اقتصادتتمات الاولى

صّمام أمان تشريعي ينتظر التفعيل وتوطين هوامش الثقة… مجلس الدولة على طاولة الجدل حول أليات التعاون بين السلطات الثلاث

لا تبدو العلاقة بين السلطة القضائية أو ربما القضاء الإداري والسلطة التنفيذية على أحسن ما يرام. فثمّة مسارا عمل هنا يعتريهما شيء من التضارب، سواء أكان على مستوى وجهات النظر المتعلقة بالمسائل التشريعية والقانونية، أم على مستوى التصنيفات العلمية للنصوص القانونية.
ولعلّ بإمكان أي مراقب أن يرصد حالة عدم الرضا والتوافق بين الطرفين خلال مرحلة دراسة مسودات التشريعات والقوانين التي تُصاغ في أروقة تحتضن ممثلين عن كلا الطرفين، وليس من الصعب التقاط إشارات وملاحظات العاملين في مجلس الدولة – بما يمثله من مفهوم القضاء الإداري في سورية- حول الكثير من التشريعات النافذة التي تغصّ بالثغرات والحيثيات التي تستوجب الاستدراك والتعديل.
الدكتور محمد يوسف الحسين رئيس مجلس الدولة، يرى أن عمل المجلس يكرس كثيراً من الوقت والجهد لمسألة رصد العيوب والنواقص في بعض التشريعات والقوانين، ليخلص من ثم إلى الإشارة إليها عبر التقارير التي يعدّها في هذا الشأن.

لا تزال قصور
هذا الدور يراه الحسين من أهم الأدوار التي يقوم بها المجلس، لكن هذا ما لا يدركه بعضهم أو ربما يتجاهله، رغم أن ثمة أهمية بالغة لهذا الدور الذي من شأنه تطوير وتحديث القوانين بما يتناسب مع الواقع والمستجدات التي تطرأ على المجتمع والدولة، معتبراً أن هذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجلس أيضاً، حيث يمكن القول: إن ثقافة الوعي لهذه المسؤولية لا تزال قاصرة رغم إلحاح الظرف الراهن الذي يستوجب التفاعل باتجاه تحقيق التكامل بين كافة الجهات للوصول إلى بيئة عمل متوازنة.
ويلفت الحسين إلى أن دائرة التشريعات في المجلس معنية بمراقبة تنفيذ التشريعات ورصد مواطن الخطأ فيها بما يساعد الدولة على تحديدها، إلا أن هذه الدائرة لا يمكن أن تأخذ دورها إلا من خلال التعاون والتنسيق مابين مجلس الدولة وبين الدائرة.

تحييد؟!
لكن إلى الآن، يقول الحسين موضحاً: لم يأخذ المجلس دوره كما ينبغي،  وربما ينسحب ذلك على دور المجلس الأعلى للإصلاح الإداري ومراقبة الدولة من الناحية القانونية والقرارات الإدارية والإجراءات ذات الصلة على سبيل المثال، مشيراً إلى أنه كثيراً ما يتمّ وقوف القضاء الإداري بين مؤسسات السلطة التنفيذية وتجاوزاتها وبين متعهد ما، لكن المتعهد ينظر إلى المجلس كجهة حكومية لا يمكنها أن تقدم حلولاً أو إعطاء حقوق، دون أن يغفل الإشارة إلى أن ثمّة الكثير من النصوص التشريعية لا تتناسب مع مصالح الدولة، ومجلس الدولة كقضاء اجتهادي إبداعي غايته تحقيق العدالة.

جفاء
قد يكون من المؤكد أن ثمّة جفاء واضحاً بين أداء مؤسسات السلطة التنفيذية وتجاوزاتها ونصائح مجلس الدولة، ولن يكون من الصعب الحصول من المجلس على ملاحظات كثيرة بصدد الكثير من القوانين والتشريعات النافذة، وقد لا يكون أقلّها نظام العقود الذي ينظر إليه اختصاصيو مجلس الدولة على أنه بوابة خلل تفضي إلى متوالية أخطاء وتجاوزات تؤثر مباشرة على حقوق الدولة ومصالحها لصالح جهات متعاملة، سواء كانت شركات أو مقاولين أو متعهدين محليين أو وكلاء تنفيذ.
استدراك
وهنا يرى أحد الخبراء أن آراء مجلس الدولة -كجهة صاحبة دراية وخبرة- يجب أن تكون خطوطاً عريضة يتوجب الأخذ بها لدى صياغة مسودات الكثير من التشريعات.
لهذا لابد أن يكون ثمّة ممثلون من مجلس الدولة لدى مجلس الشعب في الجلسات التي تجري فيها مناقشة هذه التشريعات قبل إقرارها، ويكون ممثل المجلس هو ممثل الدولة والضامن لحقوقها عبر الحرص على إخراج نص تشريعي متوازن خالٍ من الثغرات، التي تكون أحياناً متعمّدة، وهذا ما نسمّيه دور تفصيل القانونين على قياس جهات وأحياناً أشخاص بعينهم.
ويؤكد الخبير أن ذلك شكل دوامة نزيف لموارد الدولة وبوابات هدر لموجودات الخزينة العامة وموازنات الجهات الحكومية، ولا بد من وضع حدّ يستدرك هذا الخلل سريعاً، ولاسيما أننا الآن بحاجة إلى كل ليرة متاحة في أروقتنا التنفيذية.
دمشق- ميادة حسن