محليات

العلّة ليست في المستوردين

لا يخطئ من يُحمّل المستوردين مسؤولية تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، فهذا الكلام دقيق وصحيح تماماً!.
ولكن بالمقابل يُخطئ أكثر من يُحمّل المستوردين المسؤولية الكاملة عن هذا الانخفاض المستمر في سعر صرف الليرة!.
وإذا كان يحلو لبعض الجهات المسؤولة كوزارتي الاقتصاد والتجارة الداخلية وبعض “المنظّرين” إلقاء المسؤولية على المستوردين ومضاربتهم بالدولار، فإن عليهم الإجابة عن السؤال: من يُموّل مستوردات المستوردين، ومن يسمح لهم بتحويل أرباحهم إلى دولارات؟.
حسناً لنفترض “نظرياً” أن لا علاقة لجهات خارجية بتدهور سعر صرف الليرة، ولا علاقة لتراجع الصادرات الدولارية كالنفط والقطن إلى الحدود الدنيا، وأن العلة كل العلة تكمن في المستوردين ومستورداتهم، فهل تعجز الجهات المعنية عن معالجة هذه العلة التي لا يتأثر بشرورها سوى المواطنين؟!.
وزارة الاقتصاد أدرى بالمستوردين وبمطالبهم، وهي تعلن على الملأ أنهم يحققون أرباحاً فاحشة بالليرات يحوّلونها إلى دولارات يشترونها من السوق السوداء أو من مكاتب الصرافة، متسبّبين بانخفاض سعر صرف الليرة أكثر فأكثر، والسؤال هنا: ما الإجراءات الفعّالة التي اتخذتها وزارة الاقتصاد حتى الآن لإرغام المستوردين على الاحتفاظ بأرباحهم بالليرة وليس بتحويلها إلى دولار؟!.
إذا كانت العلة فعلاً بالمستوردين، وإذا كانت وزارة الاقتصاد عاجزة فعلاً عن إرغامهم على عدم الاتجار والسمسرة بالدولار، فلماذا لا تعيد العمل بمبدأ تمويل المستوردات من دولارات التصدير؟.
وإذا كانت العلة باستبدال أرباح المستوردين بالدولارات من السوق السوداء، فلماذا لا يقوم البنك المركزي بعملية استبدالها بدلاً من ضخ ملايين الدولارات في مكاتب الصرافة التي لا يعلم أحد ماذا يفعلون بها؟.
نذهب أبعد من ذلك ونقول: إذا كانت العلة بالمستوردين، فلماذا لا يقوم المصرف المركزي بتمويل مستوردات مؤسسات التدخل الإيجابي التي تبيع المواد والسلع الأساسية وغير الأساسية للمواطنين؟.
نعم، لماذا لا تسمح الحكومة لهذه المؤسسات بالاستيراد المباشر أو التعامل مع مستوردين محليين أو خارجيين، ويقوم المصرف المركزي بتمويل هذه المستوردات مباشرة؟.
فإذا كانت العلة في قيام المستوردين بتحويل أرباحهم الفاحشة إلى دولارات، فإن مؤسسات التدخل الإيجابي ستحوّل أرباحها إلى خزينة الدولة وبالتالي نتخلّص من المضاربة بالدولار!.
ويبقى السؤال: هل العلّة فعلاً في المستوردين، أم في الإجراءات التي تغري المستوردين بإضعاف القدرة الشرائية لليرة وبتكوين الثروات عبر المتاجرة بالدولار؟.
علي عبود