهم، فكيف يتحوّل الوهم إلى واقع؟!، وتابع: لا يمكنك تحويل التطرف إلى اعتدال. إن إحضار 5000 مقاتل من الخارج سيجعلهم ينشقون وينضمون إلى “داعش” وتنظيمات أخرى كما حدث خلال العام الماضي، لهذا قلت: إن القضية لا تزال وهماً، ليس المقاتلون الخمسة آلاف، بل الفكرة بحد ذاتها هي الوهم.
الغرب ليس في موقع يؤهله
للحديث عن حقوق الإنسان
وحول الاتهامات بحدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، شدد الرئيس الأسد على أن الإدارة الأمريكية الحالية هي أول إدارة في التاريخ تبني تقييماتها، ومن ثم قراراتها، على وسائط التواصل الاجتماعي، وبالتالي بوسعنا أن نسميها إدارة التواصل الاجتماعي، وقال: هذا لا علاقة له بالسياسة، وأضاف: الولايات المتحدة على وجه الخصوص، والغرب عموماً، ليسوا في موقع يؤهلهم للحديث عن حقوق الإنسان، إنهم مسؤولون عن معظم عمليات القتل الجارية في المنطقة، وخصوصاً الولايات المتحدة بعد احتلالها للعراق، والمملكة المتحدة بعد غزو ليبيا، والوضع في اليمن، وما حدث في مصر من خلال دعم الإخوان المسلمين، والإرهاب في تونس، الولايات المتحدة تسببت في جميع هذه المشاكل، وكانت أول من داس على القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
الشعب السوري أظهر
دعماً متزايداً لحكومته وجيشه
وحول تقييمه للوضع الراهن للحرب، قال الرئيس الأسد: إذا أردت أن تصف ما يحدث فهو ليس حرباً بين بلدين أو بين جيشين، حيث يتقدّم طرف ويخسر الطرف الآخر بعض الأراضي ويريد استردادها، الأمر ليس على هذا النحو. نحن نتحدّث عن مجموعات مسلحة تتسلل إلى مناطق مأهولة بالمدنيين، وبالتالي هناك إرهابيون سوريون يدعمون إرهابيين أجانب، ويساعدونهم على الاختباء بين المدنيين، ومن ثم يشنون ما يوصف بحرب العصابات، هذا هو شكل هذه الحرب.. وبالتالي لا تستطيع أن تنظر إليها من منظور الأرض. وأضاف: في كل حالة أراد الجيش السوري الدخول إلى منطقة معينة نجح في ذلك.. لكن لا يمكن للجيش العربي السوري أن يتواجد في كل كيلومتر من الأراضي السورية، هذا مستحيل.. حققنا بعض التقدّم خلال السنتين الماضيتين، وتابع: إن كل الحروب سيئة لأنها تنطوي على خسائر وعلى دمار، وتساءل: ما هو العامل الذي كسبناه في هذه الحرب، وقال: ما كسبناه هو أن الشعب السوري رفض الإرهابيين، وأظهر دعماً متزايداً لحكومته وجيشه، ولذلك تمكّنا من تحقيق تقدّم، وشدد على أن الحرب تسير في اتجاه إيجابي، إلا أن ذلك لا يعني أننا لا نخسر على المستوى الوطني، لأننا نخسر أرواحاً، ونخسر بنيتنا التحتية، كما أن للحرب آثاراً اجتماعية سيئة للغاية، وأضاف: إذا توقف الدعم الخارجي والإمداد وتجنيد المزيد من الإرهابيين الجدد في سورية لن تكون هناك مشكلة في هزيمتهم، حتى في الوقت الراهن، ليست لدينا مشكلة من الناحية العسكرية، لكن المشكلة أنه لا تزال هناك عمليات إمداد مستمرة بشكل أساسي من تركيا.
ورداً على سؤال عن تحميل أردوغان المسؤولية عمّا يجري، قال الرئيس الأسد: بالتأكيد، لأنه يعتنق إيديولوجيا الإخوان المسلمين التي هي أساس القاعدة، ولأنها كانت أول منظمة إسلامية تروّج للإسلام السياسي العنيف في مطلع القرن العشرين.. إنه يؤمن بقوة بهذه القيم، وهو متعصب جداً، ولهذا السبب فهو يستمر بدعم “داعش”، وبالتالي فهو مسؤول شخصياً عمّا حدث، واعتبر أن مصر والعراق مؤهلة للتعاون في محاربة نفس العدو.
