ثقافة

“الملتقى الإعلامي لحماية المرأة من المخاطر خلال الأزمة ” يكرّس أهمية الحد من الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة السورية

الكثير من المعاناة  قاستها المرأة السورية في ظل الأزمة التي يعيشها السوريون بشكل عام والمرأة بشكل خاص منذ أربع سنوات حتى الآن، فهي جزء فاعل في المجتمع يجري عليها ما يجري عليه، لكنها في الأزمات تنال النصيب الأكبر من الأسى والفقد والعنف والاضطراب والتهجير وعدم الأمن والاستقرار، فكانت مرآة انعكست عليها تصدعات مجتمعها بالشكل الأوضح. لذا برزت أهمية التركيز على ضرورة حمايتها مما تتعرض له، وقد طرحت على أرض الواقع مجموعة تساؤلات عن دور المنظمات الشعبية والحكومية وغير الحكومية المعنية للقيام بواجبها تجاه نصف المجتمع، هذه المحاور وغيرها تم تناولها في ندوة “الملتقى الإعلامي لحماية المرأة من المخاطر خلال الأزمة” التي أقامتها لجنة المرأة وحقوق الطفل بالتعاون مع اتحاد الصحفيين فرع دمشق في قاعة سيد قريش في دمشق، حيث تضمنت أوراق العمل مجموعة محاور ابتدأها رئيس اتحاد الصحفيين الياس مراد بالقول: يهدف الملتقى إلى أمرين رئيسيين الأول بلورة صيغ مستقبلية لكيفية معالجة ما تعرضت له المرأة من ظلم وأضرار نتيجة ما حدث في سورية، والثاني: تأمين فرص عمل لمساعدتها، فمسؤولية الدولة مهمة وكبيرة، ولكن تبقى مسؤولية الرجل والمرأة في خيار تربية الأبناء وإعادة بناء الأسرة وتصويب الحياة الاجتماعية والإنتاجية، كي يتعافى المجتمع مجدداً، وتنطلق عجلة البناء السوري في إطار إعادة إعمار العقول قبل البناء، ويضيف مراد: يمكن وضع هواجس المرأة الحالية والمستقبلية مستندة إلى هواجس سابقة في إطار التشريع الذي يتولاه مجلس الشعب فيما يخص القوانين التي تصدر، والتي تراعي خصوصية المرأة في بعض الحالات التي يتم الحديث عنها مثل منح الجنسية السورية للأبناء، لأننا في المجتمع السوري ننظر إلى الرجل والمرأة على أنهما مواطنان حقوقهما  متساوية. ورأى مراد أن عمل هيئة الأسرة للتنمية والسكان ومشاركة السادة في الإعلام هو لخلق وحدة في تصور الجميع باتجاه واحد وهو خدمة المرأة، فهي التي استقبلت الشهداء وكانت تزغرد، فإذا كان ذلك غير مألوف في العالم، فهو مألوف في بلدنا لأن العنوان الأهم هو انتصار البلد ودم الشهداء لا يعادله سوى انتصار سورية.

حماية المرأة في الأزمات
وقدمت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان هديل الأسمر عرضاً ومداخلة عن حماية المرأة في ظل الحروب والنزاعات في عرض تقييمي لتاريخ المرأة السورية التي حققت الكثير من المكاسب، لكن وضعها الاجتماعي في ظل الأزمة الراهنة يتناقض مع وضعها القانوني في الأحوال العادية، خصوصاً قانون الأحوال الشخصية. الأمر الذي يعرضها باستمرار لاحتمال التعرض للعنف حيث أصبح تهديد المرأة بأساليب متعددة واحداً من أدوات الحرب وهذا النوع من الانتهاك بحاجة إلى حماية من نوع خاص وتخضع للقوانين الدولية. وأكدت رئيسة الهيئة:  أن الحكومة السورية حمت على المستوى الوطني المواطنين بشكل عام والنساء والأطفال بشكل خاص ووفرت جميع التسهيلات لممارسة أنشطة الحياة الاعتيادية بطريقة قانونية فاتخذت التدابير والإجراءات المناسبة من خلال التمسك بالقانون الدولي والاتفاقيات الدولية وتعزيز الجهود لحماية النساء والأطفال.

