ثقافة

في يوم المسرح العالمي كفاح الخوص : تحية للجمهور الذي لم يخذل المسرحيين في هذه الظروف

دعا الفنان كفاح الخوص بمناسبة يوم المسرح العالمي زملاءه المسرحيين إلى عدم التوقف عن العمل مهما كانت المنغصات والصعوبات، كما طالب في حواره مع “البعث” المسؤولين بعدم التقصير اتجاه هذا الفن النبيل والعمل على إيجاد حل لمشاكله الكثيرة من خلال زيادة عدد المسارح وإعادة تأهيل ما هو موجود ووضع الفنان الحقيقي في مكانه المناسب لأن المسرح بحاجة إلى مسرحيين حقيقيين مؤمنين بدوره، معترفاً بأنه ليس متفائلاً لأن كل النداءات التي أطلقها المسرحيون منذ سنوات لم تلقَ صدى عند أي مسؤول، وتساءل: لا أدري إن كان المسؤولون مدركين لأهمية المسرح ودوره ولا سيما في هذه الظروف السياسية الصعبة، منوهاً بأن أي مسؤول يجب أن ينظر إلى أهمية ما قُدِّم وما يجب أن يُقدَّم بحد ذاته لا أن ينظر إليه كنشاط يجب ألا يتوقف.
كما دعا الخوص في هذا اليوم زملاءه لمراجعة الأخطاء وتصويبها، مبيناً أنه يعيد حساباته المسرحية في هذا اليوم ليعرف أين أخطأ هو وزملاؤه المسرحيون وأين أصابوا، وبالتالي فإن هذا اليوم هو وقفة حقيقية له مع الذات ليتابع مسيرته بشكل صحيح، دون أن ينكر أنه ارتكب الكثير من الأخطاء مسرحياً، وهذا أمر طبيعي لمن مازال في خطواته الأولى يمشي في طريق صعب وطويل.

أكتب نصوصاً طازجة
ولإيمانه بأن المسرح هو انعكاس للواقع يحاول الخوص من خلال نصوصه المسرحية أن يقدم –كما أكد- مسرحاً حقيقياً يشبه الناس يتناول فيه مشاكلهم الحالية وهمومهم لأن النصّ –برأيه- يجب أن يكون مواكباً لهذه الهموم، وبالتالي مواكباً لأزمتهم السياسية والاجتماعية التي يمرون بها اليوم، ومن أجل ذلك لا يلجأ إلى المكتبة العالمية ليحكي عن أوجاعنا، بل يكتب نصوصاً طازجة تنهل من هذا الواقع المعاش، مشيراً إلى أن المسرح السوري لا يعاني من مشكلة نص، حيث لدينا كتّاب مسرح حقيقيون إلا أن المشكلة أنها مازالت على رفوف مكتبات أصحابها، لا أحد يعرف بها، ولذلك يطالب الخوص بإقامة معارض خاصة للنصوص المسرحية للتعريف بالنتاج المسرحي المكتوب، وكذلك إقامة مسابقات للنصوص المسرحية لأنها تخلق حافزاً كبيراً للكتابة، ومن ثمّ العمل على طباعة هذه النصوص والترويج لها، مشيراً إلى أنه يملك في مكتبته 26 نصاً مسرحياً كتبها ولا أحد يعرف بها، وهو أيضاً غير قادر على طباعتها، آسفاً لعدم وجود إيمان بالكاتب المسرحي السوري بشكل عام، والشاب بشكل خاص، موضحاً أنه يكتب نصوص أعماله لأنه لا يميل لإعداد النصوص، خاصة وأن الإعداد بالنسبة له يعني المراوحة في المكان ولن يساهم في تطوير عجلة الكتابة المسرحية.

