ثقافة

علامة استفهام!

أمينه عباس

يوماً بعد يوم يتزايد اهتمام جمهور وسائل الإعلام السورية، والمقروءة منها على وجه التحديد بالقضايا ذات البعد المحلي المغرق في خصوصيته كالقضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تختلف تفاصيلها من بلد إلى آخر ارتباطاً بطبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات المتشابكة داخل البلد الواحد بحيث تبدو نفس القضايا مختلفة اختلافاً جذرياً في بلدان أخرى وبحاجة إلى مقاربات مختلفة حين يراد طرحها عبر وسائل الإعلام. والواقع إن ارتباط المتلقي بصفحات الصحف التي تطرح هذه القضايا يتزايد أو يتناقص بتذبذب واقع الحال في الشارع، فحين تغدو القضايا الاقتصادية هي الشاغل الأول لاهتمامات هذا الشارع يتزايد الإقبال على الصفحات الاقتصادية والصفحات التي تطرح قضايا محلية، وعندما تطفو ظاهرة اجتماعية ما قد تكون غريبة عن يوميات الشارع المعتادة يتحول الاهتمام إلى هذه القضية وما ماثلها.. وهكذا يختلف مؤشر الاهتمام العام بمثل هذه القضايا باختلاف الوقائع اليومية والأحداث المستجدة.
وبطبيعة الحال يحتاج طرح هكذا قضايا ملتصقة بيوميات المواطن إلى إعلاميين على اطلاع واسع على أدق تفاصيل هذه القضايا حتى تكون معالجتهم لها متكاملة، وبالتالي يكون إيجاد الحلّ لها أمراً أكثر يسراً وسهولة، وهذا الأمر متعلق لا بأسلوب الطرح والمعالجة فقط بل وبالمنبر الذي يتم من خلاله نشر الفكرة، فكلما كان هذا المنبر أكثر انتشاراً كان وقع المادة المنشورة أعظم أثراً.. من هنا تأتي أهمية وسائل إعلامنا المقروءة تحديداً وهي الأكثر انتشاراً اليوم على الصعيد الداخلي من زميلاتها العربية لأسباب متعددة.. وما يهمنا في هذا الإطار هو وضع علامة استفهام كبيرة حول الأسباب التي تدعو بعض الإعلاميين السوريين المتعاملين مع مطبوعات عربية إلى طرح قضايا مغرقة في خصوصيتها السورية في هذه المطبوعات وهم يدركون أن أحداً لن يطّلع عليها لا في البلد المُصدِر للمطبوعة حيث من الطبيعي ألا تهتم الشوارع الأخرى بقضايا شارعنا السوري المغرقة في محليتها، ولا هنا حيث محدودية انتشار هذه المطبوعات يمنع وجود ذاك التأثير المرجو من نشر هكذا مواد. من هنا فإن قيام بعض إعلاميينا بالعمل في وسائل الإعلام العربية المقروءة يعدّ فرصة ثمينة اليوم لنقل ثقافة البلد ووجهه الحضاريّ ودقائق يوميات إنسانه المنتصر على ظروفه المفروضة عليه، وما يحتاجه القارئ العربي اليوم ليعرفه عن بلدنا هو كيف يستطيع الإنسان السوري المبدع أن يتغلب على كافة العوائق التي تقف في وجه إبداعه، ومضيه في دروب الحياة، بدلاً من الاتجار بنواقصه واحتياجاته وهمومه على صفحات صماء لا صدى لها.