ثقافة

إطلالات في غير مكانها

أمينة عباس
لا يختلف اثنان على الدور المحوري الذي يمكن لوسائل الإعلام أن تقوم به، والتلفزيون في المقدمة منها، في دعم الحركة الفنية من خلال تسليط الضوء على نشاطات الفنانين وأعمالهم بهدف تعريف الناس بها وبهم، خاصة إذا كانوا يخطون خطواتهم الأولى في عالم الفن، والواقع أن هناك نظريات عديدة في إلقاء الضوء على الفنانين إلى درجة تحوّل هذا الفعل إلى صناعة بحيث أصبح الحديث عادياً عن صناعة الفنان أو صناعة النجم وهو أمر تقف وراءه وسائل إعلام مكرّسة لهذا الهدف ولأسباب تجارية بحتة. صحيح أن القائمين على هذه الصناعة قد يعانون الأمرّين في صناعة النجم-الفنان، لكنهم في المقابل يحصدون الكثير على الصعيد المادي حين يتحوّل الموضوع إلى نوع من أنواع الاحتكار.
هذه الصناعة ربما كانت منتشرة في الغرب أكثر من انتشارها في بلادنا العربية التي مازالت تعتقد أن كبت المواهب والقضاء عليها أكثر جدوى من إلقاء الضوء عليها وتقديمها، لذلك من النادر أن يلمع اسم ما إلّا بعد سنوات من الجهد والتعب الشخصي أو بفضل ضربة حظ تنقل صاحبها من عالم إلى عالم آخر، فضاؤه الانتشار والشهرة والنجومية.
وبطبيعة الحال تقوم الفضائيات العربية بأدوار فعالة في هذا الإطار حينما تقدّم الفنانين الجدد وتبرزهم من خلال اللقاءات التي تجريها معهم سواء أثناء قيامهم بالتحضير لأعمالهم الفنية أو بعد عرض هذه الأعمال وهو أمر تُشكَر هذه الفضائيات عليه، ولكن حسن النية دائماً لا يأتي بنتائج محمودة إذا لم يقترن بحسن التحضير لطبيعة الحوار الذي سيدور بين الإعلامي والفنان الشاب تحديداً، إذ كثيراً ما تطالعنا حوارات مع فنانين شباب لا تتناسب طبيعة ما قدموه من تجارب محدودة ومعدودة مع طبيعة الأسئلة التي تطرح عليهم وكأنهم فنانون مخضرمون، كأن يُسأل الفنان مثلاً عن تقييمه لتجارب بحاجة إلى متخصصين كي يقيّموها أو أن يُسأل فنان شاباً آخر عن مدى طموحه لبلوغ العالمية وهو ما زال في بداية الدرب. ثمة استعجال وتسرّع لا ريب فيهما عند العديد من معدّي ومقدّمي البرامج بحيث تتحول برامجهم الحوارية إلى نوع من الكوميديا التي يحار فيها المشاهد، هل الهدف من هذا الحوار مع هذا الفنان الشاب خدمته والترويج له، أم السخرية منه ووضعه في مكان ليس مكانه وظرف بعيد تماماً عما ينبغي أن يكون فيه.