ثقافة

الزاهد في الفن عمر حجو لك منا كل الحب

أمينة عباس
يُعتَبَر الفنان عمر حجو أحد رواد الفن الدرامي في سورية ممن أغنوا هذا الفن في مرحلة كان فيها الفن يحبو في خمسينيات القرن الفائت عندما انطلق من على مسارح مدينته حلب ليحلّق في سماء الدراما السورية على مدى السنوات المنصرمة، ولا شكّ أن تجربته المسرحية في مدينة حلب شكّلت المنعطف الأول في حياته الفنية وهو الذي قدم من خلالها أعمالاً ذات طابع وطنيّ تنتقد الاستعمار مما عرّضه لملاحقة السلطات القائمة حينذاك، الأمر الذي دفعه لتقديم أعمال إيمائية يتم التعبير فيها بالإشارة وحركة الجسد عسى أن ينفع ذلك في إيصال ما لم يُتَح له إيصاله عن طريق الكلمة ما يشير إلى الوعي المبكر لدى هذا الفنان العريق إلى أهمية الكلمة والفعل والإيماءة في الفن المسرحيّ وأهمية توظيف هذا الفنّ في خدمة الجمهور وقضاياه.
وباعتبار أن لكل مرحلة زمنية ومهنية متطلباتها شكّل الانتقال إلى مدينة دمشق المنعطف الثاني الهام في مسيرة الفنان عمر حجو، ولكن دون أن ينسى تجربته الحلبية التي أعطته الكثير من الخبرة في كيفية التعامل مع الجمهور ومعرفة ما يريده هذا الجمهور، وما يريده هو من جمهوره فكانت انطلاقة فكرة مسرح الشوك المعتمد على المَشاهد الانتقادية الكوميدية الساخرة التي تنهل مادتها من واقع الناس في الشارع ومكان العمل والبيت، والتي شكّلت فيما بعد الأساس للعديد من التجارب المسرحية والتلفزيونية كفرقة مسرح دبابيس للأخوة قنوع وبرنامج “قصاقيص” التلفزيوني وبرنامج “تلفزيون الساعة” وصولاً إلى سلسلة “مرايا” وسلسلة “بقعة ضوء” .
والواقع أن ما جعل تجربة مسرح الشوك تنتشر على نطاق واسع هو اشتراك مجموعة من النجوم التلفزيونيين في أواخر الستينيات ومطالع السبعينيات فيها، فبالإضافة إلى عمر حجو تواجد في التجربة الفنانون دريد لحام ونهاد قلعي ونبيل خزام وزياد مولوي وياسين بقوش وأحمد أيوب ومحمد العقاد وعبد السلام الطيب ورفيق سبيعي.. وغيرهم.. وكانت مشاركة عروض مسرح الشوك في مهرجان دمشق المسرحي التتويج الحيّ لهذه التجربة، حيث شكّلت تلك المشاركة اعترافاً عربياً بها بعد الاعتراف الأهم وهو اعتراف الجمهور بأهمية هذه التجربة .
الجميع يعرف أن أحلام عمر حجو لم تتوقف في إعادة النبض إلى مسرح الشوك، وهو الذي بذل في السنوات الأخيرة جهوداً في هذا الإطار، نجح بعضها في تقديم عروض مسرحية في مدينة حلب تحاكي مسرح الشوك في أسلوبها وطريقة طرح أفكارها، نتذكرك اليوم أيها الفنان المبدع الزاهد في الفن أكثر من أي يوم آخر وقد بقيتَ بعيداً عن أمراض الشهرة والأضواء فكنتَ متواضعاً كعادة الكبار، وأنت واحد منهم دون أدنى ريب، كما نتذكر مسرحك اليوم أكثر من أي وقت آخر حيث الأشواك أصبحت أكثر في حياتنا.. لك منا كل الحب والدعاء بالشفاء العاجل .