ثقافة

في مجلس عزاء الشهيد خالد الأسعد: العطار: استهداف الشهيد الأسعد جريمة تستهدف الحضارة والثقافة المفتاح: الجريمة تأتي في خانة المعركة بين الفكر التكفيري الظلامي وبين الحضارة الإنسانية

في قلب متحف دمشق الوطني الجامع للآثار السورية وفي قاعته الشامية احتشد حضور رسمي وثقافي للمشاركة في مجلس العزاء الذي أقامته وزارة الثقافة لروح الشهيد عالم الآثار خالد الأسعد الذي قام تنظيم داعش الإرهابي بإعدامه بقطع رأسه في ساحة المتحف الوطني في تدمر مؤخراً.
وأكدت نائب رئيس الجهورية الدكتورة نجاح العطار على الدور الكبير والجهود الشخصية لعالم الآثار الشهيد خالد الأسعد في أظهار الجمالية الفائقة لآثار مدينة تدمر، لاسيما أنه كان يقوم برفع الأعمدة بطرق تقليدية قبل أن تصل الآليات والأدوات الحديثة, مشيرة إلى أن تصفية الشهيد الأسعد هي جريمة بشعة تستهدف الحضارة والثقافة.
ولفتت العطار إلى أن الإرهابيين جاؤوا إلى تدمر هذه الأرض الطاهرة  ليفعلوا جرائمهم القذرة بحق الحضارة والثقافة، مع العلم أن العالم يشهد لهذه الحضارة ويعرف قيمتها، لكنه يلتزم الصمت ولا يحرك ساكناً، فهو لا يسمع ولايريد أن يسمع بما يفعله الإجرام التفكيري بوحشية لا مثيل لها، وكأن الأمر لا يعنيه بل على العكس هناك من يمول ويدعم هذا الإرهاب ويحرّضه لأنهم يريدون أن تسير الحياة على الشكل الذي يريدونه, معتبرة أن أرواح الشهداء تملأ حياتنا بعطر التضحيات في سبيل الدفاع عن الوطن.
واعتبر عضو القيادة القطرية رئيس مكتب الإعداد الرفيق د. خلف المفتاح أن استشهاد الباحث الأسعد خسارة لسورية وللإرث الثقافي والحضاري، وللذاكرة التاريخية التي يمتلكها الشهيد, مؤكداً أن هذه الجريمة البشعة هي جريمة بحق الإنسانية تعكس طبيعية المعركة مابين الفكر التكفيري الظلامي وثقافته الإرهابية وبين الحضارة الإنسانية العميقة المتجذرة في الشعب السوري, داعياً إلى ضرورة اتخاذ موقف عالمي  للتصدي لأدوات هذا الفكر التكفيري ولابد من تحمّل العالم والمنظمات الدولية ومنها اليونسكو مسؤولياته في حماية الحضارات وثقافة الشعوب وتقديم الدعم  للدولة السورية والجيش العربي السوري الذي يدافع عن الحضارة والثقافة الإنسانية السورية.
من جهته  أكد وزير الثقافة عصام خليل أن العاملين في وزارة الثقافة لاسيما في الآثار والمتاحف مصممون على المضي على نهج الشهيد الباحث خالد الأسعد حيث بذل دمه وحياته في سبيل حضارة وثقافة الوطن, مشيراً إلى أن الساحة التي شهدت هذه الجريمة الحاقدة ستظل مشعلاً مضيئاً بأعمال الشهيد وبصماته التي لن تنسى للأبد، لافتاً إلى أننا سنكون على موعد في ساحة الشهيد الأسعد لنعلن النصر المؤزر على هذا الإرهاب التكفيري.
واعتبر خليل أن شهادة الباحث الأسعد هي جزء من التضحيات التي قدمها الشعب السوري في وجه هذا الإرهاب الغاشم التكفيري القادم بمشروع ظلامي وضد كل ما هو خير ونبيل في هذا الوجود, لكننا مصممون على النصر بفضل بطولات الجيش العربي السوري والقيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد, ناقلاً تعازي السيد الرئيس بشار الأسد لأهل الشهيد ومواساته لهم في هذا المصاب الأليم.
كما أدان السفير الإيراني بدمشق محمد رضا رؤوف شيباني هذا العمل البشع الذي ارتكبه الإرهابيون التكفيريون، مؤكداً وقوف إيران مجدداً إلى جانب الشعب السوري في كل المجالات، معربا في الوقت نفسه عن أمله بتحالف كل الدول وأحرار العالم مع الشعب السوري لمواجهة الإرهاب التكفيري في المنطقة الذي يستهدف استقرارها وأمنها. وأعرب السفير شيبانى عن أسفه لأن بعض الدول لا تميز العدو من الصديق في هذه المنطقة، متمنياً أن تعيد هذه الدول النظر في سياستها الداعمة للإرهابيين والتكفيريين، وان تكون في صف واحد ضدهم.
بدوره أوضح الدكتور مأمون عبد الكريم مدير الآثار والمتاحف في تصريح لـ”البعث” أن  ما جرى بحق العلاّمة خالد الأسعد يأتي ضمن نهج قتل العلماء والمفكرين والباحثين لاسيما أن الشهيد رفض المساومة والخروج من تدمر وهو من قال “ولدت وسأموت في تدمر”، وأكد أن استهداف الشهيد الأسعد سيكون قناة جامعة لكل السوريون في مواجهة الإرهاب التكفيري الظلامي.
وروى عمر الأسعد نجل الشهيد تفاصيل اختطاف والده وجريمة إعدامه فقال: قامت عناصر من تنظيم داعش الإرهابي في 23 تموز الماضي باعتقال والدي من بيتنا في مساكن الطيبة شمال شرق تدمر، مدعين أنهم سيوجهون إليه عدة أسئلة ثم سيفرجون عنه ورفضوا رجاءنا لهم بأن يخلوا سبيله نظرا لوضعه الصحي ولسنه الكبير، وخلال فترة اعتقاله التي امتدت 25 يوماً لم يسمحوا لنا برؤيته ولم نكن نعلم عن ظروف سجنه. وأضاف: قالوا لنا سنخضع أباكم لما يسمونها دورة استتابة لأن فكره النير المعتدل لم يكن يتناسب مع أفكارهم المتطرفة ومع حلول 18 آب الجاري أقدموا على جريمة إعدامه ثم احتفظوا بجثمانه ورفضوا أن يسلموه لنا لنقوم بدفنه، مؤكداً أن أباه كان رجلاً متواضعاً محباً للخير وللعمل وللناس، وعندما استشهد خيم الحزن الشديد على أرجاء مدينة تدمر.
وتم خلال جلسة العزاء عرض صور من مسيرة الشهيد الأسعد خلال عمله بترميم الآثار في تدمر ومراحل من ترميم المسرح المكشوف وطريق الأعمدة ولقائه وتكريمه من قبل شخصيات دولية.
حضر مجلس العزاء الرفاق أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي يوسف الأحمد رئيس مكتب التنظيم والدكتور خلف المفتاح رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام والدكتور عبد الناصر شفيع رئيس مكتب الفلاحين وأركان الشوفي رئيس مكتب التربية والطلائع وعبد المعطي مشلب رئيس مكتب المنظمات الشعبية والنقابات المهنية إضافة إلى وزيري الثقافة السابقين الدكتورة لبانة مشوح والدكتور محمود السيد وأعضاء الهيئة التدريسية في قسم الآثار بجامعة دمشق وعدد من الباحثين الأثريين وأصدقاء الشهيد.

دمشق- علي حسون