مشروعي تأصيل المسرح السوري
ولأن وجوده في عالم المسرح ليس صدفة بيّن الخوص أن لديه مشروعاً مسرحياً له علاقة بتأصيل المسرح ليشبهنا شكلاً ومضموناً، موضحاً أنه انطلق في أعماله من فكرة الحكاية والحكواتي كظاهرة مسرحية لأن الحكاية –برأيه- هي البوابة الأساسية لتأصيل المسرح السوري.. والحكواتي المعاصر الذي يصر عليه الخوص لا يلبس طربوشاً بل لباس الناس الحاليين ويحكي حكاياتهم اليومية لا حكايات عنترة والزير سالم، مشيراً إلى أنه أنجز في مشروعه هذا عملين هما “حكاية بلاد ما فيها موت” و”في بار بشارع الحمرا” وهو –كما نوّه- مازال في خطا تجريبية يقدمها بين فترة وأخرى ضمن مقاهي باب توما ودمشق القديمة بهدف طرح شكل جديد للحكواتي المعاصر باتجاه إمكانية تحويله مسرحياً. وما بين التمثيل والإخراج والتأليف للمسرح مازال الخوص في مرحلة البحث عن الذات المسرحية، وإن كان يميل إلى كل ما له علاقة بالمسرح إلا أنه بالعموم يميل أكثر إلى التمثيل الذي يجد فيه متعة كبيرة.
ويؤكد الخوص أن تقييم جودة أي عرض مسرحي مازال غير ممكن في الوقت الحالي لأن المسرحيين من كتّاب ومخرجين وممثلين مازال خيالهم محدوداً ضمن التقنيات المتوفرة حالياً في مسارحنا، وهي تقنيات بحاجة إلى تطوير في ظل وجود مسرحَين فقط مؤهلين للعرض المسرحي (الحمراء والقباني) وبإمكانيات تقنية متواضعة تمنع المسرحي من التفكير بتقديم عرض مسرحي مختلف عما يُقدَّم، ولذلك غالباً ما يذهب المسرحيون باتجاه الحلول الفقيرة وعمل شيء من لا شيء في ظل الميزانية الضعيفة والأجور القليلة التي هجَّرت المسرحيين باتجاه التلفزيون، داعياً دار الأسد للثقافة والفنون إلى تسهيل العمل في الدار في ظل شروطها الصعبة (تحديد عشرة أيام للبروفات فقط) خاصة وأن مسارحها مجهزة بتقنيات عالية المستوى، وكذلك تسهيل الدخول إليها تشجيعاً للعمل المسرحي.

“طميمة” قريباً و”المطبخ” مؤجل
وعن جديده المسرحي يؤكد الخوص أنه وبعد الانتهاء من تحضيرات يوم المسرح العالمي سيستعد لتقديم عرضه المسرحي “طميمة” الذي سيدعو من خلاله جميع السوريين للظهور والكفِّ عن الاختباء إما في البيوت أو في الخارج لأن اللعبة انتهت، وانكشفت كل الوجوه والحقائق، وبالتالي ما على السوريين إلا أن يظهروا ويعودوا لحياتهم الطبيعية، ويكفي أن يقوم كل سوري بعمله بكل شرف وأمانة لتعود سورية كما كانت لأن بلدنا قادر على تنظيف نفسه.
أما مسرحية “المطبخ” والتي كان الخوص قد أعلن عنها مراراً فيبيّن أنه مشروع مؤجّل لأن تكاليفها مرتفعة نوعاً ما (عدد كبير من الممثلين وديكور ضخم) وهذا غير ممكن حالياً في ظلّ الظروف الحالية.
وختم الخوص حواره معنا مؤكداً أن مسرحنا بخير لأنه وفي ظل الأزمة لم يتوقف وهذا أمر غاية في الأهمية إلا أن الأهم برأيه أن نقيّم ما قدمناه لأن الاستمرارية في تقديم الأعمال ليست هي الهدف والغاية وإنما جدوى ما يُقدَّم وضروراته.
ويحيي الخوص في هذا اليوم كل الممثلين والمخرجين والفنيين الذين عملوا على الشموع وتحمّلوا برد الشتاء وخطورة الوضع الأمني، مؤكداً أن هذا النشاط كفيل بمسح كل الأخطاء التي وقع فيها المسرحيون لتكون التحية الأكبر برأيه للجمهور السوري، المسرحي بالفطرة الذي لم يخن أي عرض مسرحي وتوافد بكثافة لحضور العروض المسرحية ليؤكد للمسرحيين أنه معهم صامد وقوي.
أمينة عباس