اقتصاد

وزارة التنمية الإدارية بين القدوة والاقتداء

إثر واقع الحال لكثير من الإدارات المشكو رسمياً وشعبياً من ضعف أو خلل أو سوء أدائها، كثيرون يتفهّمون أن وزارة التنمية الإدارية هي المعنية بالخلاص من ذلك، والنهوض إلى حالة تحقيق الطموح المنشود في الوصول إلى سوية إدارية أفضل، تتنامى تدريجياً لتقترب من النموذجية، على مستوى جميع وزارات الدولة، وأيضاً -من المفترض بل المتوجب أن يتحقق ذلك- على مستوى جميع المنظمات السياسية والشعبية والنقابات والاتحادات المهنية والجمعيات الأهلية، بل حتى إدارات القطاع الخاص، نظراً لتداخل عمل جميع هذه الجهات بشكل كبير مع مصلحة الوطن، التي تتحقق بعد أي تنمية إدارية، والجميع يعلِّقون آمالاً كبيرة على الدور المنوط بهذه الوزارة المُحدثة، ولكن الجميع –وتحديداً السيد الوزير- يعي أن المعني ميدانياً بالأمر هو السيد الوزير وفريق عمله، عبر إداراته المركزية والفرعية النامية، التي هي قيد الدراسة والتشكيل في ضوء التشريعات والتعليمات الناظمة لها والمترافقة معها، إذ من المؤكد أن هيكلية وزارة التنمية ستتشكل من إدارات مركزية وفرعية على غرار هيكلية بقية الوزارات.
من المجمع عليه –ولا جدال في ذلك- أن الخلل الإداري التراكمي الذي تعاني منه جميع الوزارات والإدارات القائمة، يتطلب تنمية إدارية، وسيستغرق تحقيق ذلك زمناً متفاوتاً بين وزارة وأخرى، في ضوء حجم القصور والتقصير والخلل الإداري القائم، ومدى الإمكانات اللازمة وحجم المتوفر منها، وموضوعية الإجراءات التي ستتخذ لاستثمار الإمكانات في ضوء الأهداف والطموحات، ومدى أهلية العاملين على اعتماد الإجراءات وتنفيذها، ولكن أليس من الجائز التساؤل: ما دامت وزارة التنمية وزارة محدثة وإداراتها قيد التشكيل، هل سيكون بمقدورها أن تؤسس هيكليتها بسوية إدارية أنموذجية توازي أو تقارب النماذج التي تطمح وتعمل للوصول إليها في الإدارات القائمة، لتكون إداراتها أنموذجاً جديراً بأن يُقتدى به، كإطار عام، وأيضاً ببعض التفصيلات والجزئيات التي من المؤكد أنه من الجائز وبالإمكان أن يتم الاستئناس بها، وإن اختلفت وتباينت أحجامها وأشكالها بين إدارة وأخرى.
من المؤكد أن الجميع ينشدون أن تعمل هذه الوزارة باتجاه ألا يكون لعامليها ميزات تختلف عما هو قائم للعاملين في الإدارات القائمة التي تحتاج إلى التنمية، ما يستوجب أن تبدأ عملها، حيث إن أجر العاملين لديها وتعويضاتهم والميزات الأخرى التي يحصلون عليها والدوام المطلوب منهم الالتزام به، سيكون على غرار ما هو قائم في بقية الإدارات، وأن تعمل أولاً على تحقيق أفضل أداء إداري في إداراتها، وتحسين ذلك تتابعياً في ضوء المستجدات، بالتوازي مع جهودها الحثيثة لتحقيق تنمية وتحسين الأداء الإداري في بقية الإدارات، وأيضاً أن تعمل على تحقيق مكاسب للعاملين في الإدارات الأخرى كدافع وكحاجة لتحسين الأداء الإداري، ومن ثم تعتمد ذلك لمصلحة عمالها، أي أن ينصبّ عمل الوزارة باتجاه أن يرى جميع العاملين في جميع الإدارات الأخرى، أن الأداء الإداري في إداراتها أنموذج جدير بأن يحتذى به، وأنها تعمل بصدق وجدية لأن تكون الأولى في العطاء والثانية في تحقيق المكاسب، ما يؤسِّس لأن تواكب المزيد من التنمية الإدارية المستمرة.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية