ثقافة

بعد إنجازها خمسة أفلام قصيرة.. المخرجة إيفا داود: نجحت عبر أفلامي في إيصال رسالتي للعالم

عرّفت المخرجة السورية إيفا داود الحروب على أنها أصعب اللعنات فالجميع فيها خاسر لا محالة مهما كانت النتيجة، وبرأيها إن كان ثمة من الخسائر ما يعوض، فإن ما لا يستطيع أحد أن يعوضه، هو تلك الخسائر التي تصيب الروح، والتي من الصعب أن يغلفها النسيان، مثل خسارة العائلة أو انتكاسة روح وتشوهها. والمخرجة داود خريجة اقتصاد، دخلت عالم السينما لأنه حلم طفولتها الذي تحقق على كبر، فألفت وأخرجت العديد من الأفلام منها “ربيع مر من هنا” هو فيلمها القصير الخامس بعد أفلامها “السندريلا الجديدة” و”في غيابات من أحب” و”لو كنت معي” وحازت  على العديد من الجوائز وأنهت منذ فترة وجيزة فيلمها الأخير “سارق النور” وحول تجربتها السينمائية والرسالة التي تتضمنها لأفلامها كان لـ “البعث” هذه الوقفة مع المخرجة داوود التي قدمت في البداية أفلاماً يعتقد الشخص أنها موجهة للأطفال حسب العناوين التي يتحملها مثل: “سندريلا الجديدة” و”عفريت النبع”، ليجد المتابع أنها ليست إلا أسماء استعارتها لتمزج فيها الحقيقة بالخيال، فهي لم تقدم شيئاً للأطفال، مما شكل حالة من الالتباس، وعن ذلك تقول داود:
“لم أقدم شيئاً للأطفال بعد، وأنا في صدد إعداد كتاب للأطفال ربما سيتم تحويله إلى فيلم طويل بالاتفاق مع شركة للرسوم المتحركة في اليابان، واليوم انتقلت إلى فكرة الحرب دون أن أتناولها بطريقة نشرات الأخبار على مدار الساعة التي تنهك أرواحنا بأخبار الدمار والموت. فالفكرة المقدمة في فيلمي “ربيع مرّ من هنا” منهمك بتوصيل فكرة عميقة عن ما تسرقه الحروب منا، هذه الحرب التي تقتل نسغ الحياة في كل ما تمر عليه، ففيها لا يوجد منتصر، الجميع خاسر ولاسيما الوطن وأطفاله، والمستقبل يسرق”.
أما عن فيلمها الجديد “سارق النور” وطاقمه الإسباني فتؤكد مخرجته أن عنوان “سارق النور” فرضته قصة الفيلم وأحداثه لذلك كان العنوان بوابة للفكرة التي ستدور حولها الأحداث، ولأن شركة الإنتاج بحرينية وإسبانية لذلك كان علي أن اختار التصوير بين بلدين أوربيين أحدهما إسبانيا، وباعتبار أني اخترت هذا البلد فمن الطبيعي أن يكون فريق العمل من نفس البلد”.
وبعد عدة تجارب لأفلام قصيرة، تعمل داود الآن على فيلم طويل ولكنه لن يبصر النور قريباً فتتحدث عنه قائلة:
“أنا بصدد العمل على فيلم طويل، لا أستطيع أن أكشف تفاصيله حالياً لأنها لاتزال قيد النقاش والكتابة، ولن يبصر النور قبل 3 سنوات من الآن، فالعمل على السيناريو سيأخذ وقتاً طويلاً حتى يصبح جاهزاً لدخول عملية التصوير”.
أما السينما فحسب وجهة نظرها تمثل أدوات المخرج ولغته لتقدَم للعالم كله، وليس لشريحة معينة، وأكثر الأفلام التي قامت بإخراجها هي من تأليفها، كونها قادرة على تحديد الرؤية الإخراجية بنفسها، ولم تجد بعد النص المناسب لأي مؤلف آخر لتقوم بإخراجه وعن ذلك تقول:
“إحدى نقاط القوة في وسائلي الإخراجية هي القدرة على توجيه السيناريو ليحاكي العالمية كما هو حال السينما، وحتى اليوم لم أحظ سوى بالنص الذي كتبه الفنان عدنان أبو الشامات الذي حمل عنوان فيلم: “ربيع مر من هنا” وقدمته كأول عمل أخرجه دون أن أكتبه، علماً أني منفتحة على قراءة العديد من السيناريوهات التي قدمت لي، لكني للأسف لم أعثر بعد على ما هو مناسب والذي لازلت في حالة انتظار دائم له”.
وبما أن الحب ملازماً لأعمالها، فهي ترى فيه جوهر كل شيء بشكله الايجابي المعمر أو السلبي المدمر، وكل ما نحن عليه  كأفراد ومجتمعات وكائنات تتنفس، قائم على الحب وتؤكد ذلك قائلةً:
“الحب مفهوم شامل جداً، فمن الطبيعي أن يكون دائماً محور من محاور أي عمل سأقدمه مهما كانت طبيعة القصة التي يحاك عليها السيناريو وأحداث الفيلم الذي يطرح”. وتضيف: “السينما هي المجهر الصادق والعميق جداً لاستخراج كل ما تخبئه العوالم الخاصة والسرية للحالات النفسية للإنسان، لذلك ما تقدمه عين السينما هي تماماً كعمل المجهر المكبر لأي مشكلة من أجل إيجاد المعالجة لها أو حتى للفت الانتباه لوجودها، فالسينما قادرة على تجسيد الحالة النفسية للإنسان”.
وقد نالت أعمال إيفا داود الكثير من الجوائز حتى أطلق البعض على أفلامها صفة “أفلام الجوائز” وعن هذه الجوائز قالت:
“لا يوجد ما يسمى أفلام الجوائز، إنها أفلام استحقت الجوائز بمقاييس سينمائية مختصة جداً لكن عني شخصياً أفضل وأهم جائزة كانت وستبقى هي جائزة الجمهور، فأنا أقدم رسالتي وأفلامي ليس للمختصين بل للناس، ورضاهم عن الفيلم وتلقيهم له سواء بإيجابية أم سلبية هو تماماً ما يشكل البوصلة السينمائية في نهجي”.
وعن الرسائل الموجهة عبر أفلامها حول ما يحدث في سورية، ومدى إمكانية تقبل المشاهد الغربي لها تجيب داود:
“لقد حققت هذه الغاية وكان صدى ماقدمته عبر أفلامي على صعيد الرأي العام العالمي أقوى من تقارير نشرات الأخبار التي يطالعونها يومياً عن بلادنا، مثلاً فيلم “ربيع مرّ من هنا” كان فيلم الافتتاح في مهرجان شيكاغو للسلام على الأرض، لكن تم تصنيفه على أنه فيلم + 18 علما أن الفيلم لا يوجد فيه ولا قطرة دم أو أي مشهد من مشاهد العنف، فسارعت للاستفسار من مدير المهرجان عن سبب تصنيفه بـ+18 فقال: لأنه يحوي على جرعة نفسية مكثفة وعالية من الألم، وورد ذلك أيضاً في مهرجان هوليوود للنساء في السينما وبعد أن شارك فيلمي في المنافسة لديهم، أرسلت لي مديرة المهرجان رسالة تقول لي: إيفا بعدما شاهدنا فيلمك جعلتِ شعر أجسادنا يتخدر، نحن نصلي من أجلكم في سورية. وفي مهرجان آخر في أوربا: خرج الجمهور من الصالة ليصافحوني باليد وقالوا لي: نجحتِ بجعلنا نتذوق مرارة الوجع الذي يمر به السوري في بلدك. كل ما ذكرته من أمثلة إن أكدت على شيء فهي تؤكد على أن فيلمي استطاع أن يوضح تماماً الوجع والانهزام الذي مر على سكان هذه البلدان التي مرّ عليها الربيع المشؤوم.
حوار: جمان بركات