الجيش السوري
موجود في كل زاوية
وحول سيناريو عودة سورية إلى ما قبل الوضع الراهن، أي سورية موحّدة مرة أخرى وغير مقسمة، قال الرئيس الأسد: في الواقع، إذا نظرت إلى الخارطة العسكرية الآن، ترى أن الجيش السوري موجود في كل زاوية، لا أعني أنه موجود في كل مكان، بل إنه موجود في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وما بين هذه الزوايا. وأضاف: لو لم نكن نؤمن كحكومة بسورية موحّدة، وبأنها يمكن أن تعود إلى وضعها السابق، لما كنا أرسلنا الجيش إلى كل تلك الجهات.. ولو لم نكن مؤمنين بذلك كشعب لكنت رأيت سورية مقسّمة وشعبها منقسماً إلى غيتوهات منعزلة على أساس عرقي أو طائفي أو ديني، وطالما لم نصل إلى ذلك الوضع، والناس يعيشون مع بعضهم البعض، والجيش موجود في كل مكان، مع العلم أن الجيش يتكوّن من جميع ألوان الطيف السوري وجميع مكوّنات النسيج الاجتماعي السوري، طالما كل ما سبق موجود في سورية فذلك يعني أننا جميعاً نؤمن بأنه ينبغي أن تعود سورية إلى ما كانت عليه، وأنه ليس لدينا أي خيار آخر.. ولأنها إذا لم تعد إلى ما كانت عليه فإن ذلك سيؤثر في جميع البلدان المحيطة، إنه نسيج واحد.. وسيكون لما يحدّث في سورية أثر الدومينو من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي.
ورداً عن سؤال حول رسالته للرئيس أوباما اليوم، قال الرئيس الأسد: أعتقد أن الأمر الطبيعي هو أن تطلب من أي مسؤول في العالم أن يعمل لمصلحة شعبه، والسؤال الذي يمكن أن أطرحه على أي مواطن أميركي: ما الذي تكسبه كأميركي من دعم الإرهابيين في بلادنا ومنطقتنا؟!، ما الذي كسبته من دعم الإخوان المسلمين قبل بضع سنوات في مصر وبلدان أخرى؟!، ما الذي كسبته من دعم شخص كأردوغان؟!، وأضاف: إن بحث الولايات المتحدة عن مسؤولين دمى ودول زبائنية ليست هي الطريقة المثلى للمحافظة على مصالح بلادكم، أنتم أكبر قوة في العالم اليوم، لديكم الكثير من الأشياء التي يمكن أن تنشروها حول العالم: المعرفة والابتكار وتكنولوجيا المعلومات بآثارها الإيجابية، كيف يمكن أن تكونوا الأفضل في تلك المجالات والأسوأ في المجال السياسي، ثمة تناقض هنا.. وهذا ما أعتقد أن على الشعب الأميركي تحليله ومعرفة أسبابه..
ورداً على سؤال حول شكل السياسة الأميركية الأفضل، قال الرئيس الأسد: المحافظة على الاستقرار في الشرق الأوسط، وسورية هي قلب الشرق الأوسط، وأضاف: إذا مرض الشرق الأوسط سيتزعزع استقرار العالم بأسره.. في عام 1991 عندما بدأنا عملية السلام كان لدينا الكثير من الأمل.. الآن وبعد عشرين عاماً لم تعد الأشياء إلى نقطة الصفر بل إلى ما دون الصفر بكثير.. إذاً فالمطلوب هو المساعدة في تحقيق السلام في المنطقة، ومحاربة الإرهاب، ودعم العلمانية، ومساعدة هذه المنطقة اقتصادياً والمساعدة في رفع سوية العقول والمجتمع كما تفعلون في بلادكم.. هذه هي رسالة الولايات المتحدة المفترضة، وليس شن الحروب.. إن شن الحروب لا يجعل منكم قوة عظمى.