دور مجلس الشعب
وفيما يخص دور مجلس الشعب في تطوير التشريعات بما يتناسب مع المخاطر الجديدة التي أفرزتها الأزمة في سورية تحدثت السيدة وفاء معلا رئيسة لجنة المرأة والطفل بمجلس الشعب السوري قائلة: إن المجلس لازال يأمل بتشريع المزيد من القوانين التي تعنى بالطفولة والأمومة التي تجعل سورية في مصاف الدول المتقدمة في هذا الشأن وإن كنا قد حققنا سابقاً جزءاً كبيراً مما نصبو إليه فخلال سنوات عمر سورية الحديثة حققت المرأة حضوراً مرموقاً على كافة المستويات وحصلت على حقوقها. ورأت معلا أن سورية ماتزال تخطو خطواتها الأولى على هذا الطريق فعدد البرلمانيات اليوم في ازدياد ودورهن في لجان البرلمان فاعل وإيجابي في قضايا المصالحة الوطنية والوقوف على ما يمكن تحقيقه بالتعاون مع الحكومة بكافة وزاراتها، لتشكيل شبكة حماية وخندق دفاع يعيد ترميم المجتمع السوري ومداواة الجراح التي لحقت به، ونوهت معلا إلى أن هذه الورشة تحاول بلسمة جراح المجتمع السوري الذي يجب أن يعود إلى ما كان عليه، فسورية المعجونة بماء الحضارات ودماء الشهداء ستنهض وتستعيد سيرتها التاريخية.

مشاكل وصعوبات
وقدم فرع دمشق لاتحاد الصحفيين خلال الورشة ورقة عمل عن -دور الإعلام في الكشف عن المخاطر وكيفية حماية المرأة والتوعية بأهمية وجود إعلام صديق- حيث أوضحت من خلالها يسرى المصري رئيس فرع دمشق أن هناك نساء سوريات لجأن إلى مراكز الإيواء بسبب ممارسات العنف والتهجير التي مورست عليهن بسبب الإرهاب، وخلال زيارتها لأحد هذه المراكز استمعت إلى أحاديث وقصص تحمل في تفاصيلها الصعوبات والمخاطر التي تعرضت لها المرأة، وبينت الزيارة عدم توافر آليات فاعلة للحماية وعدم وجود رقابة على الأداء. ورأت المصري أنه بغض النظر عن تلك  المشاكل والصعوبات فإن السؤال المهم الذي يطرح نفسه حول دور المنظمات الشعبية والحكومية وغير الحكومية المعنية بشؤون المرأة في التوجيه والإرشاد وحتى الإحصاء وهو غياب لا مبرر له.
إعلام صديق للمرأة
وشددت المصري أن ما نريده وجود إعلام صديق للمرأة يركز على تقديم الدعم الحكومي  بتطوير صورة المرأة في الإعلام، وزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والتدريب والتأهيل  لزيادة الفرص أمام النساء، وتبوّء مراكز صنع القرار وتكريس حرية المرأة، ومساواتها مع الرجل وتقديم الدعم الاقتصادي لها، وتوجيه النساء وتشجيعهن ليكن جزءاً فاعلاً في العملية الإنتاجية وتنقية المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية من الصور النمطية للمرأة، كما تمنت المصري من الهيئة السورية للأسرة والسكان، تشكيل لجان متدربة خاصة بالدعم النفسي وتأهيل اختصاصيين للأطفال ممن يعانون من مشكلات سلوكية وحمايتهم من العنف، وإعادة العمل اليدوي وتفعيله ليكون سنداً اقتصادياً للمرأة، لبث روح القوة فيها وتعزيز دورها في الملتقيات الثقافية والحوارية.

سن القوانين
أما المطلوب من مجلس الشعب -كما ذكرت المصري- فهو مراجعة القوانين بحيث تتوافق مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان، وسن قانون يتيح المشاركة الفاعلة ونشر كافة التشريعات التي تساوي المرأة مع الرجل. واعتبرت المصري أنه لابد من إشراك المرأة السورية في المصالحة والاهتمام بالبحوث والدراسات والمقالات المختصة بحماية المرأة على كافة المستويات. واختتمت الورشة بعدد من التوصيات التي تركز على  حماية المرأة من الانتهاكات ودعمها على كافة المستويات وتكريس دورها الفعال خلال الأزمات.
جمان بركات .لوردا فوزي