ثقافة

دور الإعلام في تعزيز ثقافة المقاومة في ملتقى “المقاومة ثقافة وانتماء” المفتاح: ثقافة المقاومة تعني سلوكاً عاماً يكرس ثقافة الإنتصار

ناقش ملتقى “المقاومة ثقافة وانتماء” في يومه الثاني “دور الإعلام في تعزيز ثقافة المقاومة والحفاظ على هويتها، وقد أكد عضو القيادة القطرية- رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام د.خلف المفتاح على أهمية العمل الجماعي وضرورة تفاعل مختلف وسائل الإعلام على كافة الجبهات، مؤكداً على أن الإعلام  أحد أدوات الحرب .
ووجه المفتاح تحية لأرواح الشهداء وخاصة شهداء الإعلام إذ قال: الشهيد الإعلامي لا يقل أهمية عن الجندي الذي يقاتل في ساحة الميدان ويواجه الإرهاب، وهنا تأتي أهمية القضية الإعلامية في تعزيز ثقافة المقاومة من خلال نقل الانتصارات والمشاهد من الواقع للتعتيم وسد فراغ يمكن أن يستغله الإعلام الإرهابي، الذي يأتي في سياق مشروع متكامل من أجل قلب الحقائق سواء في سورية أو غيرها والتأثير في الرأي العام عبر الصورة ومضمونها، ، وهنا لا بد من التأكيد على ان الآخر يتحرك في مكان فراغنا، ونقاط ضعفنا، وربما في أخطائنا، فكلما عملنا بشكل صحيح في نقل الصورة الحقيقية نساهم في عدم فسح المجال للإعلام المعادي بنشر صوره المزيفة التي يعتبرها أحد أدواته الحربية على سورية.
وبين أن الحرب اليوم تسمى حرب ما بعد الحداثة فهي لم تعد حروباً نمطية في الاتجاه العسكري وإنما حروب لها أدوات غير معروفة، والاستعمار الجديد الذي يحاول استثمار الفارق المعرفي والتقاني وتكريسه في الاستلاب. فثقافة المقاومة تعني سلوكاً عاماً يكرس ثقافة الانتصار وبالتالي كلما أسسنا لهذه الحالة بالمعنى العسكري والثقافي نستطيع أن نوفر الكثير من الدماء والجهد.

الإعلام شريك في صناعة الدولة
ورفضت د.أشواق عباس مصطلح تعزيز الإعلام في الثقافة فتقول لـ “البعث”: إن الإعلام بات مسؤولاً عن صناعة فكر المقاومة بطريقة صحيحة خاصة بين الشباب، لذلك أنا مع بناء توجه إعلامي جديد يعطي الإعلام دوره الحقيقي، دون أن يُسحب منه ليظهر الصورة المرئية فقط ويواجه المجتمع فيها، الإعلام يصنع اليوم شرائح كاملة، وهو شريك في صناعة الدولة كما هو الحال في العالم، فالإعلام هو مرآة الشعب وقد استطعنا بعد أكثر من4 سنوات من الحرب أن نبلور بشكل نهائي ولمرة واحدة ما الذي نريده.
وختمت د. عباس مشاركتها بالقول: لم يعد الإعلام السلطة الرابعة بل أصبح شريكاً في بناء وصناعة الدولة وهنا تكمن خطورة الإعلام، فنحن نمتلك إعلاماً وطنياً يدافع عن الدولة، لكن هذا لا يكفي لأنه حتى الآن لم يأخذ الإعلام مركز الخطوة المتقدمة في الدفاع عن سورية وإنما يأخذ المرتبة الثانية بعد العمليات العسكرية، فالإعلام يستفيد مما ينتجه العسكر في الميدان وهذا شيء خاطئ لاعتبارين الأول من الممكن أن تتأخر نتائج العمليات حتى تصل إلى المتلقي لأسباب أمنية، وبهذه الحالة يصبح المواطن فريسة للوسائل الإعلامية المعادية، وثانياً أن الإعلام هو شريك الجيش ليس فقط في سورية وإنما في كل العالم. وفي النهاية، المقاومة ليست كلمة للتداول وإنما هي مبدأ نؤمن بها وجزء من بنيتنا.

الإعلام أقوى من السياسة
من جهته أكد الإعلامي حسين مرتضى أن الحرب التي تخوضها سورية هي استكمال لحرب تموز 2006، ولأن العدو الصهيوني لم يستطع هزيمة المقاومة في لبنان، وأدرك أن العمود الفقري للمقاومة هي سورية، أراد أن ينقل هذه الحرب إلى الداخل السوري لعله يستطيع تحقيق مالم يحققه في حرب 2006.
وتابع مدير مكتب العالم: في الحروب السابقة كانت السياسة هي التي تصنع الإعلام، لكن الآن الإعلام هو الذي يصنع السياسة والانتصارات حتى من الناحية العسكرية، واليوم وخلال هذه الحرب الإعلامية استطاع الإعلام السوري نقل الصورة الحقيقية عن ما يجري على الساحة العسكرية.
واقترح مرتضى أن يتم التركيز في هذه المرحلة الحرجة على تواجد غرفة عمليات أو مطبخ إعلامي في كل قناة إعلامية، وعلى أهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

سورية وفلسطين قلب واحد
واعتبر الأديب والإعلامي  بسام رجا نفسه ممثلاُ لكل إعلامي فلسطيني شريف يقف مع سورية حيث يرى فلسطين في قلم كل إنسان يقف مع نفسه لافتاً إلى أننا نحمل الإعلام أكثر ما يحتمل، وتساءل: هل الإعلامي يستطيع أن يكون محايداً؟ هل عندما أكون إعلامياً أنقل الخبر فقط بعيداً عن دوري العلمي؟ ويتابع: عندما نقول فلسطين وسورية قلب واحد نعلم أننا نحن وجدنا في هذا البلد كل الدعم، فسورية وقفت إلى جانب فلسطين على الدوام، ونحن أبناء مخيم اليرموك نعتز بأننا عشنا في هذا البلد مكرمين، وكانت ولازالت فلسطين العنوان الرئيسي لسورية، وهي ليست قضية مصلحية بل قضية إستراتيجية. ونوّه الأديب الفلسطيني إلى أن كل عربي فلسطيني يرى في سورية القلعة الأخيرة وصورة المقاومة الفلسطينية تتجلى  في أدبائها وإعلاميها وكل من يقرأ الصورة بشكل جيد يعرف مبنى المؤامرة على سورية.

مصر إلى جانب سورية
وحبها لسورية وعشقها للشام جعل الإعلامية دعاء نصار تحج إلى قاسيون، وأن لا تخلع سوارها الذي يمثل العلم السوري إلا في دمشق، وأن تقدم دمها إلى رجال الجيش العربي السوري. وتؤكد أنها جاءت من مصر لإيصال رسالة للشعب السوري أن المصريين يقفون إلى جانب سورية وقامت بدورها في إيصال الحقيقة بقولها: بما أن الإذاعة والتلفزيون أصبحا في مصر يسلكان طريقة سيئة في تقديم الخبر، خصوصاً بعد اضطراب العديد من وسائل الإعلام، اخترت مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال صورة الواقع السوري الحقيقي، وركزت نصار على التخلص من الطابور الخامس حسب تسميتها وتعني بها المندسين والخلايا النائمة الموجودة داخل وزارة الإعلام ومبنى الإذاعة والتلفزيون، وطالبت بإعداد برنامج بعنوان “هنا دمشق إلى القاهرة” يحاكي الشباب المصري ليعرف أكثر عن ما يحدث في سورية.

أدبٌ خالد
وما تزال المقاومة هي البوصلة التي تعد بميلاد جديد لكل مريد، وما تزال تلهم الظامئين للمجد والساعين للفخر.. كيف لا وهي قوت الشعوب الشريفة وخبزهم اليومي ولذا استمرت المقاومة بوصلة  فعاليات الملتقى الذي اختتم  فعالياته بجلسته المسائية الأخيرة بإدارة الأديب أحمد هلال الذي رأى أن عنوان الجلسة العريض “تجليات ثقافة المقاومة والصمود في الأدب العربي” عنوان لافت بحق خاصة وإن إبداع المقاومة هو الإبداع الباقي فنحن نحرر الوعي بالثقافة، ووعي ذاتها بوصفها لحظة تنوير قصوى مؤكداً أن المدخل الثقافي الإبداعي هو المدخل التأسيسي لوعي المقاومة، وقد ابتدأت الجلسة بمداخلة الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب التي لفت من خلالها إلى أن ثقافة المقاومة هي إعادة بناء الذات العربية وكيف تواجه الأقطار العربية الأزمات، كيف نواجه التهويد من القدس إلى غزة، ذاكراً التعريف الذي أطلقه بنفسه على الثقافة فهي كل ما يدخل الذهن الإنساني ويتحول إلى نسق وسلوك وبعد ذلك يتم الحكم على الثقافة سواء كانت إيجابية أو سلبية. مشيراً أن المقاومة بوصفها سلوك حقيقي يتجسد  في الأرض لها عدة أشكال فهي عسكرية وإعلامية وتقنية، وكذلك أدبية. منوهاً إلى أنه عندما تجعل المقاومة في صميم الأدب فأنت ترتقي بأجمل مكوناتها لأن الأدب هو الذي يشكل وجدان الأمة، مبيناً الفرق بين أشكال المقاومة المختلفة وبين المقاومة في الأدب فالأخيرة – من وجهة نظر جمعة – هي خالدة وباقية ولا تنتهي، وأشار إلى بعض رموز المقاومة في الأدب أمثال غسان كنفاني عمر أبو ريشة ،عمر الفرا وغيرهم معتبراً أن الكلمة تقاوم كما الرصاصة وأن الأدب المقاوم هو أدب بنّاء.

مهمل ومنسي
وحملت مداخلة الروائي حسن حميد رنة الحزن وصبغة التشاؤم إذ يقول: بعد أن كانت دُور النشر تتسابق على طباعة أدب المقاومة انفضت عنه اليوم، ولم يعد يستقبلها أحد ورأى أن الحال مزرٍ ومؤسفٍ فلم يعد هناك من يكتب عن المقاومة أو يهاجم العدو الإسرائيلي وحتى من يحاول الكتابة تتم محاربته، فهم لا يريدون أن نتحدث عن الحقائق، كما أن حركة ترجمة الأدب المقاوم قليلة ولم يعد هناك من مهتمين. لافتاً إلى أن الإعلام الناطق بالعربية كله خاضع لعدم التعرض للمقاومة، لذا اعتبر أن إقامة ملتقى للمقاومة حدث نادر، لكنه في نفس الوقت لم يستغرب هكذا خطوة في بلد عريق كسورية فيها المقاومة حياة وتربية وخبز لكل سوري، وتطرق حميد لذكر بعض إعلام المقاومة  كعز الدين القسام وجول جمال وسواهم وأكد أنه يجب أن نستمر بكتابة أدب مقاوم  سواء عن المقاومة السورية أو الفلسطينية أو اللبنانية أو في العراق.

حمام الشآم
واختتمت الجلسة بمداخلة الشاعر خالد أبو خالد الذي رأى أنه كلما قاتلنا أكثر كلما أصبحنا أقوى معتبراً أنه منذ بداية ما تعرضت له سورية من غزو للعقول ومظاهرات وإرهاب وحتى اللحظة أصبحت سورية أقوى بكثير، فنحن شعب وأمة قررت أن تنتصر وأن توفر عوامل الانتصار لحظة بعد لحظة مؤكداً أنه على كل مواطن أن يثق بمن يقاتل في أرض المعركة لأنه يملك المعطيات وبعد ذلك ألقى أبو خالد الجزء الأول من قصيدته “شآم” التي يعتبر أنها حققت شرط الأدب المقاوم بأن تذهب للناس وتكون معهم وتصبح جزءاً من وجدانهم وتقول القصيدة:
يا حمام الشآم الذي لا ينام..يا حمام البيوت التي لا تموت..شفق أو غسق
سوف تأتي الغيوم بأمطارها..حين تأتي بمواعيدها..سوسن أو حبق
أحب الشآم التي أيقظتني مآذنها..أرجحتني كنائسها..
وصحوت على موطني…موطني.
لوردا فوزي- جمان بركات